ترجمة الحدث- أحمد بعلوشة
نشرت صحيفة هآرتس الإسرائيلية مقالا يتحدث عن المخاوف الإسرائيلية من التهديد الديموغرافي.
وفيما يلى نص التقرير مترجما:
خلال 68 عاماً من وجودها، تغيرت إسرائيل من بلد ذات كثافة سكانية منخفضة، إلى واحدة من أكثر الدول اكتظاظاً بالسكان في العالم الغربي. هذه هي المعلومة التي يفتتح بها البروفيسور ألون تال، رئيس قسم السياسة العامة بجامعة تل أبيب كتابه الأخير "الأرض ممتلئة: معالجة الاكتظاظ السكاني في إسرائيل".
هذا وتزيد كثافة السكان في إسرايئل بنسبة 1000 بالمئة عن متوسط منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي. وتشير التوقعات إلى أن إسرائيل سيكون لديها 23 مليون نسمة بحلول عام 2050. وتتنبأ التوقعات الأقل تحفظاً بـ 36 مليون نسمة بحلول ذلك الوقت. وقبل ذلك بوقت كاف، في عام 2030، سيتضاعف عدد سكان إسرائيل عما هو عليه اليوم.
وتقول كاتبة المقال أنَّ قراءة هذا الكتاب هو مثل قراءة رواية ديستوبيان. حيث جعلني أفكر في أن أطفال يكبرون في مثل هذا المكان القاسي المزدحم، ما جعلني خائفاً.
يقول البروفيسور تال إنه كتب الكتاب بسبب بناته الثلاث: "أنا صهيوني داعم وأريد لهم أن يواصلوا العيش في إسرائيل"، كما يوضح أنه على الرغم من أن كتابه متشائم ومخيف، إلا أنه يصف نفسه بالمتفائل قائلاً: "سأقول لك لماذا. مجتمعنا لديه (تابو) حول عدم جلب الأطفال إلى العالم، لكن الجميع يشعر بأنه يجب أن يكون لديهم أطفال. لكننا بلد متقدم ومن السهل نسبيا كسر هذه (التابوهات) -أي المحظورات.
ويضيف: "على مدى السنوات العشر الماضية، تغير موقف المجتمع الدولي تجاه مجتمع المثليين مثلاً. حيث تخلص المجتمع من أصعب المحرمات ودخل في مرحلة أكثر صحة. وفيما يتعلق بالولادة أيضاً، إذا كنا نقول الحقيقة فأعتقد أننا سنصل إلى هناك.. حقيقة أننا شعب براغماتي".
ولد تال في ولاية كارولينا الجنوبية لعائلة يهودية محافظة. في سن ال 17، جاء إلى إسرائيل على برنامج سنة واحدة، ووقع في حب المكان.
"إسرايئل هي المكان الذي يمكن فيه تغيير المجتمع، على عكس الولايات المتحدة، حيث يتم وضع كل شيء في مكانه فقط" يقول تال، موضحاً: "أستطيع القول إنَّ إسرائيل لم تخيبني في هذا الصدد. فقط مع وجود الأفكار في رأسي والعمل الجاد، تمكنت من تغيير ما أردت".
في سن التاسعة والعشرين، وعندما عاد إلى إسرائيل بعد حصوله على شهادة الدكتوراة من جامعة هارفرد، أسس تال منظمة آدم تيفا فدين (الاتحاد الإسرائيلي للدفاع البيئي).
ليس من قبيل المصادفة يؤكد تال صهيونيته. في مقدمة كتابه، يستشهد بالعديد من الأمثلة على التنديدات التي كتبها عن أي شخص في يثير القضية الديمغرافية في إسرائيل. ومن بين أمور أخرى، أشار إلى النصيحة التي قدمها أحد الخبراء الديمغرافيين البارزين في إسرائيل، وهو البروفيسور أرنون سوففر، إلى كل من يرؤيد التعامل مع هذه القضية قائلا: "كن مستعداً لإدانة كل من الصهيونية والفاشية من قبل اليساريين".
