ترجمة الحدث- أحمد بعلوشة
نشرت صحيفة هآرتس الإسرائيلية تقريرا حول نتائج انتخابات حركة "حماس" الداخلية وآثار انتخاب اسماعيل هنية رئيسا للمكتب السياسي للحركة.
وفيما يلي نص التقرير مترجما:
بدون استطلاعات مبكرة ومضللة، ودون تدخل روسي، فإنَّ انتخابات حماس يوم السبت هي حالة نادرة جاءت ضمن توقعات الخبراء.
ومن المتوقع أن يؤدي انتخاب الحركة اسماعيل هنية لرئاسة مكتبها إلى تحول في موازين القوى، وإعادة ثقل حماس في قطاع غزة على قيادة المنظمة في الخارج. لكن وفقاً لتقديرات المخابرات الإسرائيلية، فإنَّ فوز هنية لن يلغي تماماً تأثير رئيس المكتب السياسي المنتهية ولايته خالد مشعد، والذي قدم لهنية خلال العام الماضي ورشة عمل تحضيرية قبل تعيينه رسميا خلفاً له. حيث قدم مشعل هنية للعديد من القادة العرب. ومن الآن فصاعداً سيكون هنية الوجه الرسمي لحركة حماس.
ويتعين على هنية أن يستمر في المناورة بحذر ومهارة بين مختلف الدول التي تحاول إملاء السياسات على حماس.
كان على مشعل في ظل عدم الاستقرار في العالم العربي أن يقطع حماس من المحوري الإيراني السوري، للحفاظ على علاقتها مع الدول السنية الكبرى، أولها المملكة العربية السعودية، وإلى حد ما مصر. لم تكن قيادة الجناح العسكري لحماس في غزة برئاسة يحيى السنوار ومحمد ضيف طرفاً في هذه الاعتبارات، وعلى مدى العامين الماضيين جددت الحركة علاقاتها مع إيران، على الرغم من خطر تحديد حماس بالمحور الشيعي في المنطقة. كما جددت طهران مساعدتها المالية للجناح العسكري للحركة في غزة. لكن المبلغ انخفض، وكغيرها من متلقي المساعدة في العالم العربي، ومنهم السلطة الفلسطينية، كان على حماس في السنوات الأخيرة أيضاً أن تذهب بقدر كبير من المال لبناء ترسانتها العسكرية.
وكان قد تم انتخاب السنوار رئيساً لحركة حماس في غزة ليحل محل هنية، الأمر الذي تم الإعلان عنه قبل بضعة أشهر. ويبدو أنَّ هنية سيضطر إلى المناورة بدقة هنا أيضاً بين استطلاعات الرأي المعاكسة -الجناح العسكري في قطاع غزة، ومشعل الذي يعيش في قطر-.
من حيث المبدأ، فإنَّ الجناح العسكري هو أكثر نشاطاً في مقاربته لإسرائيل، ويميل إلى ما يطلق عليه المقاومة، وفي وقت الأزمات.. غالبا ما تتحول الأمور وتنقلب رأساً على عقب.
في حرب 2014 على غزة، كان رؤساء الجناح العسكري يسعون إلى وقف إطلاق النار وانهاء القتال، في ظل الضغط العسكري الشديد من قبل إسرائيل، في حين اعتقد مشعل أن القتال يمكن أن يستمر. وباعتبار هنية مقيماً في قطاع غزة على مدى سنوات طويلة، فيبدو أنه أكثر ارتباطاً بواقع الحياة هناك من مشعل الذي يعيش الآن في قطر وقبل ذلك في دمشق، حيث ولد في الضفة الغربية ونادراً ما كان يزور القطاع.
وستتابع إسرائيل عن كثب، لمعرفة مكان إقامة هنية الدائم كرئيس للحركة. ومن شأن الإقامة الدائمة نسبياً في قطاع غزة أن تعطيه شرعية عامة أكبر. ومن ناحية أخرى، يمكن أن يجد نفسه سجيناً في قطاع غزة، في ظل تقييد حركته وتحديد حرية عمله في حال وجود أزمة أخرى بين حماس ومصر التي لا تزال حكومتها بعيدة عن التقرب من حماس.
وقد أنجزت حماس عمليتين مهمتين في الأشهر الأخيرة: جولة الانتخابات لمؤسساتها ومناصبها العليا، وصياغة وثيقتها الجديدة التي لا تحل محل ميثاق حماس القديم، ولكنها قد تمنح المنظمة صورة أكثر واقعية قليلاً فيما يتعلق بإسرائيل.
ولكن هنية يواجه تحديات صعبة في المستقبل القريب، وفي مواجهتها سيكون عليه أن يأخذ في الاعتبار مواقف السنوار والقادة العسكريين الآخرين لحماس. ويمكن بالفعل ملاحظة مصدرين للضغط: التحركات التي تقوم بها السلطة الفلسطينية لتخفيض مدفوعات المرتبات لموظفيها في قطاع غزة، ووقف المساعدة في دفعات الوقود والكهرباء، ما أدى إلى تفاقم الحالة المتردية للبنية التحتية المدنية في قطاع غزة.
ومن المتوقع أن يكون هناك مصدرا هام آخر للضغط، عندما تبدأ إسرائيل العمل الهندسي الرئيسي على الحدود مع قطاع غزة لمنع الأنفاق الهجومية التي حفرتها حماس.
ولا يزال معظم مسؤولي المخابرات الإسرائيلية يعتقدون أن حماس لا تريد صراعاً عسكرياً في المستقبل القريب، لأنَّ المنظمة لم تتعافى تماماً من حرب غزة عام 2014. ومع ذلك، سيبدأ هنية فترة ولايته في ظروف معقدة، والتي لها الكثير من القواسم المشتركة مع الوضع الذي أدى إلى اندلاع الحرب قبل ثلاث سنوات.