الحدث- القدس
بات الانتشار الكثيف لدوريات شرطة الإحتلال، مشهد يومي في بلدتي شعفاط وبيت حنينا، شمالي القدس الشرقية، وبموازاة ذلك عمليات رشق الحجارة.
ولا تقتصر هذه الظاهرة على هاتين البلدتين فقط، وإنما امتدت منذ شهر يوليو/تموز الماضي إلى كل أحياء المدينة التي يعيش فيها ما يزيد عن 370 ألف فلسطيني.
ويقول وزير شؤون القدس، عدنان الحسيني، ، لوكالة الأناضول، إن "عمليات رشق الحجارة هي رد فعل على ممارسات الشرطة الإسرائيلية ضد الفلسطينيين في المدينة، فعندما تستخدم قوات الاحتلال قنابل الصوت، والقنابل المسيلة للدموع، والرصاص المطاطي، فإن من الطبيعي أن يرد الناس بما هو متوفر لديهم وهي الحجارة".
وكان حادث اختطاف مستوطنين إسرائيليين للفتى محمد أبو خضير (16 عاماً) من أمام منزله في بلدة شعفاط، فجر الثاني من يوليو/تموز الماضي، قبل قتله بإحراق جسده، قد فجر مواجهات عنيفة بين المقدسيين وقوات الإحتلال في أحياء المدينة، لتكتسب زخماً إضافياً بعد الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، في السابع من الشهر نفسه.
ولكن ثمة ارتباط ما بين عمليات رشق الحجارة في أحياء القدس الشرقية، والاقتحامات الإسرائيلية للمسجد الأقصى المبارك بالمدينة، ومنع الشبان من الصلاة في المسجد.
وفي هذا الصدد، يقول الحسيني، "ثمة ارتباط واضح بين الاقتحامات الإسرائيلية للمسجد الأقصى وبين استمرار حوادث رشق الحجارة، وإذا ما أرادت إسرائيل وقفها فإن عليها إنهاء احتلالها للمدينة، ووقف استفزازاتها في المسجد".
جهاز الشاباك، من جهته يقول، إنه بمقابل 11 حادثاً وقع في القدس الشرقية خلال شهر يونيو/حزيران الماضي، فإن 83 حادثاً وقع في المدينة في يوليو/تموز التالي.
وبحسب التقرير الشهري الذي نشره (الشاباك) على موقعه الإلكتروني، فإن هذه الأحداث "شملت 77 عملية إلقاء زجاجات حارقة، و5 عمليات زرع عبوات ناسفة، وعملية إطلاق نار واحدة".
ولم يتضمن التقرير عمليات رشق الحجارة.
من جهته، يذكر مستشار شؤون القدس في الرئاسة أحمد الرويضي، في حديث مع الأناضول، أنه "فقط في القدس، من بين باقي المناطق الفلسطينية سواء في الضفة الغربية أو قطاع غزة، فإن عمليات رشق الحجارة ما زالت مستمرة حتى الآن".
وكان رئيس بلدية الاحتلال في القدس نير بركات، وصف حوادث رشق الحجارة في المدينة، بـ"الانتفاضة الصامتة"، كما نقلت عنه وسائل إعلام إسرائيلية.
وتعيد حوادث رشق الحجارة في المدينة إلى الأذهان، الانتفاضة الفلسطينية الأولى التي بدأت في ديسمبر/كانون أول 1987، واستمرت عدة سنوات، حيث يستخدم الشبان الملثمون الحجر والمقلاع اللذين كانا من أهم الأدوات التي يستخدمونها للدفاع عن أنفسهم، ومقاومة الإحتلال عندما يدخل للأزقة والشوراع بالعربات العسكرية، إلى جانب استخدامهم الإطارات، وحاويات النفايات الكبيرة لإغلاق الشوارع التي تقع فيها المواجهات.
وليست للمواجهات التي تشهدها مدينة القدس صفة فصائلية، حيث يكتفي الشبان الملثمون برشق الحجارة، أو الزجاجات الفارغة، والمفرقعات النارية على قوات الإحتلال دون رفع رايات فصائل فلسطينية، أو ترديد شعارات قد تشير إلى فصيل معين، إذ يكتفون بترديد "الله أكبر".
ورفض شبان فلسطينيون الحديث بأسمائهم الصريحة عن عمليات رشق الحجارة، خشية الملاحقة من قبل قوات الإحتلال، ولكنهم أشاروا إلى أنهم يعبرون من خلالها عن رفضهم لممارسات الإحتلال في المدينة بشكل عام، وضد المسجد الأقصى بشكل خاص.
وتسببت هذه "الانتفاضة الصامتة" بردود فعل غاضبة في إسرائيل، كان أبرزها ما صدر عن رئيس حكومة الإحتلال في القدس، بنيامين نتنياهو .
ففي السابع من أغسطس/آب الماضي، عقد نتنياهو، جلسة خاصة لتقييم الوضع في المدينة شارك فيها وزير الأمن الداخلي لحكومة الإحتلال، يتسحاق أهرونوفيتش، ورئيس بلدية الإحتلال في القدس، والمفتش العام لشرطة الإحتلال، يوحنان دانينو، وقائد محافظة القدس في شرطة الإحتلال، اللواء يوسي بارينتي، ورئيس (الشاباك)، يورام كوهين، والمستشار القانوني لحكومة الإحتلال، المحامي يهودا فاينشتيان.
بدوره، قال مدير نادي الأسير في القدس موسى قوس، إن "عمليات الاعتقال في المدينة منذ شهر يوليو/تموز الماضي تكاد تكون غير مسبوقة".
وأوضح قوس أنه "منذ شهر يوليو/تموز الماضي، تم اعتقال ما يزيد عن 700 فلسطيني في القدس الشرقية، وهذا رقم غير مسبوق أخذاً بعين الاعتبار الفترة الزمنية التي نتحدث عنها وهي 3 أشهر ".
وأضاف "هناك معتقلون قاصرون، ولكن الغالبية من المعتقلين تتراوح أعمارهم ما بين 17 عاماً إلى 22 عاماً".
ويتفاوت اتساع ظاهرة رشق الحجارة من يوم إلى آخر، ولكن عادة ما تشمل عدة أحياء في الأيام التي يشهد فيها المسجد الأقصى توتراً إثر عمليات إقتحام قوات الإحتلال .
وتكاد عمليات رشق الحجارة تكون محدودة في الأيام التي يسود فيه الهدوء ساحات المسجد الاقصى.