مارست المراه العربية بشكل عام والفلسطينية بشكل خاص عبر التاريخ ادواراً رائدة مما جعل لها خصوصية تفوقت فيها على نساء العالم ، فلو نظرنا الى تاريخ المراة نجد انها تميزت بتأثيرها على كافة مجالات الحياة .
أما المراة اليوم وعلى الرغم من كل المراتب والمراكز والدرجات العلمية التي وصلت اليها إلا انها لا تزال تعاني العديد من المشكلات والمضايقات والضغوطات النفسية والبدنية، التي تواجهها في سوق العمل، وهي ضريبة تدفعها المراة ثمن فعاليتها وكفاءتها وحاجتها. ومن أبرز هذه الظواهر هي ظاهرة التحرش الجنسي بالمراة أثناء تأديتها وقيامها بعملها، وهذه الظاهرة هي سلوك غير أخلاقي وشكل من أشكال القهر الذي يمارس ضدها وله مضاعفات اجتماعية ونفسية خطيرة .
لذلك من الضروري ان تحظى قضية التحرش الجنسي بالمراة على تركيز واهتمام كبيرين من قبل الدولة والحكومات والقضاء والمجتمع والأفراد، وهذا الأمر يعود الى ما تتمتع به المراة من رفعة بدعم الديانات السماوية الثلاث، التي رفعت من شأنها وحفظتها ومنحتها الكرامة والعزة والمكانة والكثير من القيم والاحترام .
وواجبنا اليوم الخروج من حالات الخوف والصمت والتردد ومناقشة موضوع التحرش الجنسي، وعرضه على العلن كي لا يبقى وزراً تحمله المراة بصمت، خوفا من الفضيحة وتلويث السمعة، وكل ذلك بسبب أصابع الإتهام وأحكام المجتمع القهرية التي تشير اليها في الدرجة الأولى وتلقي اللوم عليها متذرعين بمختلف الذرائع.
فالظلم الاجتماعي والتحرش الجنسي بكل أشكاله هو من أبشع صور الانتهاك لحقوق المراة وكيانها، ويجب العمل على الخروج من نفق التخلف الإجتماعي المظلم، الذي يجعل من مناقشة ظاهرة التحرش الجنسي ، التي تمتهن كرامة المراة ، وأكبر دليل على تجريمه هو قلة البحوث والقوانين التي تخوض هذا الموضوع أو تختص به.
وهناك إدعاءات كثيره ترمي بالمسئولية على المراة والحقيقة انها بعيده تماما عن المسئولية ، ولو فكرنا بالعقل سنجد ان السبب أننا في مجتمع ذكوري متخلف يتسم بهيمنة الرجل على المراة ، على جانب أن الواقع يؤكد أن لدينا كبت جنسي، واننا بعيدين كل البعد عن الثقافة الجنسية مما يجعل البعض ينفثون الكبت بالتحرش.والمراة بريئة من التحرش للاسباب التي ذكرتها وعلى الرجل ان يضبط نفسه ويغض بصرة لا أن يجري وراء الشهوة.
وإنني أري ان ظاهرة التحرش في حد ذاتها إهانة للطرفين رجل وامراة، ففي فترة الستينيات القرن الماضي كانت النساء يرتدين الميني جيب والمايكرو جيب ويركبن المواصلات العامة ولا يتعرضن لتحرشات أو مضايقات على الإطلاق، ولكن في الفترة الحالية نلاحظ ان المراة أصبحت مخلوق خطير ليس له مكان إلا في المنزل، وإذا خرجت الى ميدان العمل عليها مواجهة التحرشات وتحملها .لانه في العمل غالبا ما تكون المراة ضحية التحرش، لأن الرجل في الغالب هو من يتمتع بواقع أقوى سواء وظيفياً أو إجتماعياً ، وقد تطرق العديد من الباحثين الى ان التحرش هو " سلوك جنسي متعمد من قبل المتحرش وغير مرغوب من قبل الضحية ، وليس من اللازم ان يكون هذا السلوك واضحاً أو معلناً، و يمكن تصنيف بعض التعليقات أو المجاملات التي تشمل التصفير التحديث أو الأسئلة الجنسية الشخصية وكذلك اللمسات والنكات التي تحمل إيحاءات جنسية أو أي تعريف غير مرغوب به .... يعتبر من اشكال التحرش".
