في عام 1984 نشر كاتب يهودي من أصول مصرية يدعى كليمنت ليبوفيتش روايته الوحيدة، التي قدم لها بتوطئة قال فيها إن الأطباء قد أمهلوه عاماً واحدا قبل أن يموت، وخلال ذلك العام قام ليبوفيتش بكتابة تلك الرواية اليتيمة "مذكرات الله" باحثاً في محتواها عن مدلولات الحياة والموت وأهمية وجود الإنسان والفناء والحياة ما بعد الموت.
البعض قد يرى في القصة إلحاداً مطلقاً فيما سيرى البعض الآخر مضامين فلسفية عميقة وإيماناً من نوع إيمان المتصوفة، فيما سيأخذها البعض من وجهة نظر سياسية لها مدلولات تحاكي واقعنا المعاش.
الرواية المكتوبة باللغة الإنجليزية ولا توجد لها ترجمة عربية تحكي قصة رجل اعتقد أنه "الله" فأدخل إلى مستشفى المجانين حيث اختفى فجأة هو وزميله الذي يتشارك معه الغرفة، ولم يعرف أحدٌ كيف اختفيا، في حين تم العثور على أوراق كتب عليها "مذكرات الله"، تحكي قصة الخلق ومحاكمة الخالق وعلاقة الله بالإنسان وعلاقة الانسان بالرسل، وإلى ما كل ذلك من أمر الرب والعبد وأولي الأمر.
الإسقاطات والإحالات التي تحيلُ إليها الرواية كثيرة، وقد تؤشر في أكثر من موضع إلى كيف أن الألوهية مربوطة بشمولية القدرة والفردانية، لذلك كان الكثير من الملوك والحكام من قبيل الفراعنة يعتقدون أنهم آلهة، وأن مصدرة سلطتهم ديني، "الله" يسمع صوتاً يقول له في أذنه في ص 23 "إنك تحاول أن تكون كلي القدرة"، وهي احدى التهم التي وجهت إليه إلى جانب تهم أخرى من قبيل الاعتقاد بأنه "الإله" الوحيد، وأن لا آلهة غيره، وهو الأمر الذي أطلق يده على عبده، لأن لا سلطة لتحد السلطة، فهو مطلق الصلاحيات.
من الفصول المهمة في الرواية الجزء الرابع من الفصل الأول حيث يخضع "الله" للمحاسبة من قبل آلهة آخرين، هذا الفصل يصل نهايته بمواجهة الحقائق وأهمها التهمة الأولى الموجهة إلى بطل الرواية المجنون وهي اتهامه بالفشل في تقديم صورة مناسبة وكافية عن الألوهية بسبب تراجع قدراته المعرفية" وهي تهمة تعني الفشل، الفشل في تقديم المقدرة على إدارة الأمور بالشكل الصحيح، والفشل ذاته لصيق للكثيرين، من القيادات والحكام أو الرؤساء أو الملوك والذين ما زالوا يعتبرون أنفسهم فوق الله، فظلوا يفشلون ويكررون الفشل، لدرجة أنهم فشلوا في الاعتراف بفشلهم.