الحدث الثقافي
تنصح الفنانة التشكيلية الفلسطينية المقيمة في نيويورك سامية حلبي الفنانين الشبان العرب الطموحين باستقاء إلهامهم بأنفسهم سواء من الناس العاديين أو الوثائق التاريخية وتفادي "أكاذيب" الإعلام.
واستقت حلبي التي اشتهرت بلوحاتها التجريدية إلهامها من المصدرين لمشروعها السياسي بوضوح وهو سلسلة لوحات توثق مجزرة كفر قاسم الفلسطينية التي نفذتها الشرطة الإسرائيلية في عام 1956.
وإلى جانب اللوحات أقامت حلبي معرضا منفصلا للوحات التجريدية متعددة الألوان يحمل اسم (فضاءات مضيئة) بجاليري أيام في إطار معرض آرت دبي الفني.
وقالت لرويترز "أنا بأنصح الرسامين الصغار في البلدان العربية وبلدان أخرى مثلنا اللي هي عندها مشاكل... محكومة من ناحية الإمبريالية وعندها مشاكل سياسية ومالية واقتصادية واجتماعية اللي هي بتيجي من وراها الصعوبات إنه ينتبهوا للتاريخ. ينتبهوا للتفاصيل. وما يمشوا مع الإعلام الموجود إنه إيش هي القصة لأنه فيه كذب كثير."
وأضافت "يهتموا بإيش فيه حواليهم. وينتبهوا للمجتمع تبعهم إيش الأهداف الموجودة بالمجتمع تبعهم. ما يوقفوا ضد المجتمع. خصوصي ما يقفوا ضد الطبقة العاملة."
جاء مشروع كفر قاسم نتيجة زيارة قامت بها حلبي للقرية في عام 1999 وشهدت هذه القرية مجزرة يوم 29 أكتوبر تشرين الأول عام 1956 قتلت خلالها الشرطة الإسرائيلية 48 شخصا وجنينا واحدا. وأكثر من نصف القتلى كانوا نساء وأطفالا.
وكان الضحايا في طريق العودة من العمل عبر الحدود بين إسرائيل والأردن دون أن يعلموا أنهم ينتهكون حظر تجول عسكريا أعلن عشية الحرب مع مصر.
واعتذر الرئيس الإسرائيلي الراحل شمعون بيريس رسميا عن هذه المذبحة في عام 2007.
وتقول حلبي إنها بدأت ترسم عن تجربتها ومع الوقت أدركت أنها تجربة مهمة للغاية. ولم تكتف بالرسم فقط وإنما أجرت مقابلات أيضا مع القرويين وبحثت عن وثائق.
والكتاب الذي ظهر في نوفمبر تشرين ويحمل اسم (رسم مذبحة كفر قاسم) هو أكثر من مجموعة لوحات حيث خصص الكثير منه لمقابلات مع الناجين.
وقالت حلبي عن الكتاب "أولا المشروع بدأ في 1999 لما أخذتني واحدة من بنات كفر قاسم إنه أزور كفر قاسم وأزور عيلتها (أُسرتها) وعرفتني ع أصحابها وبديت أرسم. مع مرور الوقت لقيت الموضوع كثير مهم فوسعت المشروع وصرت أرسم أكثر وصرت أعمل مقابلات وأحكي مع أهل كفر قاسم وأطلب أي مجلة أو معلومة موجودة عن المجزرة."
وأضافت "بعدين بديت أفكر إنه لازم أخلص الموضوع المشروع عمل كتاب. فالكتاب طلع والرسومات اللي موجودة بهذا المعرض كلهن صاروا بألفين واتناشر (2012) والرسمة اللي وراي كمان الكبيرة صارت بألفين واحداشر وألفين واتناشر. والكتاب هو مقسم لثلاث أجزاء. آخر جزء مهم جدا اللي هو تقريبا نص كلمات الكتاب هو المقابلات مع اللي نجوا من المجزرة."
إذاً كيف اتسق هذا الاهتمام السياسي مع الأعمال التجريدية الأكثر شهرة لفنانة ولدت في القدس في عام 1936 لكنها غادرت موطنها بعد قيام إسرائيل في عام 1948 وانتقلت للحياة في الولايات المتحدة؟
تقول سامية حلبي "فلسطين كثير موجودة بحياتي. بس لما تسألني فين موجودة بلوحاتي؟ هي موجودة مش إنه عم بأرسم باللوحات التجريدية عن فلسطين بس بتشوف فلسطين بالعناوين."
وتابعت قائلة "بس كمان أثرت عليَ من ناحية إنه خلتني أكون منتبهة سياسيا للأمام. وهذا يأخذني إنه أفكر إيش هو الفن؟ وإيش أهم فن صار بالقرن العشرين؟ وأي نوع من الفن اللي بدي أنا أنتمي له. عشان هيك أنا بآخذ التجريد لأنه هذا فن متفائل.. فن المستقبل. مش إن هو فن عن الماضي."
وسامية حلبي ناشطة أيضا في مجال الدراسات الأكاديمية بالولايات المتحدة حيث تُحاضر في عدة جامعات في أنحاء الولايات المتحدة منها نحو عشر سنوات أمضتها كأستاذ مشارك في كلية ييل للفنون عندما أصبحت أول امرأة تشغل هذا المنصب في تلك الكلية.
المصدر: روتيرز