لم تنجح زيارة، رئيس حكومة الوفاق الفلسطينية، رامي الحمد الله، التي قام بها برفقة وزرائه في التاسع من تشرين أول الجاري، إلى قطاع غزة، في بسط سيطرة الحكومة على القطاع ، وتسلم المعابر، وإدارة كافة المهام في غزة.
وهو الأمر الذي فسرّه مسؤولون فلسطينيون، ومراقبون باستمرار الخلاف السياسي بين حركتي "فتح"، و"حماس"، حول الترتيبات الخاصة بالإشراف على معابر قطاع غزة، وإدارة الوزارات والمؤسسات الحكومية.
وعقب قرابة 7 سنوات من الانقسام، وقعت حركتا فتح وحماس في 23 أبريل/ نيسان 2014، اتفاقاً للمصالحة، يقضي بإنهاء الانقسام الفلسطيني، وتشكيل حكومة توافق لمدة 6 شهور، ومن ثم إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية ومجلس وطني بشكل متزامن.
واتفقت حركتا "حماس وفتح"، مطلع الشهر الجاري، عقب لقاءات وفدين من الحركتين بالقاهرة على تنفيذ كافة بنود اتفاق المصالحة الأخير الذي وقع عليه في أبريل/نيسان الماضي، وتجاوز جميع العقبات التي اعترضت تطبيق بنوده، وتمكين حكومة التوافق الوطني من بسط سيطرتها على قطاع غزة.
واتهم الرئيس الفلسطيني محمود عباس، خلال لقاء مع صحفيين مصريين مؤخراً، حركة حماس، بأنّها لا تزال تسيطر على الوضع الميداني في قطاع غزة.
غير أن مشير المصري، القيادي في الحركة، رفض ما وصفه بـ"الاتهامات المتكررة لحركته بإعاقة عمل حكومة الوفاق".
وأضاف المصري لوكالة الأناضول، أن "السلطة تحاول خلق الحجج، والذرائع لعدم استلام حكومة الوفاق مهامها".
وتابع: "الحركة أبدت استعدادها الكامل للتعاون مع حكومة الوفاق، لتولي مسؤولياتها، وأكدنا في أوقات سابقة، أنه لا مانع لدينا من استلام السلطة المعابر، من أجل البدء الفعلي في إعمار غزة، وبناء ما دمره العدوان الاسرائيلي الأخير".
ونفى المصري، وقوف حركة حماس عائقاً، أمام تولي حكومة الوفاق لمسؤولياتها، مطالباً وزرائها بالعودة إلى قطاع غزة، ومتابعة سير وعمل الوزارات، وإدارة كافة الشؤون والمهام.
وكان محمد مصطفى، نائب رئيس الوزراء ووزير الاقتصاد في حكومة الوفاق الفلسطينية، ، قد قال في تصريح سابق، إن "طواقم من موظفي الحكومة، ستستلم مهمة الإشراف على معابر قطاع غزة".
وأضاف أن القرار اتخذ، وما يتم هو عبارة عن تحضير الطواقم وترتيب أمورها بحيث تمارس عملها بشكل قريب جداً".
ويربط قطاع غزة بإسرائيل في الوقت الحالي، معبران، الأول هو معبر بيت حانون (إيريز) شمالي قطاع غزة، الخاص بتنقل الأفراد من غزة إلى الضفة، ومعبر كرم أبو سالم، أقصى جنوب قطاع غزة، وهو المعبر التجاري الوحيد الذي أبقت عليه إسرائيل بعد إغلاقها لأربعة معابر تجارية، في عام 2007.
ولكن نظمي مهنا مدير دائرة المعابر والحدود في السلطة الفلسطينية، نفى لوكالة الأناضول وجود أي موعد محدد لاستلام حكومة الوفاق لمعابر قطاع غزة.
وأضاف أنه "لا تاريخ محدد لاستلام حكومة الوفاق، المعابر، لكن نأمل أن يتم ذلك في أقرب وقت".
