الأربعاء  27 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

منظمة التحرير بين العبث والحرص/ بقلم: نهاد أبو غوش

2017-03-07 11:01:14 AM
منظمة التحرير بين العبث والحرص/ بقلم: نهاد أبو غوش
نهاد أبو غوش

 

من الأخطاء الكارثية التي ارتكبتها بعض الحركات السياسية، عدم تمييزها بين الوطن ونظام الحكم، وبين الدولة والحاكم. فكانت معارضتها، وكذلك عنفها موجّهين للبلد، لا للطبقة الحاكمة والنظام السياسي. وقعت في ذلك حركة الإخوان المسلمين في مصر، وكثير من فصائل المعارضة السورية، على سبيل المثال لا الحصر، والذي دفع الثمن في الحالين هو الشعب ومصالحه الآنية والمستقبلية.

 

ويجري معنا نحن الفلسطينيين أمر مماثل، على الرغم من أن وطننا محتل، وتجمعات شعبنا مشتتة، وحركتنا السياسية ممزقة ومنقسمة على نفسها، ومع ذلك نجد من يطعن في رمز وحدتنا، أي في منظمة التحرير الفلسطينية، ويشكك في جدوى بقائها، بل يتجاسر البعض بالدعوة إلى دفنها وإهالة التراب عليها، وإيجاد بدائل لها سواء كانت بدائل لفظية، كالقول أن البديل هو المقاومة والكفاح المسلح، أو أطرا وهياكل يجري تصميمها لهذه الغاية.

 

ولن يجد أي محلل موضوعي، أو وطني حريص، صعوبة تذكر في تعداد مثالب منظمة التحرير، أو تشخيص جوانب الخلل والقصور في أدائها وأداء دوائرها ومؤسساتها، بدءا من احتواء المنظمة من قبل السلطة، مرورا بالتكلس والترهل وغياب الحياة الديمقراطية وصولا إلى انعدام التجديد في هيئاتها القيادية، واحتكار هذه الهيئات من قبل الجيل المؤسس للثورة ومنظمة التحرير مع تغييب قطاع الشباب وما يميزه من حماس وحيوية.

 

أما غير الحريص على المنظمة ورمزيتها، أو من كان أسيرا لأجندات إقليمية على حساب الوطنية الفلسطينية، فلن يتعب نفسه في تعداد النواقص والثغرات، وسيكتفي بإطلاق الوصفات الجاهزة، وربما تساعده الشواهد اليومية والتطورات على تعزيز حكمه المسبق، مرددا أحكامه القطعية مع كل خطوة ملتبسة بأن المنظمة قد انتهى عهدها منذ عقود، حين اعتمدت البرنامج المرحلي وتخلت عن ثلاثة أرباع فلسطين تارة، وحين أبرمت اتفاق أوسلو تارة أخرى، وأحيانا يجري استخدام وقائع أقل شأنا كاعتقال معارض، أو اتخاذ قرار إداري إشكالي، للنطق بحكم الخيانة العظمى والدعوة لإعدام المنظمة.

 

ومما يؤسف له أن المنظمة ومؤسساتها وقادتها، مقصرون في بيان وتوضيح الأهمية التاريخية لمنظمة التحرير في حياة الشعب الفلسطيني، فعلاوة على الاعتراف بها كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني في كل أماكن تواجده، من قبل أكثر من مئة دولة، ومن كل المنظمات الدولية والإقليمية، ومن قبل الشعب الفلسطيني نفسه قبل هؤلاء، فإنه لولا وجود منظمة التحرير الفلسطينية لتبددت وحدة الشعب الفلسطيني، وتحول إلى تجمعات سكانية يخضع كل منها لظروف الإقليم الذي يعيش فيه. ولتحولت الحقوق الوطنية في العودة وتقرير المصير والدولة الفلسطينية إلى مجرد أحلام ورغبات طوباوية، وحلت محلها المطالب المدنية والإنسانية الخاصة بكل تجمع، فيصبح مطلب تخفيف الحواجز وزيادة أعداد تصاريح العمل في إسرائيل أهم مطلب لسكان الضفة، وكذلك الأمر بالنسبة لكمية المحروقات والكهرباء وفتح معبر رفح لقطاع غزة، وإدخال مواد البناء لعين الحلوة والرشيدية، ومخططات البناء الهيكلي لشعبنا في الداخل، أما قضايا القدس واللاجئين والاستيطان والدولة فلها الله جلت قدرته.

 

العبث بالصفة التمثيلية لمنظمة التحرير الفلسطينية لعبة خطيرة لا تخدم سوى دولة الاحتلال، وقد تخدم جزئيا بعض المصالح الإقليمية التي لا تريد من الفلسطينيين أكثر من أن يكونوا حطبا في أتون طموحاتها، لكن العابثين لن يردعهم مجرد إسداء النصح والإرشاد بالطبع، وإنما استنهاض همم الحريصين على المصالح الوطنية العليا لإصلاح حال المنظمة وتطويرها وإعادة الاعتبار لها ولدورها.