الحدث - محمد ماجد
اضطر الشاب عبد الرحمن العاصي (22 عاما) وفريقه إلى أن يمارسوا رياضتهم المفضلة "الباركور" عبر الفقز على أنقاض المنازل، بسبب عدم وجود أماكن ترفيهية واسعة في القطاع تناسب تلك الرياضة.
ولا يشعر العاصي بالارتياح عند ممارسته لرياضته المفضلة على أنقاض البيوت التي دمرتها الحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة، ففي تلك المنازل قضى أحبة وأصدقاء له.
يقول العاصي، في حديث مع "الأناضول" "نظرا لعدم وجود أماكن لعب وممارسة رياضتنا المفضلة ذهبنا للمنازل المدمرة لخلو غزة من المساحة الواسعة".
ويضيف "لا نشعر بالارتياح عند ممارسة رياضتنا المفضلة على ركام المنازل المدمرة فهناك المئات ممن استشهدوا تحت هذا الركام".
ومضى قائلا "نحن نصور تدريباتنا وننشر الصور على مواقع التواصل الاجتماعي لنوصل لكل من يشاهدها عبر العالم حجم المعاناة التي يعيشها الفلسطينيون في غزة بعد أن دمرت إسرائيل منازلهم وشردت أطفالهم ونساءهم".
ودمرت حرب الـ(51) يوماً على غزة، 9 آلاف منزل بشكل كامل، و8 آلاف منزل بشكل جزئي، وفق إحصائيات لوزارة الأشغال العامة والإسكان الفلسطينية.
ويعرب العاصي عن خشيته من تعرض فريقه لخطر الموت في حال سقوط أحد المباني المدمرة بشكل جزئي عليهم أثناء التدريب.
ويشير إلى أن كثيرين عارضوا فكرة ممارسة "الباركور" على تلك المباني المتضررة وذلك خشية على اللاعبين من انهيارها أثناء تواجدهم فيها.
"والباركور" رياضة حديثة، كان أول ظهور لها في فرنسا عام 2002، وتعتمد على خفة الحركة وسرعة البديهة والمهارة، وتعرف بأنها رياضة تخطي الحواجز والانتقال من نقطة إلى أخرى بسرعة باستخدام القدرات البدنية والحركية.
وبدأ فريق باركور غزة تدريباته منذ سنوات قليلة مضت، وسط ظروف قاسية جراء الحصار المفروض على القطاع منذ العام 2007، كغياب النوادي والمدربين وعدم القدرة على التواصل مع اللاعبين في الخارج.
ويعتمد الفريق في التدريب الذاتي على مشاهداته على موقع التواصل الشهير "يوتيوب"، وبعض مشاهد الأفلام السينمائية.
ويمثل الفضاء المفتوح والمباني المدمرة بفعل القصف الإسرائيلي الذي استهدفها في الحرب الأخيرة على غزة والمباني قيد الإنشاء والأماكن المرتفعة ساحة للفريق الغزي ليمارس تدريباته عليها.
من جانبه، يقول خالد داوود (21 عاما)، وهو أحد أعضاء فريق الباركو، "قررت أن أعيش بعيدا عن واقع قطاع غزة الممتلئ بالآلام، والمفعم بالأحزان، وأن أجعل لنفسي عالما خاصا قوامه رياضة الباركور".
ويضيف "نحن لم نجد مكانا آخر نمارس تدريباتنا عليه إلا أنقاض البيوت المدمرة، فقطاع غزة يفتقد للنوادي التدريبية بفعل الحصار الإسرائيلي".
ويعاني قطاع غزة، الذي يقطنه نحو 1.9 مليون نسمة ويعتبر من أعلى الكثافات السكانية في العالم، من إغلاق المعابر وحصار إسرائيلي شديد منذ فوز حماس في الانتخابات التشريعية بداية عام 2006، حيث فرضت حصاراً مشدداً، وشددته عقب سيطرة الحركة على قطاع غزة في يونيو/ حزيران 2007؛ الأمر الذي أثر على جميع نواحي الحياة في القطاع، بما فيها الرياضة.
وتأثرت الكثير من الرياضات في غزة جراء الحصار الإسرائيلي، الذي تسبب في عدم توفر الإمكانيات والمعدات اللازمة لها.
ويشير داوود إلى أن ممارسته لرياضته على أنقاض المنازل التي دمرتها الحرب ما هي سوى رسالة لإسرائيل أنه "مهما دمرت في القطاع سيظل الفلسطينيون يحبون الحياة، ويواصلون لعبهم حتى فوق ركام الحرب".
الأناضول