الأربعاء  27 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

إضراب الأسرى... في الاتجاهين بقلم: تيسير الزّيري

صريح العبارة

2017-05-01 08:39:40 PM
إضراب الأسرى... في الاتجاهين
بقلم: تيسير الزّيري
تيسير الزّبري

مقالات الحدث

 

بعد ما يقارب الأسبوعين ما يزال إضراب الأسرى في السجون الإسرائيلية متواصلاً،وهو يكتسب زخماً جماهيرياً يوماً بعد آخر، ويمتد تأثير الإضراب إلى دوائر أوسع، عربية ودولية، ويأخذ أبعاداً سياسية بالرغم من أن المطالب التي أعلنها الأسرى المضربون مطالب حياتية وإنسانية.

 

الأسرى المضربون عن الطعام للأسباب التي أعلنوها، يدركون بدقة أنهم يواجهون حكومة يمينية تدير ظهرها للمجتمع الفلسطيني داخل السجن الصغير أو داخل السجن الكبير،وأمام بصر العالم وسمعه، ولا تأبه للمجتمع الدولي ولا إلى القرارات الدولية.ربما لهذا السبب فإن الأسرى حددوا مطالبهم بالقضايا المطلبية والإنسانية،كما أن الأسرى يتابعون الحال السياسي الفلسطيني خارج جدران السجون، وأسوأ ما فيه حالة الانقسام الداخلي وما تتركه من تداعيات قريبة وبعيدة على مصيرنا الوطني،بما فيه تأثيرها على أوضاع الأسرى، وهذا هو الاتجاه الثاني في حركة الإضراب عن الطعام.

 

ردود الفعل الإسرائيلية الرسمية على الإضراب تدلل على مدى العنصرية التي تتصف بها الحكومة،حكومة المستوطنين، وبكل التحدي للعالم فإن الوزير ليبرمان لم يتردد في القول "دعهم يموتون"، إضافة إلى إجراءات القمع الممارسة من إدارة السجون، في النقل والعزل والحرمان من لقاء المحامين...ولا يتردد رئيس أركان حكومة اليمين والاستيطان عن التشبه برئيسة وزراء الحكومة البريطانية السابقة "مارغريت تاتشر" عندما قابلت مضربي الجيش الإيرلندي بالإهمال حتى الموت!

 

السجناء الفلسطينيون المضربون عن الطعام سوف يعتمدون على إرادتهم في مواجهة السجان، ولن يهزموا في هذه المعركة رغم قساوتها، ولكن عذابهم أمام السجان يتقلص إلى الحد الأدنى أمام اتساع حالة التضامن والالتفاف الشعبي الفلسطيني،وعلى الصعيدين العربي والعالمي، الأمر الذي يفتح الباب أمام استردادهم حقوقهم وضمان تحقيق مطالبهم الإنسانية.

 

من أبرز مظاهر حركة الأسرى أنهم ضربوا المثل في الوحدة الداخلية وروح التضامن، على العكس من الواقع الفلسطيني خارج السجون الإسرائيلية، ولا ننسى أن أول من رفع شعار توحيد الموقف الفلسطيني عندما بدأت تظهر علامات الانقسام بعد انتخابات المجلس التشريعي في كانون ثاني عام 2006، وما عرف وقتها بـ "وثيقة الأسرى" التي ما زالت صالحةلحل الخلاف الداخلي حتى اليوم، إضافة إلى الوثائق التي صدرت في الأعوام التي تبعت الانقسام (وثيقة 2011،2014)، وجميعها وضعت على الرف!

 

في مقاربة الإضراب نلحظ حالتين متناقضتين،إذ في الوقت الذي يحتضن فيه الشعب الفلسطيني بكل أماكن تواجده أبناءه المضربين، ويمتد هذا التضامن إلى أبعاد إقليمية ودولية، فإن الحركة الداخلية في الصراع السياسي بخصوص إنهاء الانقسام تتراجع، وهذه الحاله تؤذي الأسرى وتصفع مطالبهم بما فيها مناشداتهم إنهاء هذا الفصل الأسود من تاريخ الشعب الفلسطيني، ولا ننسى المناشدة التي نقلتها عميدة الأسيرات الفلسطينيات "لينا الجربوني" بدعوة الأسرى والأسيرات بالعمل الجاد من أجل إغلاق هذا الفصل الأسود من تاريخنا الحديث.

 

أملنا ألا يصاب الأسرى بخيبة أمل من مراقبتهم، وهم يصارعون قسوة السجن والإضراب، الطريقة التي تجري بها "معالجة" الانقسام، وهي طريقة تشبه المطالبة باستسلام الطرف المنقسم، كما لن تتم بالتضييق المالي على موظفي السلطة المضربين والخصم من رواتبهم،وأخيراً بعدم المساهمة بثمن المحروقات، أو بالتلويح باعتبار قطاع غزة "إقليماً متمرداً"، بما يترتب على مثل هذا القرار، في حال اتخاذه، ولن ينتهي الانقسام بتشكيل هيئات شبه حكومية واستخدام عبارة "غادرنا الحكومة ولم نغادر الحكم". وحدة الشعب الفلسطيني ووحدة إرادته السياسيةقرارات يأخذها الفلسطينيون أنفسهم ولا يجوز بأي حال أن تخضع لسياسة المحاور العربية وتكتيكها البائس ولا بالتعلق بأوهام ما يمكن أن يقدمه اليانكي الأمريكي!

 

إن أفضل سياسة يمكن انتهاجها لمواجهة التعنت الإسرائيلي والدعم الأمريكي المتزايد في ظل الإدارة الجديدة، هو بوحدتنا الداخليةوالتمسك بحقوقنا المشروعة، وهذه سياسة تشكل الدعم الحقيقي للأسرى في السجون الإسرائيلية.