الأربعاء  27 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

اخطأت حماس وإن أصابت كتب: أحمد زكارنة

2017-05-08 10:48:30 PM
اخطأت حماس وإن أصابت
كتب: أحمد زكارنة

أصابت حركة حماس حين أقرت مراجعتها الفكرية التي استهلكت منها أكثر من عشر سنوات من الطرح والتداول، فجاء طرحها السياسي الجديد المعنون بـ "وثيقة المبادئ والسياسات العامة"، لتوثق ما توصلت إليه هذه المراجعات من توجهات سياسية جديدة، وإن لم تأت بجديد، ونقول: وإن لم تأت بجديد، لأن حركة حماس، ومنذ أن مارست حقها في المشاركة السياسية في انتخابات المجلس التشريعي في العام 2006، فهي جدّدت فعلياً من توجهها السياسي المخالف لميثاقها الذي صدّرته في العام 1988 بعد أقل من عام واحد من إعلان تأسيسها عام 1987.

 

فهي أنجبت ممارستها السياسية هذه آنذاك في مشفى أوسلو، ما يعني أنها اعترفت ضمنياً بما تضمنته هذه الاتفاقيات، وأقصد "أوسلو"  في خطها العام، وليس بالضرورة أن تكون قد وافقت على كامل ما تطرحه في تفاصيلها الدقيقة، والأهم أنها تعاطت فكرياً مع حل الدولتين، عبر مشاركتها في إدارة وطنها، وهي بهذه المشاركة تكون قد اعترفت أيضاًبوجود كيان المحتل، حين أقرت بالممارسة وليس بالقول إنها إذ تشارك في إدارة كيان وطني مجاور لهذا الكيان الغاصب. ما يعني أن الجديد الفعلي في الطرح الأخير، كان هذا التحول من الممارسة إلى التوثيق، فكانت هذهالورقة التي لا يمكن للحركة أن تتنكر لها فيما بعد.

 

أما لماذا نقول: إنها اخطأت، فذلك لأنها حينما أرادت أن تطرح مراجعتها الفكرية هذه، لم تطرحها لتفعيل المشروع الوطني، بمعالجة المعضلة الداخلية، وإنما طرحتها باعتبارها وصفة قد تكون بديلة عن منظمة التحرير الفلسطينية، وعن قيادة هذه المنظمة المتمثلة في حركة فتح، ودليل ذلك يكمن في تصدريها لهذه الوثيقة باللغة الانجليزية، قبل العربية، برغم أن الشريحة المعنية والمستهدفة بالأصل هي شريحة شعبها العربي، وثانياً فيما جاهر به رئيس المكتب السياسي السابق الأستاذ خالد مشعل في تصريحاته الموجهة بشكل واضح وصريح للإدارة الأمريكية الجديدة، كي تستفيد مما طرحته الحركة عبر هذه الوثيقة، وكأنه يقول: نحن البديل الأكثر جاهزية.

 

غير أنها لم تلتقط الإشارة الصحيحة حينما تغافلت عن حال القطاع وما يمر به اليوم من إشكال وطني عميق، كان يمكن لها أن تنزع فتيل أزمته بموقف سياسي فاعل واحد، ألا هو أن يرافق إعلان وثيقتها، إعلان تراجع الحركة عن سيطرتها على قطاع غزة.

 

فضلاً عن كونها لم تستغل الفرصة التاريخية التي قد لا تتكرر، بأن تسحب البساط من تحت أقدام حركة فتح وفصائل المنظمة مجتمعة، بأن تعلن في رسالة واضحة للعالم أجمع، أنها تقف خلف الرئيس محمود عباس في مباحثاته مع الإدارة الأمريكية الجديدة برئاسة الرئيس ترامبفي لقائهما الأول المتزامن مع إعلان وثيقتها.

 

ما يعني قولها لمرة واحدة وإلى الأبد، وداعاً لهذا الانقسام الداخلي الذي أضر بالقضية الفلسطينية، بما لا يقل عن ضرر النكبة الفلسطينية بحد ذاتها.

 

أخطأت حماس لأنها بتوجهها الأخير، فضحت حقيقة أنها تبحث عن السلطة قبل القضية، وتنظر للخارج قبل الداخل، وتهتم بوضعهاالسياسي قبل أن تهتم بشعبها المكلوم.. نعم يؤسفنا القول: إنها اخطأت في ممارستها، وإن أصابت في إعلانها.