مختارات الحدث
يهودي أميركي، وأستاذ فخري للقانون الدولي في جامعة برنستون، ومقرر سابق للأمم المتحدة معني بحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، عرف بمواقفه المناهضة للسياسات الإسرائيلية، والمؤيدة للحقوق الفلسطينية. وصفته الخارجية الإسرائيلية بأنه غير "مرحب به بإسرائيل".
المولد والنشأة
ولد ريتشارد فولك في 13 نوفمبر/تشرين الثاني 1930 في مدينة نيويورك بالولايات المتحدة الأميركية.
ينحدر فولك من أسرة يهودية أميركية، ولكن انتماءه العرقي لم يؤثر في مواقفه السياسية أو يدفعه لتبني مواقف منحازة أو مجاملة لإسرائيل في اعتداءاتها وانتهاكاتها لحقوق الإنسان في فلسطين المحتلة.
الدراسة والتكوين
حصل فولك على شهادة البكالوريوس في الاقتصاد من كلية وارتون بجامعة بنسلفانيا عام 1952، ثم حصل لاحقا على شهادة الليسانس في الحقوق من جامعة ييل، واستكمل دراسته بالحصول على الدكتوراه في القانون من جامعة هارفارد في عام 1962.
الوظائف والمسؤوليات
بدأ فولك حياته المهنية بالتدريس في جامعة ولاية أوهايو وجامعة هرفارد في العام 1950، ثم انتقل إلى جامعة برنستون في عام 1961، وتقاعد عن التدريس في العام 2001، وهو العام الذي بدأ فيه مساره مع الأمم المتحدة على مستوى منطقة الشرق الأوسط، حيث عين في لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة لحقوق الإنسان للأراضي الفلسطينية مع المقرر الخاص الأسبق للأمم المتحدة المعني بحقوق الإنسان في فلسطين المحتلة جون دوغارد.
وفي 26 مارس/آذار من العام 2008 عين مقررا خاصا للأمم المتحدة معنيا بملف حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، وهو المنصب الذي استمر فيه حتى العام 2014.
التجربة الحقوقية
اشتهر فولك بمقارعته لإسرائيل وبانتقاداته اللاذعة لتعاطيها مع الفلسطينيين، وبتقاريره التي تكشف وتنتقد بقوة السياسات الإسرائيلية في الأراضي المحتلة.
فقد اعتبر في العام 2008 أن العدوان الإسرائيلي على غزة الذي امتد من 27 ديسمبر/كانون الأول 2008 إلى 18 يناير/كانون الثاني 2009 يرقى إلى مرتبة جرائم الحرب في القانون الدولي الإنساني، حيث تضمنت عقابا جماعيا لسكان القطاع واستهدفت المدنيين ومثلت ردا عسكريا غير متناسب مع الهجمات الصاروخية لحماس.
ولفت إلى أن إسرائيل تجاهلت المبادرات الدبلوماسية لحركة حماس الهادفة لإعادة تفعيل وقف إطلاق النار، ودعا المحكمة الجنائية للتحقيق مع القادة الإسرائيليين المسؤولين عن "الانتهاكات المحتملة للقانون الجنائي".
وقد بادرت تل أبيب بعيد تعيين فولك مقررا أمميا لحقوق الإنسان في فلسطين إلى منع دخول فولك من دخول إسرائيل بصفته ممثّل مجلس حقوق الإنسان لمراقبة الممارسات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية، وأعادته من مطار بن غوريون قرب تل أبيب على أول طائرة مغادرة إلى سويسرا.
وقالت وزارة الخارجية الإسرائيلية إن "إسرائيل أوضحت أن السيد فولك غير مدعو أو مرحب به في إسرائيل بصفته الحالية مقررا خاصا للأمم المتحدة" لحقوق الإنسان، وإنه لن يدخل إسرائيل إلا بموجب ما يسمى قانون العودة الذي تسمح بموجبه لأي يهودي بدخول إسرائيل بوصفها "وطنا قوميا ليهود العالم".
وردا على ذلك، قال فولك "أعتقد أن الإسرائيليين ضغطوا باتجاه الحصول على مقرر يكون أكثر تعاطفا مع سياساتهم.. وحين تم اختياري استاؤوا للأمر وأصابتهم خيبة أمل كبيرة، فقرروا عدم التعاون مع الأمم المتحدة.. بل معاقبتها".
وأضاف أن إسرائيل إذ تشير إلى انتقاداتي لسياساتها والتشكيك بذلك في نزاهتي إنما تحاول صرف الأنظار عن المسألة الحقيقية.. فهي لا تريد للعالم أن يفهم طبيعة الاحتلال الذي لا يبرره قانون أو سياسة أو أخلاق".
