السبت  23 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

ترجمة الحدث | اجتماع عباس بترامب يثبت أنَّ السلطة قوية – رغم ضعفها

2017-05-07 06:19:57 AM
ترجمة الحدث | اجتماع عباس بترامب يثبت أنَّ السلطة قوية – رغم ضعفها
لقاء الرئيسين ترامب وعباس في واشنطن (تصوير: AP)

 

ترجمة الحدث - أحمد بعلوشة

 

نشرت صحيفة هآرتس الاسرائيلية مقال الرأي التالي حول اهمية لقاء الرئيس محمود عباس، رئيس دولة فلسطين، بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

 

وفيما يلي نص المقال مترجما:

 

إنَّ أهم أمر في لقاء الرئيس الأمريكي دونالد ترمب بالرئيس الفلسطيني محمود عباس.. هو الاجتماع نفسه. والذي يبين أن البيت الأبيض يعتبر السلطة الفلسطينية عاملاً دولياً هاماً وعنصراً إقليميا مستقرا. وهذا يبرر الابتسامات على وجوه الوفد الفلسطيني في مأدبة الغداء مع الزعيمين.

 

ومن الناحية الرسمية، ينظر إلى السلطة الفلسطينية على أنها ممر أساسي لإقامة الدولة الفلسطينية. والواقع أنه مشروع يدعمه العالم من أجل الاستقرار إقليمياً. و"الاستقرار" أصبح مرادفاً لاستمرار البناء في المستوطنات الاسرائيلية بالضفة الغربية دون أي آثار دبلوماسية أو عسكرية خطيرة على إسرائيل، ودون صدامات كبيرة من مواقف الدول الغربية. هذا هو مصدر قوة السلطة الفلسطينية حتى وإن كانت ضعيفة جداً.. ويبدو أن ترمب يفهم هذا الأمر.

 

وجد ترامب أنه من المناسب تكريس العديد من الكلمات للجهاز الأمني للسلطة الفلسطينية والتنسيق الأمني مع إسرائيل، وقال ترامب في مؤتمر صحفي يوم الأربعاء: "يجب علينا أن نواصل بناء شراكتنا مع قوات الأمن الفلسطينية لمكافحة الإرهاب. كما أشيد بالتنسيق الأمني المستمر للسلطة الفلسطينية مع إسرائيل. إنه يجري بشكل رائع. كان لي اجتماعات وكنت في هذه الاجتماعات أعجب جداً وفوجئت إلى حد ما في كيفية حصول التنسيق دائما، حيث أن الجهتان تعملان معاً بشكل جميل".

 

وقد حث اللوبي المؤيد لإسرائيل ترامب مراراً على الحديث عن الدفعات المقدمة للأسرى الفلسطينيين والتحريض الذي قاموا به، وفقاً لما ذكره المتحدث باسم البيت الأبيض. لكن اللوبي نسي أن يقول إنَّ الثناء العام على التنسيق الأمني يفسد بعض الأمور بالنسبة لعباس ويحرج ارتباطه بفتح.

 

التنسيق الأمني، أو ما يطلق عليه البعض الخدمات التي تقدمها أجهزة الأمن الخاصة بالسلطة لإسرائيل، هو شيء يتم القيام به وليس الحديث عنه. والواقع أن سامي أبو زهري أحد قيادات حماس، سبق أن غرد بأنَّ مثل هذا الحديث يثبت أن السلطة الفلسطينية تحصل على مساعدات اقتصادية مقابل محاربة المعارضة الفلسطينية.

 

