الإثنين  25 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

فاينانشيال تايمز: وصفة لإصلاح عالم الأعمال العربي

2014-10-21 08:31:59 AM
فاينانشيال تايمز: وصفة لإصلاح عالم الأعمال العربي
صورة ارشيفية

الحدث- فاينانشل تايمز

الدور الذي لعبه قطاع الشركات في الانتفاضات المؤيدة للديمقراطية في العالم العربي كان صغيراً جداً. كما أن هذا القطاع لم يساهم سوى بشكل قليل في التنويع التكنولوجي الضعيف في الدول العربية الفقيرة، والذي تقوده الشركات المملوكة للدولة في دول الخليج الغنية. وقد خلق هذا القطاع أيضاً القليل من الوظائف المنتجة وجيدة الأجر، على نقيض مما حققته الأعمال التجارية في معظم المناطق الناشئة الأخرى.
 
وتعكس بيانات الاستطلاعات الدور القيادي الاقتصادي والاجتماعي المحدود لقطاع الأعمال العربي؛ حيث تشير استطلاعات غالوب إلى أن العرب لديهم احترام كبير لريادة الأعمال على هذا النحو، ومع ذلك، ووفقاً لاستطلاع القيم العالمية، 20 في المائة من العرب في دول مجلس التعاون الخليجي الذين شملهم الاستطلاع بين عامي 2010 و2012 ليس لديهم “أي ثقة على الإطلاق” في الشركات الكبيرة، مقارنةً بـ 10 في المائة في بقية العالم.
 
وأكثر الناس يعتقدون أن قطاع الشركات العربية يحتاج لزيادة مساهمته في التنمية الوطنية. إذاً، ما الذي يمنعه من فعل ذلك؟ هناك نوعان من العوامل الحاسمة والمرتبطة ارتباطاً وثيقاً هنا، وهي موقفه الضعيف أمام الدولة، ودوره المحدود في سوق العمل.
 
أجزاء هامة من قطاع الأعمال لا تزال تعتمد على الدولة من خلال الحماية البيروقراطية الرسمية وغير الرسمية، وتظهر استطلاعات الرأي للبنك الدولي أن 9.6 في المائة من المدراء وأصحاب الأعمال العرب يعتبرون أن الفساد هو العقبة الرئيسية أمامهم، وهذه النسبة أعلى من أي منطقة أخرى.
 
والبيروقراطية هي أخف إلى حد ما في الأنظمة الملكية العربية التي لم يسبق لها أن مرت من خلال مرحلة التأميم. إلا أن أصحاب المشاريع لا زالوا يشتكون من الأنظمة التعسفية حتى في دول مجلس التعاون الخليجي التي تتمتع بإدارة جيدة نسبياً.
 
ولا يزال المصنعون العرب، بشكل خاص، يعتمدون على دعم الطاقة الذي تقدمه الدولة؛ حيث يقدر صندوق النقد الدولي أن حصة دعم الطاقة في الناتج المحلي الإجمالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وصلت إلى 8.6 في المائة لعام 2011، وهذا أعلى بـ 12 مرة من المتوسط ​​العالمي. وبالتالي، ينحاز الإنتاج نحو السلع منخفضة التقنية وكثيفة الاستهلاك للطاقة.
 
ولكن، وفي أسواق العمل تحديداً، تصبح العواقب الاجتماعية والسياسية لضعف القطاع الخاص أكثر وضوحاً. قليل من العرب لديهم وظائف جيدة الأجر في القطاع الخاص. وبدلاً من ذلك، أعداد كبيرة منهم إما يعملون لشركات الدولة أو بعقد منخفض الأجر وغير آمن في القطاع غير الرسمي.
وفي دول مجلس التعاون الخليجي، معظم المواطنين يعملون لحساب الحكومة، وحتى في البلدان الفقيرة، مثل الأردن ومصر، تمثل فرص التوظيف في القطاع الحكومي نحو ربع فرص العمل. وبالنظر إلى تقديرات صندوق النقد الدولي لحجم القطاع غير الرسمي في اقتصادات الدول العربية غير الخليجية، نجد أنه يتراوح بين 25 إلى 45 في المائة.
 
ولوائح سوق العمل هي عامل مهم في تحجيم خلق فرص عمل عالية الجودة. القواعد التي تهدف إلى حماية العمال من الفصل تخلق في كثير من الأحيان رادعاً يمنع التوظيف، وبالتالي تمنع الشركات من النمو. العديد من المواطنين ليس لهم مصلحة في ازدهار قطاع أعمال لا يخلق سوى القليل من الوظائف الجيدة، وغالباً أيضاً ما لا يدفع سوى القليل أو لا شيء من الضرائب.
 
ومجرد إزالة حماية العمال لا يمكن أن تكون هي الحل المناسب، ولا سيما في عصر من الطموحات المرتفعة عند المواطنين في أعقاب الانتفاضات العربية. ما ينبغي على الحكومات التفكير به بدلاً من ذلك هو إيجاد عقد اجتماعي جديد.
 
وكل من الحكومات العربية الفقيرة والغنية على حد سواء وفرت الرعاية والدخل الأساسي لمواطنيها تاريخياً من خلال توفير فرص العمل في القطاع العام ودعم الطاقة، ولكن كل طرق تقاسم الثروة هذه هي طرق رجعية، انتقائية، ومكلفة. الموارد المالية التي تمتصها هياكل الرعاية هذه ينبغي أن تستخدم لبناء شبكات الضمان الاجتماعي الشاملة والحديثة.
 
وهناك حاجة لتوفير مزيد من الموارد من أجل تكريس أنظمة التدريب والتطوير والتعليم الحكومي؛ حيث إن تحسين المهارات من شأنه زيادة الإنتاجية، وتقليل الحواجز أمام دخول شركات جديدة.
 
إن إصلاح الدعم سوف يجبر المصنعين العرب على تطوير المزيد من الإنتاج الأحدث تكنولوجياً، وفي قطاعات جديدة. ويمكنه أيضاً أن يقوم بتحرير الموارد الحكومية لدعم الشركات الصغيرة والمتوسطة ورأس المال الاستثماري بالقروض الخاصة، وهو ما سيسمح بانطلاق عملية التجريب والاكتشاف، وهي العملية التي أدت إلى التقدم التكنولوجي في دول أخرى.
 
تخفيض التوظيف في الدولة وإصلاح الدعم، هي أمور من شأنها توفير التمويل اللازم لهذه السياسات على المدى المتوسط​​. والتغيير ليس مستحيلاً، حيث نجح الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مؤخراً بزيادة أسعار الطاقة المحلية دون أي استراتيجية واضحة للتعويض. وإذا كانت مثل هذه الخطوات القاسية ممكنة سياسياً، فلا بد أن تكون إعادة هندسة الرعاية، بطريقة أكثر ذكاء وتفيد الباحثين عن عمل، ممكنة أيضاً.