الحدث الثقافي
صدرت حديثاً عن موزاييك للترجمات والنشر والتوزيع، رواية "الوجه الأسود للبياض" للروائية الفلسطينية ريتا طه، وتقع الرواية في 104 صفحات من القطه المتوسط، وضعتها ريتا بلغة سردية أنيقة، اعتمدت أسلوب الراوي العليم، وصمم الغلاف الفنان نضال جمهور.
ولقد استطاعت ريتا طه أن تصوّب عدستها باتجاه منطقة رخوة في المجتمع الفلسطيني، منطقة لا ينتبه إليها كثيرون، أو أنهم يغفلونها عمداً، مكتفين بخوض غمار الخراب النفسي والاجتماعي الذي خلّفه الاحتلال.
"الوجه الأسود للبياض" رواية جريئة، لأنها تعاملت مع المجتمع الفلسطيني على أنه مجتمع عادي، أي خارج نطاق الأسطورة، وكأنها تقول: لسنا ملائكة، لدينا من الأخطاء ما يكفي لوأد عروس في ليلتها، ولقتل الحب بدم بارد.
إلا أن الرواية لا تغفل بالمقابل أثر الاحتلال في تشكيل بعض شخصيات الرواية، وتبدو ظلال الاحتلال واضحة في تعاملات الناس، وفي التأثير على طموحاتهم وأحلامهم.
يأتي هذا في سياق تحليل ريتا للمصائر بنظرة فلسفية، كأنها تقول إن الحياة زوبعة يثيرها الكون، ليتفاجأ كل منّا بمصيره الذي اختارته قوة الزوبعة واتجاهها.
وبمهارة عالية تصنع ريتا شخصيات روايتها، أشخاص عاديون في حياة عادية، تتبدى من خلال تصرفاتهم غير العادية، أسرار شتى كفيلة بأن تفضح حياة سرية تجري في عروق مجتمع يكون هو نفسه أول المصدومين بهذه الفضيحة، وتنفلت هذه الأسرار من خلال أحداث يشتبك فيها الخاص الواضح مع العام الغامض، في مساحة يلعب فيها البياض دور الأسود القاتم!