يقول تال أنه وخلال محاضرة له عن الانفجار السكاني، كان تفاعل الشباب مع حديثه يختلف عن تفاعل كبار السن.
"الشباب أكثر انفتاحاً على هذه القضية. أعتقد أن ذلك لأنهم لم يثقلوا أنفسهم في التفكير الصهيوني الكلاسيكي القائم على (ملء الأرض)، وفي كنيس المحافظين كان هناك معارضة كبيرة، ولكنني شعرت أنه بعد ساعتين من النقاش كان معظم الناس مقتنعين بما أقول، وسيكون التحدي الكبير هو إقناع الحاخامات الأرثوذكسيين المتطرفين وقادة البدو والسياسيين الذين لا يرون الأمور سوى على المدى القصير" يفسر تال.
من الصعب الحديث عن إمكانية تقييد معدلات الولادة، وهو أمر يثير الكثير من التشابهات مع الصين، وكذلك التفكير بأنَّ الحكومة ستبدأ التدخل في مجال الحياة الخاصة للمواطنين.
ولكن، ماذا يعني أن تخبر الحكومة مواطنيها "سنقدم لكم المزيد من المال إذا كان لديكم المزيد من الأطفال؟".
الأرثذكسيون المتطرفون لديهم ما معدله 6.5 من الأطفال في المتوسط، وهذا بفضل السياسة العامة. المعدل كان 2.5. لكن ديفيد بن غوريون قال إن أي شخص ليس لديه أكثر من أربعة أطفال يعتبر خائن!
يقول البروفيسور: "أنا لا أقول أننا سنصبح الصين الثانية، ولكن على الحكومة أن يكون لها دور وذلك من خلال عدم تدخلها وعدم تشجيعها للمزيد من الأطفال".
ويضيف: "يقول لي الناس أنه من غير الأخلاقي تحديد معدلات المواليد، وأنا أقول لهم: عفواً؟ ومن غير الأخلاقي ألا يكون لدى الناس المال لدفع ثمن الرعاية اليومية، طبيب الأٍنان، وأنشطة ما بعد المدرسة أو الجامعة لأنَّ 60% من رواتبهم الخاضعة للضريبة تذهب لتمويل الأسر التي تملك 10 أطفال وآباؤهم لا يدفعون الضريبة".
في كتابه، كتب تال أنَّ "النمو السكاني في إسرائيل يدفعه أكثر فأكثر ارتفاع معدلات الخصوبة للأرثذكسيين". وهكذا إذا كانت الخصوبة الأرثوذكسية لا تنخفض بشكل كبير، بل إن المؤشرات الاجتماعية والبيئية ذاهبة إلى تدهور، فإنَّ أولاياء الأمور الأرثذوكس لن يكونوا قادرين على دعم أطفالهم، ولذلك يتعين عليهم الاعتماد على الإعانات للبقاء على قيد الحياة، ما يعني أنَّ هؤلاء الأطفال لن يكون لديهم فرص مستقبلية متساوية أو مستقبل مزدهر.
لماذا تعتقد أن هذه المسألة حساسة؟
يقول: "أعتقد أن الحديث عن تقيد الولادة في إسرائيل هو مثل إخبار شخص ما بأنَّ رغبته في إقامة دولة يهودية أمر غير مقبول. الناس ربطت هذه الأشياء بطريقة لا يمكن فهمها.
ويضيف: "كنت أعتقد أيضاً مثل هذه الاعتقادات. فعندما تزوجت، أقسمت أن أنجب ستة أطفال -واحد لكل مليون-" مشيراً إلى ستة ملايين يهودي قتلوا في المحرقة. "لكني أتفهم اليوم أن المطلوب هو العكس، فإذا كان شخص ما يحب إسرائيل سيختار عدم اتخاذ قرار بشأن هذه المسألة الآن، ويجب على كل من يحب هذه الأرض أن يسعى لتحقيق الاستقرار، حتى تظل الأمور جيدة هنا في السنوات القليلة القادمة".