السبت  23 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

ترجمة "الحدث" | كيف أصبح الزعتر ضحية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي؟

2017-05-05 07:39:41 AM
ترجمة
زعتر فلسطيني (تصوير: الحدث 2017)

ترجمة الحدث- أحمد بعلوشة

 

نشرت صحيفة هآرتس الإسرائيلية تقريرا حول الزعتر وكيف أنه ضحية الصراع الفلسطيني والاسرائيلي.

 

وفيما يلي نص التقرير: 

 

في مطحنة باسم القادري، هناك طاحونة خاصة بالزعتر، يُطحن فيها الزعتر القادم من أماكن مختلفة ويدمج بمكونات اخرى من التوابل التي تخلق مزيجاً جميلأ.

 

في منطقة في الجليل الأوسط، هناك مجتمع عربي صغير يستخدم الطاحونة لصناعة الزعتر، ويكاد لا يخلو بيت واحد من الزعتر، حيث يذهب أطفال هذه المنطقة إلى مدارسهم مع ساندويشة من خبر البيتا، وبعض الزعتر.

 

يأتي بعض سكان القرى المجاورة إلى القادري مع أوراق زعترهم المجففة، ويطلبون منه طحنها، بينما يشتري آخرون الورق منه، ويقومون هم بطحنه وصناعة المنتج النهائي، الذي يشمل السمسم والسماق والملح، ولدى القادري أيضاً زبائن يشترون منه خليطه الذي يفتخر به.

 

يقول داهود الصفدي صاحب مطعم ديانا في الناصرة: "في الموسم، وفي شهري آذار ونيسان تحديداً، يكون الزعتر شبيها بملح المطبخ بالنسبة لي". ويتابع: "أضيفه إلى كل شيء تقريباً، اللحوم والأسماك والمخللات، كما أن الخبز مع زيت الزيتون والزعتر هو وجبة كاملة. الناس لا يحتاجون إلى أكثر بكثير من ذلك. ربما فقط إلى بعض الطماطم والبصل إلى جانبه".

 

يتم تجفيف الزعتر عادة وأكله مع الخبز وزيت الزيتون، حيث يعتبر عنصر محلي رئيسي، وأصبح رمزاً للثقافة الفلسطينية. يقول ربيع اغبارية، وهو خريج قانون كتب مقالات عن معركة حول الزعتر في كتاب نشرته جامعة تل ابيب عن القانون والغذاء: "إن الزعتر لا يعتبر فريداً فقط بالنسبة للمطبخ الفلسطيني".

 

ويضيف اغبارية أنه "كما هو الحال بالنسبة للأشياء الاكثر شيوعا كالحمص والفلافل، فهي جميعا أطعمة موجودة في المطبخ السوري واللبناني، لكنها اكتسبت مكانة خاصة في الثقافة الفلسطينية، حيت أن الزعتر الذي انتشر منذ مئات السنين، كان دائماً يرمز إلى ارتباط الفلسطيني بالأرض". وفي إشارة إلى ما يسمى حرب الاستقلال الاسرائيلية عام 2948، حين طُرد أكثر من 700 ألف عربي من ديارهم، أضاف اغبارية: "بعد النكبة، أخذ الزعتر أهمية إضافية كرمز للقومية الفلسطينية الحديثة، وبالنسبة للاجئين الفلسطينيين، فهو يرمز إلى العلاقة بالوطن".

 

البروفيسور ناتيف دوداي، الباحث في النباتات العشبية والعطرية في معهد البحوث الزراعية في فولكاني، والذي كتب أطروحة الماجستير الخاصة به في الزعتر، يطلق عليه اسم "سوبر فود" أي الطعام الخارق. ويقوم البروفيسور برعاية 256 نوعاً من الزعتر التي جمعها في العقود الأخيرة. بينما يقول أحد زملائه، أبراهام داهان، إن زراعة الزعتر (إزوف بالعبرية) ترتبط ارتباطاً وثيقاً بتاريخ الشعب اليهودي، وأنه يرمز إلى الخلاص لأبناء إسرائيل من العبودية في مصر!