وأكد مهنا، أن ترتيبات استلام المعابر تحتاج إلى اتفاق حول طواقم العمل، وأعدادها، وتحديد مهام العمل".
وبدوره، اتهم ماهر أبو صبحة مدير دائرة المعابر بغزة، السلطة بالمماطلة، مشيرا إلى أن تسلم المعابر، وإدارة القطاع لا تحتاج إلى كل هذا الوقت.
وأضاف أبو صبحة لوكالة الأناضول، أن "إدارة المعابر تتم بناء على الشراكة، ولا يمكن أن تتم وفق ما وصفه بالإقصاء".
وتابع قائلاً إن "الموظفين الذين تم تعيينهم في الجانب الفلسطيني من معبري كرم أبو سالم، وبيت حانون (نحو 600 موظف) يجب أن يبقوا على رأس عملهم".
ووفق أبو صبحة، فإنه "لا مؤشرات قريبة، ولا حديث يدور حول استلام حكومة الوفاق معابر غزة، أو مسؤولية إدارة القطاع".
وهو الأمر الذي فسّره المحلل السياسي، والكاتب في بعض الصحف الفلسطينية المحلية، مصطفى إبراهيم، بـ"الخلاف السياسي الحاد" بين حركتي فتح وحماس.
وأضاف إبراهيم لوكالة الأناضول، أن "السبب الحقيقي وراء عدم تسلم حكومة الوفاق مهامها في غزة هو رفض السلطة الإشراف على شؤون القطاع ".
وقال "من الواضح أن السلطة اتخذت قرارا بعدم تولي أمور قطاع غزة، بطريقة فعلية، فالرئيس محمود عباس، ومن خلال تصريحاته الأخيرة يؤكد أن السيطرة على غزة تعني كل شيء، وفي مقدمتها الأجهزة الأمنية، وهو الأمر الذي ترفضه حركة حماس، ما يعني أننا سنبقى في دائرة الخلاف السياسي والميداني".
واعتبر إبراهيم أنه ليس من المقبول أن تطلب السلطة السيطرة الكاملة على قطاع غزة، دون شراكة مع حركة حماس، وقال إن "حماس تعاني من أزمة وتحتاج إلى الخروج من المأزق السياسي الراهن".
وأضاف أنه "للأسف .. واضح أنه لا اتفاق حقيقيا بين الحركتين على إنهاء الخلافات بينهما، وإدارة شؤون القطاع والبدء في إعماره بشكل حقيقي بعيدا عن التصريحات الإعلامية".
وكان مؤتمر اعمار قطاع غزة الذي عقد في القاهرة الأسبوع الماضي، قد جمع مبلغ 5.4 مليار دولار، نصفها خصص لإعمار غزة فيما خصص الجزء المتبقي لتلبية احتياجات الفلسطينيين.
ودمرت الحرب الإسرائيلية الأخيرة نحو 9 آلاف منزل بشكل كامل، و8 آلاف منزل بشكل جزئي، وفق إحصائيات لوزارة الأشغال العامة والإسكان الفلسطينية.
وقال ناجي شراب، أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر بغزة، أن الخلاف السياسي بين حركتي فتح وحماس، يزداد يوما بعد آخر.
وأضاف، أن "عدم اتفاق الحركتين على التفاصيل والمهام الصغيرة في قطاع غزة يعيق عمل حكومة الوفاق، والتقدم في أي مسار سياسي آخر".
وتابع قائلا إن "حركتي فتح وحماس، للأسف لا تقدمان أية إجابات واضحة، حول طبيعة حكومة الوفاق ، وما الأسباب التي تعيق عمل الوزارات والمؤسسات الحكومية، وللأسف واضح أن الطرفين يتجهان نحو إدارة الانقسام لا إزالة آثاره".
واعتبر أنه دون اتفاق حقيقي بين الحركتين، وإنهاء كافة أشكال ومظاهر الانقسام، في ظل شراكة سياسية وطنية فإن الأمور ستزداد سوءً".