ترجمة الحدث- أحمد بعلوشة
نشرت صحيفة هآرتس الإسرائيلية مقالا تحليليا للكاتب عاموس هارئيل يتحدث فيه عن جوانب الإضراب وتأثيراته على المشهد الفلسطيني.
وفيما يلي نص المقال مترجما:
من المتوقع أن يؤدي الإضراب عن الطعام الذي يقوم به حوالي 1200 أسير فلسطيني في السجون الإسرائيلية منذ يوم الإثنين، إلى زيادة التوترات بين إسرائيل والفلسطينيين في الأيام القادمة. وفيما لو حدثت مضاعفات واستمر الإضراب لفترة طويلة، فإنّه وبحسب كاتب المقال سيتحمل المضربون المسؤولية عن المضاعفات الأمنية والدبلوماسية، في الوقت الذي تعلن فيه إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عزمها استئناف عملية السلام.
ومع ذلك، في الوقت الذي تضاعفت فيه مجموعة من الأزمات الأخرى مثل ضعف إمدادات الكهرباء لقطاع غزة، فإنه وكما يبدو أن خلفية الإضراب تتعلق بالصراعات داخل السلطة الفلسطينية أكثر مما لها علاقة بالصراع مع إسرائيل.
وموضوع الإضراب عن الطعام جاء مبادرة من شخص واحد، هو مروان البرغوثي أهم سجين فتحاوي في سجون إسرائيل، واهتمام وسائل الإعلام بالإضراب بشكل كبير سيخدمه في تحركاته تجاه قيادة السلطة الفلسطينية التي تدعم رسميا الإضراب ولكنها في الواقع تشعر بالقلق إزاء أي نتيجة يمكن أن تعزز مكانة الزعيم المسجون، لا سيما من قبل الرئيس الفلسطيني محمود عباس وحلفائه.
وكان البرغوثي قد أقر بالفعل بالنجاح المبدئي يوم الاثنين بعد تقرير نشر في صحيفة نيويورك تايمز (والذي لسبب ما حذف محررو الصحيفة فقرة تتحدث عن سبب اعتقال البرغوثي الذي قبض عليه وحوكم في عام 2002 لإرسال مسلحين لتنفيذ هجمات في ذروة الانتفاضة الثانية التي قُتل فيها خمسة إسرائيليين. وقد لاقت الصحيفة انتقادات واسعة بعد حذف هذه الفقرة).
ومن المقرر أن يزور الرئيس عباس البيت الابيض مطلع الشهر المقبل. في نهاية مايو يبدأ شهر رمضان وهذا التاريخ ليس عشوائيا، وإذا استمر الإضراب إلى ذلك الحين، فإن ذلك قد يعني أزمة خطيرة، وكلما طال أمد الإضراب، زاد احتمال حدوث مضاعفات متعلقة بدخول المضربين عن الطعام إلى المستشفى والمعضلات المتعلقة بالتغذية القسرية وخطر وفاة السجناء، الأمر الذي من شأنه أن يؤجج الحالة في الأراضي الفلسطينية.
هذا وكان البرغوثي قد جمع مختلف مطالب السجناء المتمثلة في إلغاء الاعتقالات الإدارية، وتزويد ساعات الزيارة العائلية، وتجديد الدراسات الأكاديمية، والمزيد من القنوات التلفزيونية، كقاسم مشترك واسع يمكن لمعظم السجناء من مختلف التنظيمات الفلسطينية أن يتفقوا عليه.
وأعلنت حماس التي يعمل كبار أعضائها على التنسيق الوثيق مع البرغوثي، دعمها الجزئي، فيما انضم نحو ثلث سجناء فتح إلى الإضراب. كما شارك آلاف الفلسطينيين في الضفة الغربية يوم الاثنين في تجمعات تضامنية بمناسبة يوم الأسير الفلسطيني. وفي كلتا الحالتين تبدو الأرقام مرتفعة جداً، إلا أنها لم تصل بعد إلى أن تكون أرقاما استثنائية.