ويتعين على السفير الفلسطيني الجديد في واشنطن حسام زملط، وهو رجل بارز تم اختياره مؤخراً كعضو في المجلس الثوري لحركة فتح، يتعين عليه أن يضيف مهمة أخرى إلى قائمته الطويلة - ليشرح للبيت الأبيض أن الأمن والتعاون هو جزء من صفقة كاملة من التناقضات الداخلية- وقد قررت اللجة المركزية لمنظمة التحرير الفلسطينية قبل عامين إلغاء التعاون الأمني مع إسرائيل. وإذا لم ينفذ القرار، فذلك لأنَّ القرار الحقيقي هو للرجل الذي يدفع الرواتب وهو مسؤول عن التمويل.. عباس. وهناك ثمن يدفع مقابل التعاون الأمني الذي لا يحظى بشعبية واسعة. وهو أمر لا يتوافق كثيراً معه قيادات بارزة من حركة فتح، وساء كانوا داخل أو خارج السجون، ولربما قد تم اخبار جماعة ترمب بذلك. كما أن رئيس المخابرات الفلسطينية ماجد فرج الذي رافق وفد عباس، هو أيضاً سجين سابق، مثل العديد من رؤساء قوات الأمن الفلسطينية وقادة المناطق الموالين لعباس. وسوف يكون من الصعب جداً عليهم أن يفسروا المسؤولية عن الرفاق وأسرهم. ومن أجل استقرار السلطة الفلسطينية، لا يمكن ان تسمح لنفسها عبور الخط الذي يفصل بين التعاون و"الخيانة".

 

وبينما كان ترمب وعباس مجتمعان، تم تنظيم مسيرة كبيرة للأسرى المضربين عن الطعام في ساحة نيلسون مانديلا في رام الله. كانت أعلام حركة فتح الصفراء بارزة في هذه المسيرة، وكانت فدوى البرغوثي تقرأ رسالة من زوجها مروان -وهو زعيم فلسطيني أسير محكوم بخمس مؤبدات- وقالت الرسالة إنَّ "الأسرى الفلسطينيين يثقون بأنَّ شعبهم سيستمر بالولاء لهم، وأنه سيدعم صمود الأسرى وعائلاتهم الذين تحملوا التضحية والمشقة والمعاناة".

 

حتى لو كان هناك في البداية بعض الذين فسروا الإضراب عن الطعام على أنه مجرد مغامرة من فتح أو أداة من البرغوثي ضد عباس، وحتى لو حاولت مصلحة السجون الإسرائيلية التقليل من أهمية هذا الإضراب في التقارير ووسائل الإعلام الإسرائيلية، فإنه ولليوم التاسع عشر ما زال الإضراب يحكم العناوين الرئيسية لوسائل الإعلام. وهو أمر يحفز الشباب الفلسطيني على الاشتباك مع الجيش الإسرائيلي ويمكن الناشطين المؤيدين للفلسطينيين في الخارج من القيام بأنشطة داعمة لهم. وفي يوم الخميس، ذُكر أن 50 من قادة مختلف الفصائل الفلسطينية انضموا إلى الإضراب، حيث لم يكونوا قد فعلوا ذلك من قبل لأسباب خاصة بهم، ولكن الآن لم يعد بإمكانهم الوقوف بعيداً.

 

في غزة، سعى نشطاء فتح إلى ربط دعم السجناء بدعم عباس في يوم الاجتماع الأخير مع ترامب، وكشكل موازن للحملة التي تديرها حماس "عباس لا يدعمني". وجاء ذلك بعد يوم من نشر وثيقة المبادئ التي تلتزم فيها حماس بالديمقراطية والتعددية، وسرعان ما اعتقلت أجهزة الأمن الداخلي التابعة لحماس ناشطي حركة فتح واحتجزت حافلة كانت تنقل الناس إلى المظاهرة. ومن السجن.. كان البرغوثي قادراً بالفعل على توضيح أن حركة فتح ذات صلة بل وقادت نشطاء من غزة، الذين عادة ما يشلُّهم الخوف من العمل.. حتى من أجل الرئيس عباس.

 

في النهاية، فتح هي العمود الفقري للسلطة الفسلطينية. عباس يناور فيها جيداً، ولكنه أيضاً يعتمد عليها. كما أن زملط سيكون كذلك في واشنطن، في حال استمرت مطالبات اسرائيل فيما يتعلق بحجب المدفوعات الخاصة بالأسرى.