 

قصة الخروج، كان فيها أن اليهود استخدموا الزعتر لوسم منازلهم بدماء أضحية الخروف، من أجل ألا يلمس الموت أبناءهم كما فعل المصريون.

 

ويطمح دوداي إلى الزوفا المتشابكة، ونبتة أخرى تدعى الأوريغانو، وهي شائعة في أوروبا، وأشار إلى أن المزارعين الإسرائيليين حاولوا في الثمانينات بيع الزعتر في الخارج باستخدام اسم الأوريغانو، لكنهم وجدوا صعوبة في دخول السوق الشرق أوسطي. وإذا ما بُذلت هذه الجهود في الوقت الحالي، فمن الممكن افتراض أن النتائج ستكون مختلفة، خاصة في ظل الاهتمام من جميع أنحاء العالم بطعام الشرق الأوسط - وخاصة الفلسطيني والإسرائيلي- حيث أصبح الزعتر مثلاً شيء معروف على نحو متزايد كعنصر طهي.

 

أي شخص يذهب إلى كالوستيان في نيويورك، وهي واحدة من أكبر الأماكن المخصصة للاغذية والتوابل في العالم، فسوف يجد العشرات من اصناف الزعتر من جميع أنحاء الشرق الأوسط، بما في ذلك من إسرائيل.

 

ولكن الآن، أصبحت هذه الأعشاب هي محط نزاع بين الإسرائيلي والفلسطيني، وكل منهم يحاول إثبات علاقته به، وتتمحور حول حظر إسرائيل لانتقاء الزعتر البري (الزوفا)، كما يستمر الصراع فيما يتعلق بالأرض والانتماء، حيث أصبح الزعتر مثل الحمص، هو رمز آخر للصراع الإسرائيلي الفلسطيني.

 

تم وضع الزوفا البرية، وهي جزء من النظام الغذائي للسكان الذين عاشوا على هذه الأرض لقرون، على قائمة إسرائيل للنباتات المحمية عندما صدر في عام 2977. وتشمل القائمة ايضا الزهور مثل النعمان، والتي تجري حملات توعية عامة على مستوى رفيع لحمايتها. كما أن هناك 257 نوع من النباتات التي يجري حمايتها.

 

ويرى العديد من علماء النبات والبية أنه ليس هناك ما يبرر في هذا الوقت فرض حظر على جمع نباتات الزوفا البرية. هذا ويتعرض المخالفون، بمن فيهم أي شخص يمتلك أو يتاجر في النبات البري بأي كمية، لعقوبة تصل إلى ثلاث سنوات سجن، وعادة ما يعاقبون فقط بغرامة مالية.

 

تحاول السلطات الإسرائيلية تشجيع زراعة نباتات الزوفا، ولكن الفلسطينين يقومون بقطفها، ويقولون أنهم يفعلون ذلك بطريقة مستدامة لا تضر بقدرة النبات على النمو، وأنهم يقومون بذلك إما على سبيل التقليد، أو كعمل احتجاجي على سياسة يعتبرونها مناهضة للفلسطينيين.

 

من جانبه، يقول اغبارية أن هناك تقليد للخروج إلى الطبيعة والحصاد، ومن المستحيل فهم الحظر على حصاد النبات بعيداً عن السياق الثقافي، بمعنى أن أهمية الزعتر وحصاده هو أمر موجود في الثقافة الفلسطينية وفي تشكيل الهوية الفلسطيني أيضاً.

 

وفي اعتراضه على النهج الإسرائيلي، يقول اغبارية "الصهيونية كحركة، تسعى للحصول على السيطرة على الطبيعة، على النباتات وعلى الأرض. هي الأيدولوجيا الصهيونية، وهي أيدلوجيا بن غوريون، التي تهدف إلى استخراج الأفضل من الأرض، ومثل هذا النهج هو نموذج استعماري". كما يذكر اغبارية جهود الحركة الصهيونية لاستنزاف بحيرة الحولة، والتي كان ينظر إليها فيما بعد على أنها خطأ بيئي".

 

ويختتم: "أنا لست خبيراً في علم النبات، ولا أعرف ما هو التوازن الدقيق المطلوب للحفاظ على الزعتر، لكني أعلم أن النسخة الحالية من القانون الإسرائيلي كاذبة وغير مبررة".