الإثنين  21 نيسان 2025
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

إسرائيل تبدأ الحرب الباردة في غزة بالاغتيال الهادئ لـ "مازن الفقهاء"‏

2017-03-25 04:34:15 PM
إسرائيل تبدأ الحرب الباردة في غزة بالاغتيال الهادئ لـ
صورة تجمع الشهيدين القائدين احمد الجعبري و مازن فقهاء

 

غزة- محاسن أُصرف

 

على وقع الصدمة تلقى الشارع الفلسطيني أمس نبأ استشهاد القيادي في حماس والأسير البارز الذي حُرر في صفقة وفاء الأحرار "مازن فقهاء"، فلأول مرة منذ قرابة الـ 12 عام تلجأ إسرائيل لعميات "الاغتيال الهادئ" في تصفية قيادات المقاومة بعيدًا عن عمليات القصف العلني والحرب الشعواء التي اعتادتها إسرائيل وكان آخرها حرب 2014 على وقع استشهاد القيادي الأبرز في صفقة "وفاء الأحرار" أحمد الجعبري.

 

هذه الحالة أثارت الكثير من البلبلة وتساؤلات عظيمة بحالة الأمن والاستقرار في القطاع والتي نجحت "حماس" وفق محللين أن تضبطها منذ توليها مسئولية القطاع قبل 10 سنوات، فيما حملت حركة حماس في بيانٍ مقتضب لها الاحتلال الإسرائيلي مسئولية اغتيال أحد قياداتها وقالت "حركة حماس تعرف كيف تتصرف مع هذه الجرائم".

 

فيما رأى محللون تواصلت معهم "الحدث" أن حادثة اغتيال "الفقهاء" خطيرة وتُنذر بمرحلة جديدة قائمة على استراتيجية التصفية لقيادات المقاومة بالاغتيال الهادئ بعيدًا عن القصف والحرب وشددوا  في أحاديث منفصلة، على ضرورة كشف الشبكات العملية التي نفذت العملية بأسرع وقت حتى تكون رادعًا للاحتلال وصدًا له عن تنفيذ المزيد من العمليات بهذا الأسلوب الاستخباراتي الذي ينخر العمق الأمني للقطاع.

 

تداعيات خطيرة سياسيًا وأمنيًا

وقال "إبراهيم حبيب" الكاتب والمحلل السياسي: "إن اعتقال فقهاء حدث أمني خطير له تبعاته ودلالاته الأمنية والسياسية الخطيرة التي يجب أن تُؤخذ بعين الاعتبار"، لافتًا إلى أنها لم تكن عملية عادية خاصة وأن الاحتلال الإسرائيلي عندما يُمارس عمليات الاغتيال ضد قيادات المقاومة الفلسطينية تكون بالاستهداف بالقصف العلني.

ومنذ أكثر من اثني عشر عامًا على أقل تقدير لم تُمارس إسرائيل الاستهداف بالاغتيال السري عبر عملائها وعن طريق كاتم الصوت، وبيّن "حبيب" أن العملية  رسالة واضحة للمقاومة الفلسطينية في غزة وعلى رأسها "حماس" التي استطاعت على مدار عشر سنوات ماضية إلى مرحلة من الأمن والاستقرار في قطاع غزة نتيجة لقوة الأجهزة  الأمنية والمراكز التابعة لها في القطاع، وقال: "إن إسرائيل بهذه العملية كسرت حالة الاستقرار وأوصلت رسالة خطيرة مفادها أنّه لا أحد آمن من القيادات في غزة" لافتًا أن العملية سياسية بامتياز وليست جنائية أول ها دلالات أخرى.

 

تكتيك جديد

وفيما يتعلق بدلالات الأسلوب الذي تم فيه تصفيه "الفقهاء" وما يُمكن أن يُنتجه مستقبلًا، أكد "حبيب" أن الأمر يتطلب تكتيك جديد ونظرة مختلفة من قيادة حماس في قطاع غزة، قلل من إمكانية أن تقوم سريعًا بالرد على الاحتلال بإطلاق صواريخ وافتعال حالة لإدخال القطاع في حرب جديدة، وتابع :" أن العملية شكلت عمل استخباري نجحت إسرائيل في تنفيذه بشكل محترف ومتقن من خلال أيدي عملائها في القطاع" مطالبًا حماس بالضرب بيد من حديد والكشف عن الشبكات العميلة التي من المفترض أنها تقلصت كثيرًا، ومن ثمَّ الرد بذات الطريقة الاستخباراتية على الاحتلال بشكلٍ قاسي لمنع تكرار مثل هذه العملية وإلا العواقب ستكون وخيمة وقال: "الضرب بيد من حديد والعمل الحثيث خلال الساعات القادمة لكشف خيوط الجريمة سيكون الهاجس الأكبر للأجهزة الأمنية وصولًا لمن نفذوا الجريمة الليلة الماضية حتى لا يستطيع الاحتلال التمادي في هكذا عمليات مستقبلًا".

 

إسرائيل تبدأ الحرب الباردة

وفي قراءته للعملية وتبعاتها على طرفي الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي، أكد "ناجي البطة" الباحث والمختص في الشأن الإسرائيلي، أنها نتيجة للمعركة المفتوحة بين المقاومة الفلسطينية وإسرائيل إذ أن الأخيرة تُصر على استهداف واجتثاث المقاومة وشخصياتها وفق شعارها المعروف "الفلسطيني الجيد الفلسطيني الميت"، لافتًا أن الشهيد "فقهاء" كان مثالًا للمقاوم العنيد الذي لا يلين.

