تنعقد القمة العربية قبل يومين أو ثلاثة من نهاية هذا الشهر. ولا يعقد الفلسطينيون والشعب العربي آمالاً كبيرة على نتائج مثل هذه القمم، فقد مرت عشرات منها منذ عام 1964 تاريخ انعقاد أول قمة عربية ولم ينصلح حال هذه الأمة ولم تتصالح الشعوب العربية مع حكامها من ملوك وأمراء ورؤساء، ولم يتصالح الملوك والرؤساء والأمراء بعضهم مع بعض رغم تبويس اللحى والسجاد الأحمر وحفاوة الاستقبال والوداع والبيانات التي تصدر في نهاية أعمال كل قمة من هذه القمم.
وعنوان هذه القمة هو الأبرز في ضوء الظروف العصيبة التي تمر بها دول المنطقة وما حل بمعظم الدول العربية من خراب ودمار وقتل وتهجير، وما يتهدد مستقبل هذه الدول وانعكاس ذلك على شعوبها عنوانها "وحدة الصف العربي" ولم الشمل والمصالحات بين حكامنا ولا شك أن هذا الهدف نبيل ويستحق اجتماع زعمائنا في الأردن، ولكنه هدف بعيد المنال إذا الخلافات لم تختف من تاريخ هذه القمم ولم تكن العلاقة بين دولنا كما يشتهي المواطن العربي أي "سمنا على عسل" في يوم من الأيام.
وما يعنينا كفلسطينين في هذه القمة ألا يسجل الملوك والأمراء والرؤساء العرب تراجعاً في مواقفهم المعلنة والمسجلة في بيانات القمم السابقة فيما تخص قضية فلسطين والصراع العربي الإسرائيلي والحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني أو ما تبقى منها والتي تتخلص في قرارات قمة بيروت وما سمي منذ ذلك الحين بالمبادرة العربية التي استقر عليها بشكل أو آخر القصور العربي والدولي للتسوية السياسية المنشودة بين إسرائيل والشعب الفلسطيني ومن ثم بين إسرائيل والدول العربية.
قبل ثلاثين عاماً من اليوم، وفي العام 1987 عقدت قمة عربية في عاصمة المملكة الأردنية الهاشمية عمان واشتم خلالها رائحة مؤامرة تستهدف منظمة التحرير الفلسطينية وتمثيلها للشعب الفلسطيني وكان بطلها المرحوم الرئيس حافظ الأسد، وبحكنة الرئيس القائد الراحل أبو عمار أبطلت هذه المؤامرة وكان للرئيس الراحل صدام حسين موقف مميز في تلك القمة، كان أحد أسباب ثبات زعماء العرب انذاك على تمسكهم بالقضية الفلسطينية وقضية تمثيل الشعب الفلسطيني حصراً في م.ت.ف.
واليوم يشخص السياسيون والمحللون أن قمة عمان ستكون قمة مفصلية في التوجه العربي الرسمي لكيفية حل الصراع مع إسرائيل ومدى التزام الدول العربية بالحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني المتمثلة اليوم في حل الدولتين وإيجاد حل عادل لقضية اللاجئين وفق قرارات الشرعية الدولية وأخص هنا قرار 194.
لقد تصدى الشعب الفلسطيني لمؤامرة القمة عام 1987 بانتفاضة الحجارة التي أصبحت رمزاً وأيقونة لنضال الشعوب من أجل تحرير أوطانها من المحتلين والمستعمرين. وهو اليوم أكثر إصراراً وتضحية وعزيمة على التصدي للاحتلال الإسرائيلي وعلى استعداد لتفجير انتفاضة ثالثة ورابعة وخامسة حتى يصل إلى حقوقه.
ولا نخال الأنظمة العربية والرؤساء والأمراء والملوك الذين سيجتمعون في العاصمة الأردنية يخيبون آمال الشعب الفلسطيني أو يفرطون بتضحياته من أجل حقوقه.
نعلم أن الظروف المحيطة بكل دولة عربية هي من التعقيد والخطورة ما يجعلها تغفل عن القضية المركزية للأمة العربية أو هكذا تعلمنا وتلتفت إلى ما آلت إليه أحوالها.
ولكن ما يجب التأكيد عليه أن جزءاً من الخراب والدمار والقتل والتهجير الذي حل بدول المنطقة وما ينتظرها أيضاً سببه المباشر وغير المباشر وجود إسرائيل ونكبة الشعب الفلسطيني ولا نجافي الحقيقة إن كررنا القول إن مشاكل الشرق الأوسط واستقرار دوله وتنميته لا تنتهي إلا بحل القضية الفلسطينية حلاً عادلاً يحفظ كرامة وحقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف.
ولا يجب أن يجري الحديث في القمة عن أن إسرائيل باتت جزءاً من المنطقة العربية وأن مصالحها تتطابق مع مصالح بعض دول هذه المنطقة. فإسرائيل هي العدو الأول للاستقرار والتنمية في هذه المنطقة وهي ترفض السلام العادل مع شعب فلسطين وتسعى لابتلاع ما تبقى من أرض فلسطين وتهويدها وربما في مرحلة لاحقة طرد الفلسطينين من الضفة الغربية، فإسرائيل لم تتخل عن نظرية الترانسفير، ولديها حكومة يمينية وظروف عربية مواتية لترتكب حماقة جديدة تفتح الصراع الفلسطيني– الإسرائيلي والعربي- الاسرائيلي على بدايته قبل عام 1948.