في التاسعة والعشرين
في غرفته الضيقة
بلا نوافذ ..
ولا أصدقاء...
ليس ثمة أحد يأبه
لما يحدث
داخل راسه المتشظي
على الجدار
مرات عديدة،
في التاسعة والعشرين
صار قلبه أثقل
مما يحتمل رجلٌ وحيد،
كل القطارات التي مرت خلال نومه
كل الحيوانات التي دخلت جراحه المفتوحة
كل النساء اللائي أحببنه بقسوة
كل القصائد التي حفرها
بأظافره الدامية
في لحم الهواء
وكل الأشباح التي رافقته
طيلة حياته،
لم تستطع أن تجعل فمه
يزهرُ بكلمة إضافية واحدة ..
كان هناك
يجلس بصمت
خلف مكتبه ..
الفراشات تغادر جسده ..
وهو يستحيل
شيئا
فشيئا
إلى حجر أزرق كبير !
------
كجرادةٍ وحيدة
في مواجهة العاصفة
تبذل كل ما بوسعك
لتحتفظ بغصنٍ
تستند إليه
عندما تتداعى الأشياءُ
ويمضي العالمُ
بخفّيه الموحلين
بعيدا جدا
تاركاً الريح
لتثقب وحدتك طويلا
مثل ناي
وتجرّ الطبيعة
من شعرها إلى الهاوية !
--------
البارحة قتلتُ أخي
وأخذني الغرابُ إلى القبر،
اليوم قتلتُ الغرابَ
وأخذتهُ إلى قبره،
غداً أقتلُ نفسي
ولا يأخذني إلى قبري أحد ..!
---------
ستدخلُ عاملةُ التنظيف الغرفةَ
في العاشرة صباحاً كالعادة،
ستفتحُ الستائرَ
وتغيِّرُ أغطيةَ السرير
وتضعُ وردةً جديدةً في المزهرية
وتمرّ بمكنستها الطويلة
على الحَمّام، فالجدرانِ، فالأرضيّةِ....
ثم تلقي نظرةَ رضىً أخيرةً
على كل شيء ...
وتغادر ...
دون أن تنتبهَ للرجل
الذي يتدلّى من السقفِ
مثل استغاثةٍ صامتةٍ
وقد ملأ وجهَهُ الذّعر !