وفي الجانب الاسرائيلي، يعتزم وزير الأمن العام جلعاد أردان عدم إجراء أي مفاوضات مع السجناء وعدم قبول أي طلب، وهو الأمر الذي يدعمه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع أفيغدور ليبرمان.
في الوضع الحالي، وفي ظل الواقع السياسي، فإن أردان سيضطر إلى إثبات متانته، وعلى أية حال، فإن هذه الأزمة تتطلب إدارة وثيقة من كبار المسؤولين الحكوميين ومؤسسة الدفاع، خوفاً من تداعيات الأمر خارج أسوار السجن.
يبدو أن البرغوثي وغيره من منظمي إضرابات السجون سيواجهون عقبات في محاولتهم الاستفادة من هذه الخطوة. العقبة الأولى تتعلق بمستوى الاهتمام الدولي بالاضراب، في ظل موت مئات الناس في حلب وإدلب، فسيكون من الصعب على السجناء الفلسطينيين أن يجذبوا الاهتمام من العالم العربي أو حتى الاهتمام بنضالاتهم. وبدون التقليل من الصعوبات التي يواجهها السجناء، لا يمكن تجاهل أن هناك حالات في السنوات الأخيرة يخرج فيها شباب من غزة يعبرون إلى إسرائيل بأسلحة خفيفة لأنهم يعتقدون أن الظروف في السجون الإسرائيلية أفضل من الحياة في القطاع.
تهديدات عباس
في نفس الوقت، تزداد أزمة الكهرباء في غزة. وقد عمدت حكومة حماس مرة أخرى إلى الحد من إمدادات الكهرباء التي لا تتوفر حاليا سوى ست ساعات يومياً. والخلفية هي صراع اقتصادي مع السلطة الفلسطينية حول مسألة من سيدفع الضرائب على وقود الديزل المحول من إسرائيل إلى محطة توليد الكهرباء في غزة، التي يعتمد عليها الإمداد بالكهرباء.
وحتى بداية نيسان/ أبريل الجاري، تم تمويل الضرائب من المساعدات القطرية، ولكن السلطة الفلسطينية أعلنت أنها ترفض الاستمرار في دفع هذه الضرائب.
ويأتي هذا القرار بعد خطوة أخرى قام بها الرئيس عباس، وهي خفض أجور موظفي السلطة الفلسطينية الذين يعيشون في قطاع غزة بنسبة 30%. وقال الزعيم الفلسطيني مؤخراً أنه سئم من عشر سنوات يتم فيها دفع الأجور لموظفي السلطة في غزة دون الحصول على أي شيء في المقابل من حماس. وتهدد السلطة الفلسطينية أيضاً أنه إذا لم تقم حماس بإعطاء السلطة صلاحيات إدارة القطاع بما في ذلك نقاط العبور الحدودية والأمنية، فإنها ستتوقف تماماً عن دفع التحويلات النقدية لغزة. وهناك شكوك أن يتم تنفيذ هذه التهديدات بالكامل، لكنها تعكس محاولة عباس لاتخاذ خطوات أكثر عدوانية تجاه حماس وزعيمها الجديد في قطاع غزة، يحيى السنوار.
وكما هو الحال فيما يتعلق بالبرغوثي، فإنَّ صراع السلطة بعيد عن النهاية، ومع ذلك، فإنه في هذه الحالة أيضاً، كلا الجانبين الفلسطينيين يوجهون الكثير من اللوم على الاحتلال الإسرائيلي. ولا يزال قطاع غزة قادراً على البقاء والاستمرار، حتى مع وضع الكهرباء التي لا تعمل إلا ربع الوقت. ومع ذلك أيضاً، فإنَّ إطالة أمد الأزمة يمكن أن يسهم مرة أخرى في التوترات مع إسرائيل أيضاً، حتى في الفترة التي تبدو فيها حماس -لأسبابها الخاصة- وكأنها تبذل جهدا كبيراً لوقف إطلاق الصواريخ التي تطلقها المنظمات السلفية على المجتمعات الإسرائيلية قرب حدود غزة.