 

ترامب يتحدث عن السلام، وحديث عباس حول حل الدولتين لطيف. عباس يعرف بالتأكيد ما يعنيه بكل كلمة ينطق بها. لكن رؤية الدولة الفلسطينية تتراجع. وقد أصبح استقرار السلطة الفلسطينية من زمن بعيد هدفاً رئيسيا للرئيس الفلسطيني محمود عباس. ومن خلال أداة مؤقتة وأداة قصيرة الأجل لبناء الدولة على النحو المحدد في اتفاقات أوسلو. وحتى حماس في بيان مبادئها تعترف بوجود السلطة الفلسطينية ووظيفتها في خدمة الشعب بأسرة، على الغم من أن حماس تنكر مشروعية اتفاق أوسلو. وبالنسبة لإسرائيل وعلى الرغم من مهاجمتها للسلطة الفلسطينية على مدار الساعة، إلا أن السلطة الفلسطينية هي مساحة تعيق غضب الناس الذين يستيقظون كل صباح على أخبار مثل التي سمعناها مؤخراً حول اقتحام الجيش الاسرائيلي المستشفى الحكومي في رام الله واطلاق الرصاص والغاز المسيل للدموع، كما دمرت القوات الإسرائيلية أربعة منازل في قرية الولجة بالضفة الغربية، حيث تم تجديد أعمال البناء على الجدار الذي سيؤدي إلى قطع القرية عن أراضيها، فضلاً عن المباني في حيي الطور والعيسوية في القدس، كما أطلقت البحرية الإسرائيلية النار على الصيادين في غزة.

 

وإذا كانت هذه التقارير لا تؤدي إلى انتفاضة عامة، تشكل قوات الأمن حاجزاً بين الجيش الإسرائيلي والفلسطينيين، ونظراً لعدم وجود أي قيادة واستراتيجية واعدة أخرى، فإنه ينظر إلى السلطة الفلسطينية على أنها تقدم الخدمات الأساسية للفلسطينيين، ولا يجب المخاطرة بوجودها.

 

وتوفر السلطة الفلسطينية الاستقرار الاقتصادي لعشرات الآلاف من موظفي الخدمة المدنية والأجهزة الأمنية ومتلقي البدلات المختلفة. هذا الاستقرار بات في خطر بسبب الصعوبات الاقتصادية التي تواجهها السلطة الفلسطينية. وحذرت الدول المانحة مجدداً يوم الخميس الماضي من هذه الصعوبات في اجتماعها الدوري في بروكسل. وربط البنك الدولي مرة أخرة التراجع الخطير للاقتصاد الفلسطيني بالقيود الإسرائيلية المفروضة والسيطرة على المنطقة "ج" وعدم تحويل الأموال إلى السلطة الفلسطينية. وأشار تقرير للبنك الدولي إلى أن الحكومة الاسرائيلية تستطيع تحسين أوضاع الشعب الفلسطيني (خاصة الشباب) من خلال التنفيذ الكامل للاتفاقات القائمة لتسهيل الحركة والوصول إلى الموارد، ومعالجة مطالبات السلطة الفلسطينية بعائدات الإيرادات. وأضاف التقرير أن ارتفاع مستويات البطالة الفلسطينية وخاصة بين الشباب "ليس في مصلحة أحد".

 

إنَّ الأموال التي تذهب لعائلات الأسرى الفلسطينيين هي جزء من مجموعة كاملة من البدلات والمرتبات "الوهمية" التي تعوض الناس عن تدمير الاقتصاد الفلسطيني من قبل إسرائيل وارتفاع معدلات البطالة. حيث وصلت 21.7% في عام 2007، و26.9% في العام 2016. في قطاع غزة وحده وصلت نسبة البطالة إلى 41%، وفي حين يعمل 53% من العاملين بأجر في القطاع الخاص الفلسطيني في الضفة وغزة.. فإنَّ مرتباتهم أقل من مرتبات العاملين في القطاع العام. وقد انخفضت هذه المرتبات في السنوات الأخيرة من 80 شيكل يومياً، إلى 70 شيكل، كما أفاد الجهاز المركزي للإحصاء الفسلطيني.

 

وتعلم القيادة الفلسطينية أكثر من ترمب أن اتفاق السلام مع إسرائيل هو أبعد من نهاية ولايته. ولكن القيادة تسمح لنفسها بأن تتوقع أن ترمب هو رجل أعمال، وسيفهم شدة القيود الإسرائيلية وسوف يتدخل لتخفيفها، وفي ذلك، فإنَّ التفاؤل الحذر الذي قدمه الفلسطينيون ليس سخيفاً.