الجنازات الفاخرة لن تحرك ساكناً، ولن تُعيد ميتاً، ولن تُشفي مشلولاً، الجنازات الفاخرة لن تضمن ان لا يكون رفاق الطفل فادي مكانه يوماً.
نحن بحاجة لهذا الحشد امام وزارة الصحة، نحن بحاجة لهذه الحناجر بأن تصرخ مُطالبةً كل من يستهتر بمهنته الطبية ان يغادر الكادر الطبي بلا عودة. مُطالبةً كل من لا يدرك مسؤولية مهنته ان يعتزلها، مُطالبةً كل من لا يعترف بأنّ مهنته تكليفاً وليست تشريف ان لا يكون بيننا. هل نكتفي بحضور الجنازة؟ ام بمشاطرة اهله؟ ام سنطرق ابواب التغيير؟ ان لم نعمل على رفع صوتنا، فقد دُفنت القضية بدفن الطفل فادي. الأخطاء طبية مستمرة، ومع كل حالة جديدة تهتز ثقتنا مُجدداً بكفاءة الكوادر الطبية. ويرتفع مؤشر خوفنا الى مستوى اكبر.
اجراءات التغيير ليست بمستحيلة، وأنا اقترح ما يلي:
- اولاً: رفع مستوى اختبارات مزاولة مهنة الطب .
- ثانياً: عدم الاكتفاء باختبار واحد للحصول على مزاولة المهنة، بل تكثيف الاختبارات.
- ثالثاً: توفير عدة نماذج للاختبارات وعدم الاكتفاء بنموذج واحد، لضمان عدم توادل النموذج.
- رابعاُ: ربط مزاولة المهنة بفترة زمنية محددة تُلزم الطبيب بعدها بمعاودة الجلوس للاختبارات المقررة من الوزارة. ويمكن ايضا زيادة الفترة بزيادة سنوات الخبرة للطبيب.
- خامساً: تحديد قائمة بالجامعات المعترف بها محليا وعالميا والتي تؤمن وزارة الصحة بمصداقيتها ومستوى التعليم فيها، وكفاءة خريجيها. أو تحديد قائمة تحظر بعض الجامعات التي لا تعترف الوزراة بمصادقيتها او كفاءة خريجيها.
- سادساً: تشديد الرقابة على جميع المستشفيات الحكومية والخاصة على حد سواء.
- سابعاً: عمل زيارات فجائية دورية من قبل طواقم وزراة الصحة لجميع المستشفيات والتأكد من عملها ضمن الآليات الصحيحة ومن كفاءة الطواقم العاملة.
- ثامناً: العمل على آلية لعقاب كل شخص او مؤسسة صحية غير ملتزمة، لضمان عدم تكرار عدم الالتزام.
- تاسعاً: اغلاق اي مؤسسة صحية تبدو او اثبتت انها غير ملتزمة، حتى تثبت العكس.
- عاشراً: العمل وبشكلٍ دوريّ على تدوير المسؤولين في الوزراة عن كل ما سبق لضمان عدم تأثير العلاقات الشخصية على تطبيق اي قانون وزاري و/او آلية و/او إجراء.
- حادي عشر ولربما اهمها: العمل على كل ما سبق بحزم وشدة وبدون تهاون.
ليس المطلوب من كل مريض ان يكون قادراً على الدخول اغلى المستشفيات الخاصة، وليس المطلوب ان يكون اهل كل مريض قادرين على تحمل اعباء اي خيارات اخرى من أجل صحة مريضهم. المطلوب هو ان تكون مؤسساتنا ذات كفاءة، وان تجدد ثقتنا فيها، وان نخفض مؤشر مخاوفنا.
التاريخ ليس بقصة، بل هي دروسُ علينا ان نعتبرها وإلا سنقبع مكاننا. نحن الذين ننادي ونطالب ليلاً نهاراً بحقنا بالاستقلال، بحقنا بالعيش ضمن حدود خاصة بنا، علينا اولا ان نضمن مؤسساتنا التي هي العامود الفقريّ للدولة.