الأحد  22 أيلول 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

الرئيس خلال مؤتمر مع البابا: الأرض المقدسة نموذج للتعايش والسلام

2014-05-25 00:00:00
الرئيس خلال مؤتمر مع البابا: الأرض المقدسة نموذج للتعايش والسلام
صورة ارشيفية

 البابا: حان الوقت لإنهاء هذا الوضع ويجب مضاعفة المبادرات

الحدث- بيت لحم

الأحد، 25/5/2014

 

قال الرئيس محمود عباس إن زيارة قداسة البابا لفلسطين اعتزاز لنا، في إطار علاقات الصداقة والترابط الروحي والديني التي تجمع فلسطين والفاتيكان.
 
وأضاف الرئيس، خلال مؤتمر صحفي مشترك مع قداسة البابا في مقر الرئاسة بمدينة بيت لحم، اليوم الأحد،: "أن الأرض المقدسة هي وجهة مئات الملايين وهي نموذج للتعايش والسلام، ولها دلالات رمزية، ومعان سامية، إضافة إلى أنها زيارة تاريخية".
 
وأشار عباس الى أنه تم إطلاع البابا على سياسات الإحتلال المأساوي الذي تعاني منه القدس، من عمل ممنهج لتغيير طابعها وهويتها وتهويدها ومنع المؤمنين من خارجها للصلاة في معابدها.
 
وقال: "إن مدينة القدس تبقى مفتوحة للأديان السماوية الثلاث دون تمييز". مشيرا إلى أن الممارسات الإسرائيلية أدت إلى هجرة مئات المسيحيين والمسلمين، ونحن على استعداد للعمل مع البابا على تثبيت المؤمنين في وطنهم.
 
وأضاف: "أحطتُ قداسته بحيثيات العملية التفاوضية، وبتداعيات الاستيطان، وبإضراب أسرانا منذ أكثر من 30 يوماً احتجاجاً على الاعتقال الإداري في سجون الاحتلال".
 
وأكد الرئيس عباس إلتزامه بالمبادرة العربية للسلام، التي تنص على "أنه بمجرد انسحاب إسرائيل من الأراضي المحتلة عام 1967، فإن الدول العربية مستعدة للإعتراف بإسرائيل وإقامة علاقات معها".
 
وتابع : "إن مبادئ الحق والعدل التي نؤمن بها والتي نصت عليها كل الأديان هي مبادئ آن لها أن تحترم وتطبق في الأراضي المقدسة".
ووجه الرئيس خلال حضور البابا دعوة لإسرائيل من أجل السلام، قائلا: "ما تصنعونه لشعبكم من أمن وسلام واستقرار هو ما نقوم به أيضاً، فالسلام يصنع بتحكيم العقل والقلب والضمير الإنساني والأخلاقي الحي، والتخلي عن التوسع على حساب الغير، وسياسة المعايير المزودوجة والكيل بمكيالين، والتوجه بنوايات صادقة ومخلصة لتحقيق السلام المنشود لتنعم به الأجيال القادمة".
 
 من جانبه، قال البابا: "إنه لشرف عظيم أن أكون بينكم اليوم في المكان الذي ولد فيه السيد المسيح أمير السلام".
وأضاف: "حان الوقت لإنهاء هذا الوضع آن الأوان لإنهاء الصراعات التي أدت لنتائج مأساوية وجراح يجب تضميدها، ويجب مضاعفة المبادرات، والإعتراف من قبل الجميع في الحق بدولتين للتمتع بالأمن والسلام في حدود معترف بها دولياً".
 
وتمنى البابا للشعب الفلسطيني والإسرائيليين ولقيادتهما أن يبادروا إلى استعادة السلام بشجاعة وثقة، وأن يقدموا بكل ثقة لحل كل المشاكل.
 
وقال البابا موجها حديثه للرئيس عباس: "إنك رجل سلام وصانع سلام، وفي زيارتك الأخيرة للفاتيكان، وفي زيارتي هذه لفلسطين، أثبتنا العلاقة الطيبة الموجودة بين فلسطين والفاتيكان".
واختتم البابا كلمته آملا ان يعطي الرب للفلسطينيين الشجاعة للتقدم نحو السلام.
 
ثم توجه قداسة البابا إلى ساحة كنيسة المهد، من أجل القداس.
 
