الحدث- محمد غفري
منذ أن شرع الأسرى الفلسطينيون في معركة الإضراب المفتوح عن الطعام، يوم الاثنين الماضي، بالتزامن مع يوم الأسير الفلسطيني 17 نيسان الجاري، تحاول وسائل الاعلام العبرية حرف بوصلة إضراب الأسرى من إضراب مطلبي عادل يسعى الأسرى من خلاله إلى تحسين ظروف العيش في المعتقل واسترداد حققوقهم المسلوبة، إلى جعله صراع سياسي يقوده عضو اللجنة المركزية لحركة فتح مروان البرغوثي من خلال قضية الأسرى ضد خصومه السياسييين في الساحة الفلسطينية.
"إضراب الحرية والكرامة" عنوان اختارته الحركة الفلسطينية الأسيرة لمعركة الأمعاء الخاوية، ولعل أبرز مطالب الأسرى التي يسعون لتحقيقها من هذه المعركة وتم الإعلان عنها، تتثمل بإنهاء سياسة العزل، وسياسة الاعتقال الإداري، إضافة إلى المطالبة بتركيب تلفون عمومي للأسرى للتواصل مع ذويهم، ومجموعة من المطالب التي تتعلق في زيارات الأهالي، وعدد من المطالب الخاصة في علاجهم ومطالب أخرى.
في الجهة المقابلة، وتحت عنوان "مجازفة البرغوثي" كتب محلل شؤون الشرق الأوسط في "تايمز أوف إسرائيل" آفي يسسخاروف، يعتبر أن "الإضراب هو خطوة سياسية، خطط لها بحذر مروان البرغوثي، القيادي في حركة فتح العازم على اثبات سيطرته على السياسة الفلسطينية، من ناحية القدرات والمكانة، لكل المعنيين".
ويدعي الكاتب العبري في مقاله، أن "لم يكن البرغوثي، المسجون منذ عام 2002 وحكمت محكمة مدنية اسرائيلية عليه بخمسة أحكام بالسجن المؤبد، ناشطا من أجل الأسرى الفلسطينيين حتى الآن. لم يشارك في الحملات من أجل حقوق الاسرى في الاعوام الـ15 الاخيرة، وقد عارض جميع الضغوطات للإنضمام إلى اسرى فلسطينيين آخرين مضربين عن الطعام في السجون الإسرائيلية".
وبالتالي تسائل يسساخروف "إذا ماذا حدث؟ ما أدى الى إطلاق القيادي في حركة فتح هذه الخطوة؟"
وبالإجابة على ما طرحه الكاتب العبري، كتب يقول: "على الأرجح أن يكون الجواب هو خيبة أمله من القيادة الحالية لحركة فتح، وخاصة زعيم الحركة الثمانيني، رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، الذي عمل على تقليص نفوذ البرغوثي في الحركة".
وأضاف محلل شؤون الشرق الأوسط "ولدى البرغوثي مكانة رفيعة في اللجنة المركزية لحركة فتح، ولكن اصدقائه المفترضين في الحركة عملوا من أجل استثناء جميع انصاره من صفوف قيادة الحركة. وتوقع البرغوثي أيضا أنه يعينه عباس بمنصب نائبه، ولكن قام عباس بالعكس تماما في الأشهر الأخيرة، متجاهلا القائد السابق للتنظيم، ذراع مسلح لحركة فتح، وداعما جبريل رجوب ومحمد العلول بدلا عن ذلك".
في سياق متصل نشرت صحيفة هآرتس العبرية مقالاً تحليلياً للكاتب عاموس هارئيل يتحدث فيه عن جوانب الإضراب وتأثيراته على المشهد الفلسطيني.
ومما جاء في المقال ما يشير إلى أن الإضراب هو صراع سياسي فلسطيني داخلي: "موضوع الإضراب عن الطعام جاء مبادرة من شخص واحد، هو مروان البرغوثي أهم سجين فتحاوي في سجون إسرائيل، واهتمام وسائل الإعلام بالإضراب بشكل كبير سيخدمه في تحركاته تجاه قيادة السلطة الفلسطينية التي تدعم رسميا الإضراب ولكنها في الواقع تشعر بالقلق إزاء أي نتيجة يمكن أن تعزز مكانة الزعيم المسجون، لا سيما من قبل الرئيس الفلسطيني محمود عباس وحلفائه".
في المحصلة النهائية يحاول الاعلام العبري تصوير قضية إضراب الأسرى على أنه نزاع سياسي داخلي فلسطيني على السلطة بين مروان البرغوثي والرئيس أبو مازن، وذلك في محاولة للتقليل من شأنه.
ولكن مما لا شك فيه أن هذا الإضراب يحتل المكانة الأبرز في وضعنا الراهن، وقد نجح في وضع قضية الأسرى منذ اليوم الأول له على رأس سلم الاهتمامات، وهذا ما لم تفعله كل المحاولات الأخرى السياسية والقانونية والحقوقية.