كما رأى بعض الباحثين الى ان التحرش الجنسي هو " أي صيغة من الكلمات غير المرحب بها و/أو الأفعال ذات الطابع الجنسي والتي تنهك جسد أو خصوصية أو مشاعر شخص ما وتجعله يشعر بعدم الإرتياح، أو التهديد، أو عدم الأمان"،أو الخوف ، أو عدم الإحترام أو الترويع، أو الإهانة ، أو الإساءة ، أو الترهيب، أو الانتهاك أو أنه مجرد جسد.
إلا أنه غالباً ما يتم فهم التحرش الجنسي بشكل خاطئ، فلوقت طويل كان يعتبر أحد المحرمات التي لا يجب التحدث عنها، بل ولم يكن الناس حتى يستخدمون كلمة تحرش، لكننا نؤمن أن هذا لا يعد مبرراً لتجاهل التحرش أو للتظاهر بعدم وجوده، والأهم من ذلك أن التحرش الجنسي ليس أمراً مألوفاً أو أنه يحصل بعيداً عنا، فنحن نراه يحدث يومياً في شوارعنا هذا من جانب ومن جانب أخر كونه جريمة لا بد أن يعاقب عليها القانون.
أشكال التحرش الجنسي:
من الممكن للتحرش الجنسي أن يأخذ أشكالاً مختلفة وقد يتضمن شكلاً واحداً أو أكثر في وقت واحد:
النظر المتفحص : التحديق أو النظر بشكل غير لائق الى جسم المراة، أجزاء من جسمه/أو عينيه.
التعبيرات ألوجهيه : عمل أي نوع من التعبيرات الوجهية التي تحمل اقتراحاً ذو نوايا جنسيه ( مثل اللحس ، الغمز، فتح الفم ....)
النداءات: البسبسة، التصفير، الصراخ،الهمس، وأي نوع من الأصوات ، الإيحاءات الجنسية .
التعليقات : إبداء ملاحظات جنسية عن الجسد ، ملابسه، أو طريقة مشيه، تصرفه ، عمله، إلقاء النكات أو الحكايات الجنسية أو طرح اقتراحات جنسية أو مسيئة.
الملاحقة أو التتبع: تتبع سواء بالقرب منه أو من على مسافة مشياً أو باستخدام سيارة بشكل متكرر أو لمرة واحده أو الانتظار خارج مكان العمل ، أو المنزل بالسيارة.
الدعوة لممارسة الجنس : طلب ممارسة الجنس ، وصف الممارسات الجنسية أو التخيلات الجنسية طلب رقم الهاتف ، توجيه دعوة لتناول العشاء أو اقتراحات أخري قد تحمل طابعاً جنسياً بشكل ضمني أو علني .
التحرش عبر الانترنت: القيام بإرسال التعليقات ، الرسائل و/ أو الصور والفيديوهات غير المرغوبة أو المسيئة أو غير لائقة عبر الايميل الرسائل الفورية وسائل التواصل الاجتماعي، المدونات او مواقع الحوار عبر الانترنت.
المكالمات الهاتفية : عمل مكالمات هاتفية أو إرسال رسائل نصية تحمل اقتراحات أو تهديدات جنسية .
اللمس : التحسس النغز، الحك، الاقتراب بشكل كبير، الإمساك، الشد وأي نوع من الإشارات الجنسية غير المرغوب بها .
التهديد والترهيب: التهديد بأي نوع من أنواع التحرش الجنسي أو الاعتداء الجنسي بما فيه التهديد بالاغتصاب .
التحرش الجماعي : تحرش جنسي ( شامل الأشكال السالفة الذكر ) يرتكبها مجموعة كبيرة من الأشخاص بجاه فرد أو عدة أفراد.
ويعد التحرش الجنسي صورة من صور العنف الجنسي والتي تشمل أيضاً:
الاعتداء الجنسي : القيام بأفعال جنسية تجاه شخص ما بالإكراه أو بالإجبار مثل التقبيل ألقسري والتعرية .
الإعتداء الجماعي : التحرش أو الإعتداء الجنسي ( بما فيه الاغتصاب ) الذي ترتكبه مجموعات كبيرة من الناس ضد المتحرش بها ً.