وفيما يلي كلمة الرئيس في المؤتمر الصحفي:
 
قداسة الحبر الأعظم،
أصحاب الغبطة أعضاء الوفد المرافق،
أصحاب المعالي والسعادة،
السيدات والسادة،
إنه  لشرف كبير أن نستقبلكم يا قداسة البابا اليوم في مدينة بيت لحم مهد السيد المسيح عليه السلام، الأرض المقدسة والمباركة، فأهلاً وسهلاً بكم يا صاحب القداسة، وأنتم تحلون ضيفاً عزيزاً على شعبنا في مدينة بيت لحم والقدس الشرقية، فزيارتكم اليوم تكتسب كل الدلالات الرمزية، التي يحملها اسمكم وشخصكم وقداستكم، كمدافع عن الفقراء، والمظلومين والمهمشين وتدعون للسلام، وأنتم تزورون في حجيجكم فلسطين أرض المحبة والسلام.
إن الأرض المقدسة، التي ترحب بكم اليوم في ربوعها، لتعتز بمسيحييها ومسلميها، بزيارتكم واستقبالكم والوفد المرافق.
 
لقد سعدت جداً بالاجتماع مع قداسة البابا فرنسيس، والاستماع لآرائه الحكيمة، ورؤيته الإنسانية الثاقبة، فزيارة قداسته إضافة لما لها من معانٍ سامية في نفوسنا وأبناء شعبنا، فهي زيارة تاريخية نعتز بها في إطار علاقات الصداقة والترابط الروحي والديني، التي تجمع بين فلسطين والفاتيكان، والتي نطمح دوماً لتعزيزها، فالأرض المقدسة هي وجهة مئات الملايين من المؤمنين، وهي تمثل نموذجاً فريداً يحتذى في التعايش، في إطار من الوئام والأخوة والمساواة في الحقوق والواجبات.
 
وإذ نستقبلكم في دولة فلسطين بكل حب وحفاوة فإننا نحيي لقاءكم التاريخي مع البطريرك المسكـوني بارثو- لوميوس في مدينة القدس.
 
وقد أطلعت قداسته على آخر تطورات العملية السلمية والمفاوضات، التي أجريناها من أجل التوصل للسلام الشامل والعادل، الذي يضمن الأمن والأمان والاستقرار لمنطقتنا وشعوبها.
 
وقد أحطنا قداسته علماً بمآلات العملية التفاوضية، والعثرات والعراقيل التي تعترض سبيلها، وعلى رأسها الاستيطان، والاعتداء على دور العبادة من كنائس ومساجد وبشكل يومي، وكذلك الاستمرار في احتجاز آلاف الأسرى الفلسطينيين في سجون إسرائيل، الذين يتوقون إلى الحرية، ويخوض في هذه الأيام عدد كبير منهم إضراباً عن الطعام منذ أكثر من ثلاثين يوماً، بسبب سوء المعاملة والاعتقال دون صدور أحكام تحت مسمى الاعتقال الإداري.
وقد أطلعنا قداسته أيضاً على الوضع المأساوي الذي تعيشه مدينة القدس الشرقية عاصمة دولتنا المحتلة منذ العام 1967، من عمل إسرائيلي ممنهج لتغيير هويتها وطابعها، والتضييق على أهلها من الفلسطينيين المسيحيين والمسلمين، بهدف تهجيرهم منها ومنع المؤمنين من خارجها من الصلاة في معابدها.
إننا ندعو الحكومة الإسرائيلية إلى التوقف التام عن هذه الأعمال التي  تخالف القانون الدولي، ومن جانبنا فقد قدمنا رؤيتنا لعاصمتنا القدس الشرقية بأن تبقى مفتوحة لأتباع الديانات السماوية الثلاث دون تمييز.
 
لقد أدت هذه الممارسات الإسرائيلية إلى هجرة الكثير من أهلنا من المسيحيين والمسلمين، والذين نحرص على بقائهم وانغراسهم في أرضهم أرض الأجداد. وإننا على استعداد لأن نعمل سوياً لتعزيز الوجود الفلسطيني المسيحي الأصيل في الأرض المقدسة وخاصة في القدس.
نود أن نعبر من صميم قلوبنا عن تثميننا العالي لجهودكم ودعمكم لحقوق شعبنا، وإننا لنعول على قداستكم في الإسهام بما لكم من مكانة دينية وروحية وإنسانية سامية، للعمل على تمكين شعبنا من نيل حريته واستقلاله التام ورحيل الاحتلال الإسرائيلي عن أرضه، وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.
 
