في الغرفة، في المستشفى الحكومي، كان باسل مرتاحا.
يلتف الجميع حول جسدك يا باسل، كأنهم يحيطون بجسد الملك يريدون حمله إلى العرش.
الفخر في أعين الممرضين؛ هذا يُلفك بالعلم، وذاك يلفك بالكوفيه، آخرٌ يضع وسادة تحت رأسك، آخر يتأكد أن جسدك في مكانه الصحيح، أحدهم يقبل وجهك. وكأن لسان حال كل واحدٍ منهم يريد أن يقول لك إنه فعل شيئا لأجلك، لأنك فعلت الكثيرَ لأجلنا.
لله وجهك الذي صدق
لله جسدك الذي نطق
ليت لنا مثل يومك
ليت لنا مثل أصدقائك
ليت لنا مثل من يحبونك
ليت لنا غيظ أعدائك
ليت لنا حكاية أولئك الذين لونوا المشهد من حولك:
شابٌ على عكاز يهتف وينزل المنحدر نحو المقبرة ويصعده يهتف ويلهث ويظل يهتف لأجلك.
أهالي القرية الذين خرجوا على أبواب منازلهم وفوق أسطحها ينظرون إليك نظرةً أخيرة
نضال الذي مد لي وللمارين شربة ماء وقال تفضلي يا أختي
أمٌ في منزل الشهيد تترك طفلتها تبكي وتقول: في اللي أهم منك هلأ
أبوك الذي صاح من كثرة الناس حولك: يا ناس ارحموني والله لهلأ لسة ما شفته
الصحفي الذي يصلي أمام شاحنة البث المباشر
أحدهم يمازح اثنين آخرين: انتوا من فتح شو امشيكم بين الجبهة الشعبيية
الشباب الذين ستظل تعيشُ فيهم
أجنبية تقول: ما أحببتُه في هذه الجنازة أن كل الأعلام كانت فلسطينية.
أمك التي قبلتُ يدها مرتين وقلتُ لها: ادعي لهذه البلاد، لأن دعوة أم الشهيد لا ترد
فقالت: الله يصلح حالها.