وفيما يتعلق بآلية تناول وسائل الإعلام الإسرائيلية العملية بحالة من التبجح، قال "البطة": " هي دلالة لرغبتها في خلط الأوراق وتفجير المنطقة باستباحة الدم الفلسطيني المُقاوم" متوقعًا أن تدخل المنطقة حرب ستبدأ ربما باردة ثم يُعلن عن انفجارها في أي لحظة، وقال: " قد يكون الرد الفلسطيني مُشابهًا للرد السابق على اغتيال الجعبري، ولكن ضمن الحسابات الأمنية والإقليمية".

وذهب "البطة" في تحليله لآلية الرد الفلسطيني خلال المرحلة القادمة إلى التأكيد على وجود سبيلين إحداهما يتعلق بشخصية قائد حماس الجديد في قطاع غزة "يحيى السنوار" باعتباره العقلية الأمنية، أما الآخر فهو "خوض حرب أمنية باردة إذ لم يتحملها الاحتلال الإسرائيلي يُمكن أن تنفجر إلى حرب عسكرية مُستعرة"، مؤكدًا أن كل الخيارات مفتوحة وأن ما يُحدد السيناريو الجديد هو رد فعل المقاومة وعلى رأسها تقييمات القائد الجديد لحماس ومؤسس جهاز الأمن فيها "يحيى السنوار" بالإضافة إلى أعضاء المكتب السياسي.

 

الوضع الإقليمي لا يفرض المواجهة المباشرة

ويرى "البطة"  أن التقييم الإسرائيلي عبر الإعلام العبري لعملية الاغتيال هو مُحاولة لاستدراج المقاومة للرد العنيف من قبل المقاومة وحركة حماس ككل، داعيًا إلى عدم الانجرار وراء ذلك خاصة وأن الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي مفتوح وطويل وقال: لا يجب أن تُستدرج المقاومة لحالة التهور التي يُنفذها رئيس الحكومة الإسرائيلي "بنيامين نتنياهو" مؤكدًا أن الأخير يحاول تصدير أزماته الداخلية للإقليم ولقطاع غزة، وردًا على سؤاله بإمكانية الرد العنيف فعلًا من قبل المقاومة أكد "البطة" أن القيادة في قطاع غزة ليست القيادة التي تقول إننا سنرد في الزمان والمكان المناسبين بقدر ما أنها ستضع الخطط الحقيقية للرد لأنها تمتلك القدرة على الانتصار في أي معركة قادمة وخاصة المعركة الأمنية -وفق تعبيره-.

 

ولا يبتعد "مأمون أبو عامر" الكاتب والمحلل السياسي، في تحليله لعملية الاغتيال لـ "مازن فقهاء" مؤكدًا أنها تأتي ضمن حالة الصراع المستمرة بين الاحتلال الإسرائيلي والمقاومة لافتًا أن قافلة الشهداء لن تتوقف عند الفقهاء وإنما ستستمر باستمرار الاحتلال، وفيما يتعلق بالأسلوب المُبتدع بـ"الاغتيال الهادئ" كما عبرت عنه "كتائب القسام في بيان نعيها للشهيد أشار أنه يعكس رغبة الاحتلال في عدم خوض حرب مباشرة مع الفلسطينيين وإنما حربًا استخباراتية بينه وبين المقاومة.

 

ضرورة الرد الاستخباراتي

وفي إطار رد المقاومة الفلسطينية على أسلوب الاحتلال في تصفية "مازن فقهاء" وإمكانية أن يتوافق ويتشابه مع ردها السابق على اغتيال القائد الأبرز في إنجاز صفقة وفاء الأحرار "أحمد الجعبري" نفى "أبو عامر" ذلك، مؤكدًا أن كل عملية اغتيال أو تصفية للقيادات الفلسطينية الوازنة في المقاومة لها حساباتها، وقال:" الحسابات اليوم تختلف تمامًا على المستوى الإقليمي والدولي عما كان سابقه"، وأضاف أن الاحتلال حين تصفيته لـ "الجعبري" استخدم أسلوبًا حربيًا ما استدعى الرد بذات الطريقة في المواجهة.

 

ويرى "أبو عامر" أن الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني معنيين ألّا يدخلوا في مواجهة حرب شاملة، ورجح الذهاب إلى المواجهة الاستراتيجية عبر ضرب الأهداف بطرق التصفية، داعيًا المقاومة إلى توسيع قائمة أهدافها ليُدرك الاحتلال ثمن إقباله على هذا الأسلوب، وشدد على ضرورة أن تُعزز المقاومة إجراءاتها الأمنية لحماية قياداتها وكوادرها المستهدفين، مؤكدًا أن الشهيد" فقهاء" تم الإشارة إليه في أكثر من موقع وكان من المفترض أن يكون إجراءات أمنية في المكان الذي يقطنه، كما شدد على الضرب بيد من حديد على العملاء ومراقبتهم وإنهاء وجودهم الذي يُهدد الأمن في المجتمع الفلسطيني.