صاحب القداسة،
لقد شاهدتم قداستكم هذا الجدار البغيض الذي تقيمه إسرائيل القوة القائمة بالاحتلال على أراضينا، في الوقت الذي نحن أحوج ما نكون فيه إلى بناء جسور التواصل والحوار والجوار الحسن، والبعد عن كل ما من شأنه أن يزرع بذور الكراهية والحقد والعداء، فنحن شعب يتطلع للعيش بحرية وكرامة وسيادة على ترابه الوطني، بعيداً عن حراب الاحتلال.
نحن لا نطلب المستحيل سيدي، ولقد قدمنا تضحيات جسام من أجل السلام، وقبلنا بإقامة دولة فلسطين المستقلة على الأرض المحتلة منذ العام 1967 فقط وعاصمتها القدس الشرقية، إلى جانب دولة إسرائيل في أمن واحترام متبادل وحسن جوار.
نحن ملتزمون بالمبادرة العربية للسلام، وبمجرد انسحاب إسرائيل فإن كل الدول العربية والإسلامية ستعترف بإسرائيل وتقيم معها علاقات دبلوماسية فورا.
صاحب القداسة، نشكركم على لقائكم بأطفال وأبناء مخيمات اللاجئين الذين يعيشون مأساة وعذابات التشريد واللجوء، الذي فرض عليهم قسراً وقهراً جراء النكبة منذ أكثر من 66 عاماً.
ونقدر أيضاً رغبتكم مشاركة طاولة الغداء مع عائلات فلسطينية، تمثل شرائح من مجتمعنا الذي يعاني و يرزح تحت الاحتلال، فهذا اللقاء يبعث برسالة إلى العالم بأسره، مذكراً إياه بمأساة فلسطين.
إننا في فلسطين نعول على جهودكم ومساعيكم الخيرّة لإحقاق حقوق شعبنا ونرحب بأي مبادرة قد تتخذونها أو تصدر عن قداستكم لجعل السلام حقيقة في الأرض المقدسة، وبما يمكن شعبنا من بناء حياته ومستقبلة الإنساني والثقافي، وهويته الحضارية بأمن وسلام واستقرار وعيش كريم في وطنه.
فمبادئ الحق والعدل والسلام والحرية والكرامة الإنسانية التي نؤمن وإياكم بها، والتي نصت عليها كل الأديان السماوية، والقوانين والقرارات الدولية من أجل الأمن والسلم الدوليين، هي مبادئ آن لها أن تحترم وتطبق في الأراضي المقدسة.
ونغتم الفرصة التاريخية بوجودكم بيننا اليوم، لنوجه لجيراننا الإسرائيليين، رسالة سلام، قائلين لهم: تعالوا لنصنع السلام القائم على الحق والعدل والتكافؤ والاحترام المتبادل، فما تسعون له من أجل خير ورخاء شعبكم وأمنكم واستقراركم، هو عينه ما نصبو إليه.
الأمن والسلام والاستقرار هو مصلحة لشعبنا مثلما هو مصلحة لشعبكم، ولمنطقتنا وللعالم بأسره، فالسلام يصنع بتحكيم العقل والقلب والضمير الإنساني والأخلاقي الحي، ورفع الظلم والقهر والتنكيل، والتخلي عن التوسع على حساب حقوق الغير، وسياسة المعايير المزدوجة، والكيل بمكيالين، والتوجه بنوايا صادقة  ومخلصة لتحقيق السلام المنشود الذي ستنعم بثماره أجيالنا القادمة.
 
قداسة البابا، إن الآلاف من المؤمنين ينتظرونكم منذ الصباح في ساحة المهد ليعربوا عن مدى حبهم وتقديرهم واحترامهم، وليصلوا معكم لله العلي القدير  من أجل الإخاء والمحبة والسلام.
فأهلاً وسهلاً بقداستكم ووفد الفاتيكان الكبير المرافق معكم في فلسطين، ارض السلام، مع تمنياتنا لكم بموفور الصحة والسعادة، وللمؤمنين جميعاً كل البركة والخير، ولحاضرة الكرسي الرسولي ورعيته، في أرجاء المعمورة كافة، دوام العزة والحفاظ على قيم الإيمان والعدل والسلام.
والسلام عليكم ورحمة الله
 