وقد يحدث التحرش الجنسي أو أي شكل من أشكال العنف الجنسي في أي مكان سواء في الأماكن العامة أو الخاصة ، مثل الشوارع ، أماكن العمل ، المواصلات العامة ،المدارس، الجامعات، المطاعم، الأسواق التجارية، داخل المنزل بل وحتى في صحبة الآخرين ( العائلة ، الاقارب الزملاء) عبر الانترنت أو غيرها .
والمتحرشون ومرتكبي جرائم العنف الجنسي قد يكونوا أفرادً أو مجموعات من الرجال وقد يكون المتحرش شخصاً غريباً عنك بالكامل أو أحد معارفك، صاحب العمل ، موظف ، زميل في العمل ، مراجع لمعاملة ، أحد المارة ، أحد الأقارب ، أحد أفراد العائله أو ضيف.
ويقال إن هناك مجموعة من الأسباب التي تؤدي الى التحرش الجنسي :
إن التحرش الجنسي لا ينظر اليه كجريمة ضد المراة بل تتهم فيه بأنها سبب تلك الجريمة لأنها
لم تستر جسمها ولبسها المثير جدا لمفاتنها
لانها تتبرج في الشوارع
خروجها للعمل خارج المنزل
بساطة المراة في حديثها مع زملاء العمل
وهناك اسباب اخرى للتحرش منها:
فقدان الامل في الزواج نظرا لارتفاع الاسعار والبطالة والمرتبات الضعيفه
الفضائيات والافلام والانترنت فهم سبب رئيسي في استثارة المشاهد لهم
الفراغ العاطفي الذي يعاني منه الكثير
انتشار المواد المذهبه للعقول مثل المخدرات والمسكرات وغيرها
معاكسة الفتيات علامات الرجولة
البعد عن القيم والاخلاق لتعاليمنا التي تربينا عليها والسائده في المجتمع .
علما بأن العديد من النساء المتحجبات تعرضن للتحرش الجنسي في مؤسسات عملهن وبعضهن تعرضن الى محاول اغتصاب داخل مكتب المدير او المسئول لان المدير له الحق في ذلك باعتباره المسئول، ولأن المراة التي تعمل عنده يمكنه أن يأخذ منها بعض الأشياء كالقبل واللمس وإلا ستطرد من العمل وسوف تتهم في شرفها بأن المدير طردها لانها حاولت التحرش به !!!!ّ إذاً لماذا ايضاً يتم التحرش بالفتيات صغيرات السن هل لانها ترتدي ملابس مثيره او لديها مفاتن تجعل مشاعر الشباب تثار الخ الخ الخ ....آه عجبي!!!.
أهم الأمور تدفع بالضحية الرفض بالافصاح عن المضايقات الصادرة عن المسؤول في العمل:
لانها تخاف من المجتمع ، تخاف من اسرتها، ومن نظرة جيرانها اليها ، لانه لن يقول عنها احد انها شجاعة ، بل سوف يقولون هي التي بادرت وحتى على المستوى القانوني يحتاج التبليغ الى شهود عيان ولا اعتقد ان هناك من ستأتيه الشهامة ليذهب معها الى المحكمة كشهود عيان ليساندوا قضيتها!!! فالمسألة أخطر بكثير مما نتصور لأنها صارت قضية مساومة حقيرة على شرف المراة لأجل لقمة العيش ولأجل ألا تموت جوعا عليها ان تقبل بالتقبيل واللمس والعناق ....الخ وإن أرادت ان ترتقي في منصبها فعليها ان تسمع كلام مديرها وهذا ما جرى للاسف لنساء يتمسكن بالصمت والكبت لانهن يخفن ولأنهن يعتبرون أنهن خسرن شرفهن فلا يجب خسران احترام الناس علانية .
إن القضية تعتبر محسومة للمدير وحتى لو ربحتها المراة قانونيا ستخسرها اجتماعياً.
عدم معرفة أو جهل بعض الناس فيما يخص الظواهر الاجتماعية كالتحرش الجنسي بالاطفال القصر وبالنساء عموما والكثير لا يخافون من القانون نفسه بل من المجتمع الذي يصدر قانونه الخاص على المراة التي ترفع قضية تتهم فيها مديرها أو مسؤوليها بالتحرش الجنسي ضدها وهذا الامر الذي يخيف أغلب النساء فالمجتمع سينظر اليهن بانهن لم يرفعوا القضيه الا بعد ان بعن انفسهن حتى لو استطاعت المراة ان تفوز بالقضية قانونيا ستخسرها اجتماعياً لان هذا الخوف من الاب والاخ والزوج ومن المجتمع ككل صنع جدار الصمت مما دفع بعض من النساء قبول اشياء مخجله من اجل الحفاظ على وظيفتهن الى جانب قبول الصمت لان المتهم لن يعجز عن احضار الف شاهد يدينون المراة ويتهموها بأشياء لأجل تجريمها وتبرئة صاحب النفوذ.