وكثيرا ما وصف فولك الممارسات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين بنظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا (أبرتهايد) وبممارسات النازية، كما انتقد مرارا الحصار الذي تفرضه إسرائيل على قطاع غزة مؤكدا أنه يحرم السكان من الاحتياجات الأساسية، ويتسبب في "عدم كفاية الضرورات الأساسية التي تصل للسكان".
وفي عام 2011، تحدث فولك في تقرير له إلى مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، وقال إن السياسات الإسرائيلية في القدس وصلت إلى "التطهير العرقي" ضد السكان الفلسطينيين. وحث مجلس على أن يطلب من محكمة العدل الدولية التحقيق في ممارسات إسرائيل، خصوصا تلك المتعلقة بالاستعمار والفصل العنصري، والتطهير العرقي ضد الفلسطينيين.
وفي 2012 قدم فولك تقريرا آخر إلى مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة ينتقد معاملة إسرائيل للأسرى الفلسطينيين، وطالب بأن تصدر محكمة العدل الدولية في لاهاي رأيا أو فتوى حول معاملة الأسرى الفلسطينيين في إسرائيل، وطالب أيضا بإدانة إسرائيل على خلفية إساءة معاملة الأسرى واستخدام سلاح الاعتقال الإداري، ومحاولة إضفاء الشرعية على المستوطنات في الضفة الغربية.
وقد دافع فولك عن مضامين تقرير القاضي الجنوب أفريقي ريتشارد غولدستون الذي عين في أبريل/نيسان 2009 رئيسا للجنة التحقيق التابعة الأمم المتحدة في انتهاكات الجيش الإسرائيلي خلال حربه على غزة أواخر 2008، وانتقد السلطة الفلسطينية بقوة بعد طلبها تأجيل نقاش تقرير غولدستون.
واعتبر أن موقف السلطة الفلسطينية من تقرير القاضي ريتشارد غولدستون في مجلس حقوق الإنسان التابع للمنظمة الدولية كان مخيبا للآمال، وأعرب عن استغرابه من أن تلعب السلطة ما قال إنه يمثل خيانة لشعبها.
وقال فولك للجزيرة إن المعلومات التي توفرت لديه كانت تشير بشكل أساسي إلى أن السلطة الفلسطينية تأثرت بالضغط الإسرائيلي الأميركي وخضعت لأسباب عديدة لهذا الضغط، مشيرا إلى أنه لم يمارس على السلطة ضغوط من أي دولة عربية وإسلامية.
وأضاف أنه "كان محيرا أن يقوم الفلسطينيون أنفسهم بإنقاذ إسرائيل من هذه المعضلة التي وجدت نفسها فيها. ومن التبريرات الغريبة التي قدمت لقرار سحب التقرير أن الولايات المتحدة وإسرائيل هددتا بقطع جزء من التمويل الذي تتلقاه السلطة الفلسطينية، أو أن (بنيامين) نتنياهو هدد بأن استخدام التقرير سيقتل عملية السلام، وبطبيعة الحال ليس هناك عملية سلام يمكن وأدها".
كما انتقد فولك أيضا الشركات المالية والعقارية الدولية العاملة بالمستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية إلى الانسحاب من مشاريع البناء، لأنها "تنتهك القانون الدولي".
وفي تقرير قدمه في العام 2013 إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة، ركز فولك على المجموعة المصرفية الأوروبية "دكسيا" وشركة عقارات "ري ماكس" التي يوجد مقرها في الولايات المتحدة، حيث انتقدهما لأنهما تربحان من أنشطة غير قانونية مرتبطة بالمستوطنات.
ورغم ما تعرض له فولك من ضغوط من الإسرائيليين وحلفائهم واتهامات بالتضليل وقلب الحقائق، ظل منحازا للإنسان الفلسطيني منافحا عن حقوقه مناهضا للسياسات الإسرائيلية.
وأكد أكثر من مرة أن محاولات تشويه الحقائق لا يمكن أن تحجب حقيقة أن تصرفات إسرائيل تعرض حياة الفلسطينيين للخطر بشكل يومي، وأن إسرائيل ووكلاءها لن يستطيعوا تبرير الحقائق على الأرض في فلسطين المحتلة لذا يقومون بالتشتيت والتشويه للسماح بوقوع الانتهاكات، وأن حملات التشهير المضللة وغير الأمينة للتشكيك فيمن يوثقون تلك الحقائق لا تغير الواقع على الأرض.
المؤلفات
ألف ريتشارد فولك كتابا بعنوان "أفق فلسطين.. نحو سلام عادل" تناول فيه رؤيته الخاصة لحل قضية السلام في الشرق الأوسط.
المصدر- الجزيرة