 
وفيما يلي نص كلمة البابا:
السيد الرئيس
أيها الأصدقاء الأعزاء:
'أتوجه بالشكر إلى السيد الرئيس محمود عباس، على كلمته الترحيبية وأوجه تحية ودية إلى الممثلين عن الحكومة، وإلى الشعب الفلسطيني بأسره، إني ممتن للرب على كوني بينكم اليوم، في المكان الذي ولد فيه يسوع أمير السلام، وأشكركم على استضافتكم الحارة.
يعيش الشرق الأوسط منذ عقود النتائج المأساوية، لاستمرار صراع سبّب جراحا كثيرة يصعب تضميدها، وعنفا مستشريا، وانعدام التفاهم بين الأطراف، وحالة من انعدام الأمن ونكران الحقوق والعزلة، ونزوح جماعات برمتها، وانقسامات واحتياجات، وآلاما على اختلاف أنواعها.
إذ أعرب عن قربي ممن يتألمون أكثر من غيرهم بسبب نتائج هذا الصراع، أود أن أقول من صميم القلب إنه آن الأوان لإنهاء هذا الوضع، الذي لم يعد مقبولا وهذا من أجل خير الجميع، لتضاعف الجهود والمبادرات الهادفة لخلق الشروط اللازمة لسلام مستقر، يرتكز على العدالة والاعتراف بحقوق كل شخص، وإلى الأمن المتبادل لقد آن الأوان بالنسبة للجميع كي يضعوا شجاعة السخاء والابتكار في تصرف الخير، شجاعة السلام التي ترتكز على إقرار الجميع بحق الدولتين في الوجود، وفي التنعم بالسلام والأمن، ضمن حدود معترف بها دوليا.
ولهذا السبب أتمنى أن تتفادى جميع الأطراف، اللجوء إلى مبادرات وأعمال تتعارض مع الرغبة المعلنة في التوصل إلى اتفاق حقيقي، وألا يتعب الجميع من البحث عن السلام بعزم وصدق، سيحمل معه السلام منافع كثيرة لشعوب هذه المنطقة وللعالم كله، ولا بد بالتالي من السير بحزم نحو السلام، مع تخلي كل طرف عن شيء ما.
أتمنى للشعبين الفلسطيني والإسرائيلي وللسلطات من الجانبين، السير نحو السلام حاملين ما تتطلبه هذه المسيرة من شجاعة وحزم، سيصير السلام في الأمن والثقة المتبادلة إطارا مرجعيا ثابتا، من أجل مواجهة وحل المشاكل الأخرى، وتقديم فرصة من النمو المتزن، بشكل يصبح نموذجا بالنسبة لمناطق أخرى تشهد أزمات.
بودي أن أشير للجماعة المسيحية الناشطة التي تقدم إسهامها القيّم للخير المشترك، ضمن المجتمع والتي تشارك في أفراح وأتراح الشعب كله، المسيحيون يرغبون في متابعه دورهم هذا كمواطنين يتمتعون بكامل الحقوق بالتعاون مع المواطنين الاخرين الذي يعتبرونهم إخوة لهم.
السيد الرئيس:
معروف عنكم أنكم رجل سلام وصانع سلام، ووجودي اليوم في فلسطين يشهد على العلاقات الطيبة القائمة بين الكرسي الرسول ودولة فلسطين، والتي آمل أن تنمو من أجل خير الجميع، في هذا السياق أعبر عن تقديري للالتزام الهادف إلى التوصل لاتفاق بين الأطراف، تتعلق بمختلف نواحي حياة الجماعة الكاثوليكية في البلاد، مع إيلاء اهتمام خاص بالحرية الدينية.
إن احترام هذا الحق الإنساني الأساسي يشكل في الواقع أحد الشروط الضرورية التي لا غنى عنها، من أجل إحلال السلام والأخوة والتناغم، ويقول للعالم إن التوصل إلى اتفاق جيد بين مختلف الثقافات والأديان، أمر واجب وممكن، ويشهد على أن القواسم المشتركة بيننا كثيرة وهامة، وبالتالي يمكن إيجاد الدرب والتعايش الصافي والمنظم والسلمي، في إطار قبول الاختلافات، وفرح بأن نكون إخوة لأننا أبناء الله الواحد.
السيد الرئيس:
أيها الأصدقاء الأعزاء المجتمعون هنا في بيت لحم يبارككم الرب الكلي القدرة، وليحميكم ويمنحكم الحكمة والقوة اللازمتين، لمتابعة مسيرة السلام الشجاعة، كي يتحول السيف إلى محراث، وتعود هذه الأرض لتزهر مجددا بالازدهار والوفاق. سلام.