أما أهم مواصفات المتحرش؟
غير متدين
عينه زايغه
متحدث لبق
مظهر جذاب
لهم سوابق تحرش سابقة
يمتلك شخصية قوية ومسيطرة
يمارس من خلال تصرفاته سطوة وبالذات على الشخصيات الخجوله من زميلاته الجدد
الآثار السلبيه الناجمة عن التحرش:
- شعور الضحية بالانتهاك البدني واضطراب في حالتها النفسية
- التأثير السلبي على الاداء في العمل وكره الذهاب للعمل
- عدم الثقة بالنفس وبمن حولها
- فقدان الامن والأمان الشخصي والنفسي
- اضطراب الحياة الاسرية والعلاقات الاجتماعي
- حرمان المراة العاملة من العلاوات والمكافآت والامتيازات الأخرى
الإحصائيات حول معدلات التحرش
لغة الارقام دائما والاحصائيات المتوفرة من قبل الجهات ذات العلاقة بهذا الموضوع نقول بأنها هي الأصدق ، فالاحصائيات التي تم الحصول عليها من المؤسسات التي تعنى بقضايا المراة، أشارت أن عدد حالات التحرش بالمراة التي سجلت عام 2015 في أماكن العمل سواء التي تم احصائها من خلال تقديمها شفويا أو كتابيا أو عبر الهاتف فهي 45 حالة ، وهو رقم مرتفع عن الأعوام السابقة ، وان هذا الارتفاع الملحوظ يعود الى استغلال اصحاب العمل لمواقعهم الوظيفية الادارية الى جانب عدم وجود نصوص قانونية رادعة لتجريم المتحرشين !!. الى جانب ما تم ذكره آنفاً، فإن هذه الارقام المحصورة ليست الاعداد الحقيقية الفعلية ، لأن المراة ليست لديها الجرأة الكافية للتبليغ عن حالات التحرش التي تقع عليها لعدم وعيها بأهمية التبليغ الى جانب خوفهم من الطرد من العمل سيما في قطاع العمل الخاص ، وكذلك غياب قانون عقوبات رادع قائم على معالجة قضايا التحرش مما يجعل هذه القضايا في طي الكتمان وكأن شيئاً لم يكن.
كما أفادت مؤسسة أخرى بأن هناك 907 حالة قمن معظمهن بالاتصال هاتفياً مع المؤسسة عبر الهاتف المخصص لموضوع التحرش وتمت معالجة معظمهم ، وهذا دليل واضح وصريح عدم وجود جرأة كافية لدى المراة المجني عليها التحدث والافصاح لما يحدث لها خوفا من المجتمع وليس من القانون.
وقد أشارت ايضاً العديد من الدراسات والابحاث والاحصائيات التي اجريت حول الموضوع أثبتت ان التحرش من قبل المسؤولين بمرؤوسه قد لا تكون دوافعه جنسية بالدرجة الأولى وإنما مظهر يبرز شكل من أشكال الفساد المالي والاداري الذي يقود الى الفساد الأخلاقي ، خاصة ان كثير من حالات التحرش ضد المراة في سوق العمل تنتج من رؤسائها الرجال لما يتمتعون به من سلطة ونفوذ وانعدام الرقابة.
