ترجمة الحدث- أحمد أبو ليلى
نشرت صحيفة هآرتس في افتتاحيتها يوم أمس
فيما يلي نص الافتتاحية مترجما:
في كل عام وقبل يوم الاستقلال تنشر دائرة الإحصاء المركزية في دولة الاحتلال الإسرائيلي بيانا احتفاليا للصحافة، يتضمن في مقدمته عدد سكان اسرائيل. وذلك إلى جانب معلومات ومعطيات ديموغرافية واقتصادية عن تطور الدولة وإنجازاتها.
وجاء في كتاب الاحصاء المركزي هذه السنة أن نحو 8.68 مليون نسمة في إسرائيل، منهم 74.7 في المئة يهود، 20.8 في المئة عرب والباقي "آخرون" (بالاساس مسيحيون ليسوا عربا). وهذا هو تعبير عددي عن نجاح الصهيونية في اقامة دولة مع اغلبية يهودية حاسمة ومتماسكة، في نشر رسمي لجهة مهنية وموثوقة.
ولكن بيان دائرة الإحصاء المركزي مضلل ويتضمن عدم دقة وتلاعبا يحوله من تقرير احصائي جاف إلى وثيقة دعاية سخيفة.
ولنبدأ بعدد السكان: مكتب الاحصاء المركزي يحصي اليهود في كل الارض الاقليمية الخاضعة لسيطرة إسرائيل، من النهر وحتى البحر. اما العرب فلا يحصون الا في نطاق الخط الأخضر شرقي القدس والجولان.
ملايين الفلسطينيين في الضفة الغربية وفي قطاع غزة يبقون خارج الاحصاء. وهكذا فإن مستوطنة يهودية من الخليل هي "مواطنة إسرائيلية" وتدخل في المعطيات، وجارها الفلسطيني لا.
المشكلة هي أن مكتب الإحصاء المركزي لا يعرف كم فلسطينيا يعيشون في المناطق.
وتسيطر إسرائيل على سجل السكان التابع للسلطة الفلسطينية في الضفة بل وفي غزة. كل ولادة، سفر، زواج، طلاق او وفاة للفلسطينيين في المناطق يبلغ به السلطات الإسرائيلية.
ويمكن نشر معطيات كاملة عن السكان الخاضعين للسيطرة المباشرة وغير المباشرة لإسرائيل. يدفعون بذات الشواكل ويرتبطون بذات الشبكات. ولكن بالتالي فإن الاغلبية اليهودية ستتقلص على نحو عجيب، وفرحة يوم الاستقلال ستثبط.
ويتعاظم التضليل عندما يصف مكتب الاحصاء المركزي الاراضي الاقليمية للدولة ابنة الـ69 عاما. فالخريطة في البيان الرسمي تعرض إسرائيل مع الجولان، الضفة الغربية وقطاع غزة بلا حدود داخلية كالخط الأخضر او خطوط اوسلو وفك الارتباط. بلاد إسرائيل الكاملة.
ولكن المساحة التي ينشرها مكتب الإحصاء المركزي، 22.072 كيلو متر مربع لا تشمل الضفة وغزة. إذن هل المناطق هي جزء من إسرائيل، ام لا؟ هل المستوطنون يندرجون في الاحصاء الوطني وارض المستوطنات لا؟ هل المستوطنون يعيشون في الهواء؟
هذه المعطيات المشوهة ليست ابتكارا جديدا؛ فمكتب الإحصاء المركزي يشمل المستوطنين ضمن سكان إسرائيل منذ 1972، من عهد حكم غولدا مئير. ومنذئذ وحتى اليوم، كل الاحصائيين الحكوميين كانوا شركاء في هذا التضليل الذي يحصى فيه اليهود والعرب بشكل مختلف، رغم أن القانون يلزمهم بالعمل "وفق اعتبارات علمية".
رئيس مكتب الاحصاء المركزي الحالي البروفيسور داني بابرمن، نال في السنة الماضية التكريم: فقد رفع لقبه في القانون إلى "الإحصائي الوطني".
لكن خسارة أنه مثل اسلافه، هو ايضا يضع مكانته المهنية تحت تصرف الجهود الاعلامية الحكومية الرامية إلى اظهار يهودية كبيرة – وإخفاء الفلسطينيين عن العين وعن الوعي باسم اعتبارات علمية مزعومة.