الأربعاء  27 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

القمة وتنسيق الارصدة/ بقلم: نبيل عمرو

2017-04-04 04:44:14 PM
القمة وتنسيق الارصدة/ بقلم: نبيل عمرو
نبيل عمرو

 

الانطباع الاولي عن قمة البحر الميت، انها نجحت وفق المقاييس التقليدية للنجاح والفشل، فقد حضرها أكبر عدد من الملوك والرؤساء، وتمت في غرفها الجانبية مصالحات وتفاهمات، ولم يغادر زعيم مكان القمة الا وحصل على مبتغاه منها، من أراد مالا أخذ، ومن أراد فقرة سياسية كتبها بيده وأقرت، ومن أراد مصالحة مع من كان على خصومة معه فقد تم له ما أراد.

 

بهذه المقاييس كان ما حدث نجاحا عظيما، غير أن للقمم عادة تقويم آخر، يظهر النجاح فيه او الفشل، بعد انتهاء القمة وبداية مرحلة تطبيق قراراتها، والعمل المشترك لتحقيق أهدافها.

 

الواقع الموضوعي يقول، ان العمل العربي المشترك صار ضرورة فردية وثنائية وجماعية، فكل دولة تشتبك الان في حرب او تواجه تحديات داخلية، او يقف على تخومها منتهزوا فرص للانقضاض عليها، لن تستطيع مواجهة التحديات على مختلف أنواعها، دون صيغة راسخة توفر لها مصدر قوة إضافي يعينها على تجاوز ما تواجه.

 

المطلوب هنا عملياً ليس تحقيق ذلك الحلم الذي تربينا عليه عقودا من الزمن، وقامت تحت شعاراته انقلابات وأحزاب ونظم، والمعني هنا شعار الوحدة العربية، فمنذ ان رفع ولا احد يعرف متى كان الفشل حليفه في كل المراحل والمحاولات، وفي السياسة فإن المطلوب هو الممكن، والممكن في زمننا هذا صار واضحا وضوح الشمس، بل وصار مطلباً حتى للقوى العظمى التي تريد طرفا قويا تتفق معه وتستند الى تحالفه، ولأننا في زمن يقود القوى العظمى فيه رجال واقعيون وعمليون ويتعاطون مع السياسة بمنطق التجارة، فالمطلوب عربيا امام ذلك ليس مجرد تنسيق المواقف وانما تنسيق الأرصدة والقدرات.

 

الأرصدة هنا هي كل ما يملكه العرب من مقدرات تصلح للمتاجرة بها مع الكبار، وبعيدا عن التناول العام لهذه البديهية المهجورة في الحسابات العربية، فإن ما هو مطروح الان ليس بالبحث وانما بالحروب، هو اقتسام النفوذ في بلادنا، واقتسام النفوذ يتطلب بداهةً تذليل العقبات امام رسم الخرائط الجديدة، ولأن العرب يلعبون فرادى في الملعب المقام على ارضهم، فلن يكون لهم الحصة التي يرتجونها ما دام على المائدة من هو أكبر وأقوى منهم، بل فوق ذلك يتعامل مع العرب كتوابع للأجندات الكبرى وليس شركاء.

 

وفي وقت الحجيج الى البيت الأبيض، في هذا الوقت يعلن الرئيس ترمب انه رجل ارقام وصفقات، ولن يقيم أي وزناً للاعتبارات الأخرى كالحقوق الإنسانية القانونية، وما يُقبل وما لا يٌقبل وفقا لذلك، بل سيعالج الأمور بمنطق حسابي صرف، فهل يساعد العرب انفسهم ويساعدون ترمب على التعاطي مع قضاياهم بمنطق قدرتهم ووزنهم؟ أم انهم سيعيدون الحديث حول حقوقهم المنتهكة، ونواياهم السليمة وتساهلهم التقليدي في قضاياهم الكبرى والاساسية.

 

كل الاعتبارات القديمة في مجال المساومات لا تقدم بل تؤخر، اما اعتبارات الصفقات التي يعتنقها القادة الكبار، ويضعون برامجهم على أساسها، ويتقاسمون النفوذ وفق حاصل جمعها، فهذا وحده ما يدخل العرب الى الطاولة وما يضمن حصتهم في الاقتسام الدولي القادم.

 

الاقتراب من هذا المنطق او الابتعاد عنه هو من سيحكم فيما اذا كانت القمة نجحت او انها كانت واحدة من قمم سبقت.