حالات دراسية واقعية عن ظاهرة التحرش الجنسي بالمراة العاملة في سوق العمل :
الحالة الأولى: فتاة جميلة انيقه محتشمه لبقة في الكلام لم تتجاوز من العمر 27 سنة وحلمت طيلة حياتها بفرصة عمل لترد بها جميل والديها عليها وبالفعل حصلت اخيراً على وظيفة في احدى المؤسسات في القطاع العام وتملكتها الفرحة وخاصة ان زملائها وزميلاتها يكنون لها كل احترام وتقدير أو هكذا كانت تظن، إلا أنها كانت تلمح نظرات غريبة من احد زملائها في العمل ففي بداية الأمر لم تعطي للموضوع أي اعتبار وخاصة ان زميلها محبوب من الجميع ولبق في الكلام ، لكنها بدأ تلاحظ منه المغازله والتعمد بالوقوف بجانبها ..... هنا بدأت لديها الشكوك حول تصرفاته فتقول في نفسها" هل يريد الزواج ؟" ثم تقول لا فهو متزوج؟ولكن في بعض المرات بدأ يقترب من جسدها وتعمد مسك اليد، وما كان منها إلا أن قامت بصفعه على وجهه واسقطت عليه امطار غزير من الألفاظ النابية، وما كان منها إلا أن توجهت للشرطه ومعها عدد من الزملاء ليشهدوا معها على ما حصل وطلبت من الشرطه عدم تعرض زميلها لها بالتصرفات سابقة الذكر ، وأن تقوم الشرطة بدورها باتخاذ الإجراءات القانونية لمثل هذه التصرف حتى يكون عبرة لأمثاله.
الحالة الثانية فتاه تبلغ من العمر 25 عاما تلقت قرار الطرد من العمل وعند السؤال عن سبب ذلك القرار، فردت إنني قد تقدمت للعمل في إحدى المؤسسات بعد أن قرأت في إحدى الصحف إعلانا عن وظيفة، وتقدمت كغيري للوظيفة، وبعد إجراء اختبار الوظيفة لقد تلقيت رسالة التعيين وكان الامر رائعا بالنسبة لي لأنني كنت أعيل أسرتي وأتحمل عبء الاسرة كوني البنت الكبرى . وعملت في المؤسسة وكان مديرها على خلق ومحترم ويطالبنا بالعمل دون زيادة أو نقصان، ولكن تفاجأت بعدها أنه قد تم تعيين مدير جديد للمؤسسة وبدأت حينها المشاكل وخاصة عندما طلب مني المدير ان اقوم بإغلاق الباب عندما ادخل مكتبه لأخذ الأوامر المتعلقة بالعمل، وفوجئت منه عندما مد يده الى صدري وأحيانا الى خصري ..... عندئذ أصبح الأمر مقززاً للغاية حيث أصبحت أعيش ضغطاً نفسيًا بسبب ما يفعله وخاصة عندما وصل الأمر الى العناق والتقبيل ، فقمت بالهرب من المكتب وفكرت ترك العمل إلا انني تذكرت بأنني اعيل أسرتي وان قرار ترك العمل من الأمور الصعبة لان العثور على عمل جديد مرهق وصعب العثور عليه ، لهذا صرت عندما ادخل الى مكتبه احاول التخلص من التطاول الذي يقوم به إلا انه استمر في تحرشه، وعندما تم توجيه سؤال لها لماذا لا تتوجهي للقانون؟ لان القانون يعاقب على هذه الجريمه ، ضحكت وقالت ارفع شكوى لمن ! وضد من! ضد مدير المؤسسه، سيتهمونني انني من تتحرش به ،وصراحه إنني الآن امام خيارين إما ان أقوم بترك العمل وابحث عن غيره ، علما بأنه عندما تحدث لبعض ديقات عن الموضوع تحدثوا هم ايضاً يشكون من هذا الامر وهم ليسوا بأفضل حال مني وان ضيق العيش هو الذي يجعلهن يلجأن للصمت على ذلك ، فأنا بصراحة أقول أنه لم يبقى لدي سوى شرفي ولا استطيع ان أبيعه وقررت ترك العمل نتيجة تحرشات المدير ، وفعلاً اتخذت الفتاه قرار ترك العمل وهي لا تزال عاطلة عن العمل وتبحث عن سد رمق عائلتها .
