السبت  21 أيلول 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

المنصب الرئاسي في فرنسا يفقد من هيبته

2014-10-24 07:50:17 AM
المنصب الرئاسي في فرنسا يفقد من هيبته
صورة ارشيفية

الحدث- أ. ف. ب

يواجه فرنسوا هولاند سلسلة من الكتب تتضمن تسوية حسابات شخصية وسياسية معه، سواء لرفيقته السابقة او وزيرتين سابقتين وقريبا مستشار سابق، ما يعكس زوال هيبة المنصب الرئاسي بشكل متزايد ومتسارع في فرنسا، في ظاهرة يرى الخبراء ان الرئيس يتحمل جزءا من المسؤولية عنها.
 
كان لكتاب رفيقة فرنسوا هولاند السابقة فاليري تريرفيلر الصادر في ايلول/سبتمبر بعنوان "شكرا على تلك اللحظة" وقع الصدمة في نفوس الفرنسيين حيث نقل بشكل مفصل ولاذع نهاية علاقتهما، عارضا صورة سلبية للرئيس في كواليس قصر الاليزيه، في تسوية حسابات لم تشهدها فرنسا من قبل بالنسبة لرئيس اثناء ممارسة مهامه.
 
وبعد ذلك اصدرت وزيرتان سابقتان هما دلفين باتو التي اقيلت عام 2013 وسيسيل دوفلو التي استقالت في الربيع، كتابين استفاضتا فيهما في عرض رؤيتهما لرئاسة هولاند مع التشديد على خيبة املهما. ووصل الامر بهما الى حد مخاطبه الرئيس برفع الكلفة والكشف عن احاديث خاصة جرت معه.
 
وعنونت سيسيل دوفلو كتابها "من الداخل. رحلة في بلاد الخيبة"، فيما عنونت دلفين باتو كتابها "المتمردة"، سعيا منهما لتاكيد رفضهما لرئاسة هولاند الذي خان بنظرهما مثله العليا اليسارية وقاعدته الشعبية والداعمين له.
 
وفيما يبدأ الرئيس النصف الثاني من ولايته الرئاسية من خمس سنوات، وهو يعاني من تدني نسبة شعبيته الى مستويات قياسية، من المقرر ان يصدر احد اقرب مستشاريه السابقين اكيلينو موريل بدوره كتابا بعد طرده في نيسان/ابريل للاشتباه بقضية تضارب في المصالح وحذر منذ الان متحدثا لمجلة لو نوفيل اوبسرفاتور "سوف يكون مؤلما".
 
وقال الخبير السياسي ستيفان روزيس لوكالة فرانس برس ان "هذه الكتب تندرج ضمن ظاهرة اجتماعية مرتبطة بفقدان الاحترام للمنصب الرئاسي وفقدان الاهتمام العام".
 
واضاف منتقدا "يتم اليوم الخلط من باب النرجسية ما بين الشخص والمنصب، بدون رؤية الاضرار التي تلحق بالمنصب".
 
وندد الوزير السابق فيليب مارتين الذي خرج من الحكومة في عملية تعديل وزاري بالنزعة الفردية خلف هذا المنحى "الادبي" الذي يسلكه زملاؤه السابقون.
 
وقال "من الان فصاعدا، كل من كان شخصية معروفة يريد ان يبقي ذكراه في الاذهان، حتى لو كلف ذلك انهيار البناء الجماعي". واضاف "ان اردنا الحفاظ على مقام الجمهورية، علينا الا نسيء اليها".
 
وراى العالم الاجتماعي آلان مرجييه ان "هذه المؤلفات انما هي وجوه متعددة لظاهرة واحدة: نهاية نوع محدد من تجسيد السيادة" حيث يتبدد "الجسم الدستوري" للرئيس ولا يبقى هناك سوى "الجسم المادي"، مفسحا الطريق لعلاقات شخصية مع رئيس الدولة تهيمن عليها السلبية والفضائحية تحت انظار الشبكات الاجتماعية التي تقبل بنهم على "مباريات الملاكمة".
 
وبحسب هذا الخبير، فان المقربين من فرنسوا هولاند يشعرون انه يحق لهم أن يثأروا ويعربوا عن نقمتهم عليه في كتب "بفعل زوال هيبة الرئاسة" الذي يسجل بشكل متزايد على حد قوله منذ سنوات.
 
وقال ان "سلطة رئيس الدولة بات مطعونا فيها على ضوء مكانة اوروبا المهيمنة في القرارات، انما كذلك بفعل الوعي الذي تبلور مع الازمة المالية عام 2008، بان السلطة الفعلية هي بايدي قوى مالية عالمية".
 
غير ان فرنسوا هولاند يتحمل قسطا من المسؤولية عن فقدان هيبة الرئاسة بنظر ستيفان روزيس، باعتماده منذ وصوله الى السلطة موقفا اراده على طرفي نقيض مع سلوك سلفه اليميني الذي وصف بانه نزق ومتغطرس.
 
وقال "بعد نيكولا ساركوزي الذي حط من مقام المنصب ولا سيما بشتمه مواطنا فرنسيا بادره بالقول +اغرب من هنا ايها الاحمق الحقير+، اخطأ هولاند من جهته بتسخيفه المنصب من خلال مفهومه لرئاسة عادية. لكن الواقع ان هذا الطابع +العادي+ لا يليق بهيبة المنصب".
 
واعلن هولاند خلال حملة الانتخابات الرئاسية عام 2012 انه يريد ان يكون "رئيسا عاديا" في تباين مع رئيس سابق كان يعتبره "غير طبيعي".
 
وعلق آلان مرجييه ان "هولاند عاجز عن تجسيد سلطة المنصب التي ضعفت في الاساس، بسبب شخصيته المتقلبة والتي يصعب تحديدها، انما ايضا بسبب مشكلة فكرية: لم يعد هناك عقيدة اشتراكية".

وردا على سؤال عن كيفية اعادة الهيبة الى المنصب الرئاسي قال ستيفان روزيس انه ينبغي "التعبير عن رؤيتنا لفرنسا وشرح تحول العالم الذي تندرج فيه فرنسا".