الحالة الثالثه: تحدثت الشابه وقالت: إنني قد تخرجت من الجامعة حديثاً، وتوجهت لسوق العمل بحثاً عن فرصة عمل ، وبعد قراءتي للصحيفه المعلن بها فرصة العمل ، قلت أتوقع بان الحظ سيقف بجانبي فتوجهت للمؤسسه التي عرضت الوظيفه في الصحيفه وقدمت لها، وبعد فترة وجيزه تمت الموافقة علي لاستلام الوظيفة، لكن فرحتي لم تكتمل فقد بدأت بعد ذلك العن الساعة التي حصلت عليها على الوظيفة حيث كان مدير وصاحب المؤسسة قد بدأ بإيحاءات غريبة سواء بالنظرات أو الحركات التي لم اعهدها من قبل، وأخذت اتجاهل ما يقوم به مشيرة اليه انها لم تفهم هذه الايحاءات ، إلا أنه بدأ يلمح مرارا الى انه يرغب باقامة علاقة معي لكنني كنت اغلق عليه الطريق واخبره انني ارفض هذ الكلام وانه غير مقبول على الاطلاق، وقد قام بعد ذلك بالابتعاد لفترة قصيره وكنت في غاية السعادة معتقده بان الله هداه ، ولكن سعادتي لم تكتمل إذا به قد رجع لتصرفاته الصبيانية فقد حاول الإمساك بي وتقبيلي ورفضت ذلك إذ قمت بصفعه والصراخ وحضر الموظفين على صراخي وخوفي من الفضيحة اخبرتهم بانني قد تدحرجت عن الدرج ورجلي قد اصيبت لهذا صرخت، وفي اليوم التالي طلب ان اتقبل الموضع على ما هو عليه وما يريده أو ترك العمل ، وبعد صراع مع نفسي فإنني طبعاً اخترت وقررت بكل فخر واعتزاز ترك العمل .
وبعد سرد ما حدث مع حالات واقعية من سوق العمل السابقة الذكر، فإنني أرى انه لا بد من ايجاد حلول جذرية من شانها حماية المراة من هذه الظاهرة المؤلمة وذلك من خلال :
إقامة دورات ندوات ورشات توعوية تشمل كلاً من الجمعيات الاجتماعية والمؤسسات والشركات والجامعات والمدارس ويكون هدف هذه الدورات والندوات غرس فكرة أن المراة كائن قوي قادر على الدفاع عن نفسه وعن كرامته
تدريب المراة على سرعة التصرف والمواجهة وتشجيها على الابلاغ عن أفعال التحرش.
رفع مستوى الوعي لدى المراة بأشكال التحرش وانواعه ليرتفع دورها من الصامت السلبي الى الفاعل الايجابي.
تأسيس مراكز خاصة تستطيع المراة اللجوء اليها في حالة التعرض للتحرش الجنسي بحيث تشتمل هذه المراكز على لجان تقوم بالتحقيق الجدي والفاعل وعدم التهاون في أي بلاغ يصل اليها
طرح قضية التحرش كقضية ملحة تواجه المجتمع دون استحياء
التركيز على الدور الجوهري والأساسي للمؤسسات الاعلامية سواء المرئية والمكتوبة والمسموعة من خلال حملات التوعية
تدخل القضاء واعتبار التحرش الجنسي بالمراة العاملة أو غير العاملة جريمة يجب أن يعاقب مرتكبها وذلك من خلال اصدرا قانون ضد التحرش مشابها لجمهورية مصر العربية الذي نص القانون الذي تم إقراره على " كل من تحرش بأنثى عن طريق التتبع او الملاحقة سواء بالاشارة بالقول بالكتابة أو بوسائط الاتصال الحديث أو أية وسيلة أخرى بإتيان أفعال غير مرحب بها تحمل ايحاءات أو تلميحات جنسية أو إباحية في مكان عام أو خاص، يعاقب بالحبس .
وختاماً أعزائي :
للمراة دور جوهري يقوم عليه المجتمع فيها يرتقي ويسمو فهي الأنثى صانعة الرجال وملهمة العقول وصلاح الرجل فيه صلاح المراة وصلاحها صلاح المجتمع ، والتحرش الجنسي اختيار يتخذه المتحرش بغض النظر عن ما يرتديه الشخص المعتدى عليه أو تصرفاته والتي لا يمكن ان تستخدم كعذر لتبرير التحرش ، ولو فكرنا بالعقل سنجد ان السبب اننا نعيش في مجتمع ذكوري متخلف يهتم بهيمنة الرجل على المراة ، واليوم نحن بحاجة ماسة الى زلزل فكري وثقافي واجتماعي من شأنه ان يغير الطابع الموجود كي يتم اصلاح المجتمع ، إلى جانب اننا بحاجة ايضا ماسة الى تسخير طاقات الجنسين كي ننهض بمجتمعنا ووطننا ونقضي على الآفات الاجتماعية والسامة التي تحد من تطورنا وازدهارنا، إذن نؤكد ان المراة بريئة من التحرش للاسباب المذكورة وعلى الرجل ان يعمل على ضبط نفسه ويغض من بصره.