ماهر أبو صبحة: حال المعابر بعد حكومة التوافق لم يتغير والتسهيلات الإسرائيلية ما زالت حبراً على ورق!
ماهر الطبّاع: إسرائيل تُحارب الاقتصاد الفلسطيني بإغلاق المعابر وفرض القيود على دخول السلع والبضائع!
الحدث- محاسن أصرف
يشكو رجل الأعمال "سامي فوجو" من عدم وجود تحسن ملموس في عمل معابر القطاع وخاصة معبر كرم أبو سالم، يؤكد فوجو أن إغلاق المعبر المتكرر يُكبده خسائر طائلة تحد من قدرته على مواصلة أعماله، وأضاف لـ"الحدث": "أحياناً نضطر لإفراغ شحنات البضائع التي نستوردها في مخازن إسرائيلية، ومن ثمَّ نُعيد تحميلها عند فتح المعبر لإدخالها إلى القطاع"، ويُتابع بألم: "نتكبد خسائر إضافية في التخزين والنقل تجاوزت الـ50 ألف دولار، وفي المقابل، الأسواق المحلية تُعاني من ركود اقتصادي كبير".
وتزداد معاناة "فوجو" نتيجة القيود الإسرائيلية على المعبر وعلى آليات التصدير إلى الخارج، لافتاً أنه منذ سنوات توقف عن تصدير الأخشاب إلى الضفة الغربية، مما ضاعف خسائره واضطره إلى الاستغناء عن الكثير من العمال لديه.
ويُحيط بقطاع غزة سبعة معابر هي معبر المنطار "كارني"، معبر بيت حانون "إيريز"، معبر العودة "صوفا"، معبر الشجاعية "ناحال عوز"، معبر كرم أبو سالم "كيرم شالوم"، معبر القرارة "كوسيفيم"، ومعبر رفح، وتخضع المعابر الستة للسيطرة الإسرائيلية عدا معبر كرم أبو سالم، فإدارته إسرائيلية بتنسيق مصري، فيما يبقى معبر رفح تحت سيطرة مشتركة فلسطينية بالتنسيق مع المصريين وبمراقبة الاتحاد الأوروبي قبل الانقسام.
وتغلق المعابر الحدودية مع القطاع بأمر إسرائيلي، ولا يتم فتحها إلا وفق تفاهمات وبشروط وقيود من شأنها أن توقف نبض الحياة الإنسانية والاقتصادية للفلسطينيين، "الحدث" في سياق السطور التالية تطلع على حال المعابر بعد حكومة الوفاق وإنجاز مؤتمر الإعمار في القاهرة، ترى سُبل التغيير إن وجدت، وتسأل عن تفاصيل عدم التطبيق.
لا تغيير
يؤكد "ماهر أبو صبحة" مدير عام المعابر والحدود في غزة أنه لم يطرأ تغييراً حقيقياً على حال معابر غزة، سواء بعد إنجاز المصالحة وتشكيل حكومة الوفاق الوطني قبل أشهر، أو بعد تعهدات مؤتمر المانحين في القاهرة منتصف أكتوبر، وقال لـ"الحدث": "حال المعابر لا زال يُراوح مكانه، سواء المعابر التجارية أو معبر رفح البري" وأضاف أن التحسن الوحيد كان طارئاً على معبر بيت حانون "إيريز"، بحيث تم زيادة عدد الأفراد المارين عبره إلى الأراضي المحتلة عام 67، لافتاً أن الاحتلال الإسرائيلي سمح بمرور ما يُقارب من 1500 شخص ممن تجاوزوا الستين عاماً، ومنحهم تصاريح لأداء الصلاة في المسجد الأقصى خلال أيام عيد الأضحى.
عمل محدود
ومن جهته قال منير الغلبان" مدير معبر كرم أبو سالم، أنه لم يطرأ أي تغيير على عمل المعبر فما زال يعمل وفق الآلية السابقة، سواء من حيث ساعات العمل وعدد الشاحنات الواردة التي لم تتجاوز 350 -400 شاحنة ونوع وكمية البضائع، حيث لم تطرأ زيادة على الكميات أو نوع السلع، وبيَّن الغلبان أن إسرائيل تعمد إلى منع إدخال السلع المزدوجة الاستعمال وفق توصيفها، حتى لو كانت استهلاكية، فما زالت إسرائيل تمنع دخول مواد البناء والسلع والبضائع والمواد الخام والمعدات والآليات والماكنات الثقيلة وفق سياستها السابقة، وقال لـ "الحدث": "إسرائيل لم تسمح بإدخال مواد البناء إلا مرتين خلال أكتوبر، وبكميات محدودة فقط لصالح الأونروا والـ UNDP". وشدد على أن زيادة ساعات العمل وعدد الشاحنات على المعبر مرهون بالتفاهمات والتطورات السياسية بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي.
وأدخلت إسرائيل في 12/10 الماضي عبر معبر كرم أبو سالم 15 شاحنة إسمنت و10 شاحنات حديد بناء و50 شاحنة حصمة، وقال مصدر مسئول لـ"الحدث" حينها أن كميات مواد البناء التي أُدخلت كانت لصالح الأونروا فقط، من أجل إعادة بناء 120 منزلاً تعرضت لأضرار جزئية خلال الحرب، وكشف "منير الغلبان" مدير معبر كرم أبو سالم في حديثه لنا أن "إسرائيل" يوم 22/10 الماضي سمحت بدخول 430 شاحنة محملة بالبضائع والمساعدات للقطاعين التجاري والزراعي، وأوضح أنها ستُدخل قريباً 8 شاحنات حديد وأسمنت و36 شاحنة حصمة لمشاريع الوكالة و7 إسمنت وحديد و46 شاحنة حصمة لمشاريع UNDP، ما يعني استمرار انتظار المواطنين العادين للبدء بتنفيذ وعود مؤتمر المانحين لإعادة إعمار غزة وإدخال 2000 شاحنة يومياً لإصلاح ما تم تدميره في غضون عامين على الأكثر.
الحال على ما هو عليه وأسوأ
من جهته يرى "علي الحايك"، رئيس جمعية رجال الأعمال الفلسطينيين في قطاع غزة، أن حال المعابر لم يتغير، فهو قائم على الفتح الجزئي وبذات القيود على السلع والبضائع بما يُخالف اتفاق القاهرة، وما تم التوافق عليه في مؤتمر المانحين بالقاهرة في 12/10 الماضي، وقال: "نُطالب بفتح كامل للمعابر التجارية والسماح بإدخال البضائع والسلع جميعها دون اشتراطات وفي مقدمتها مواد إعادة الإعمار"، وتابع أن القطاع الخاص لم يتلقَّ أيٍّاً من البضائع والمواد الخام ليبدأ بتنفيذ مشاريع الإعمار، وأوضح أن ما أُدخل من إسمنت وحصى لمرتين خلال أكتوبر كان بكميات محدودة لصالح مشاريع الأونروا والـUNDP، وليس القطاع الخاص.
ويتمنى "الحايك" أن تُحقق إسرائيل ما تعهدت به للفلسطينيين من تسهيلات اقتصادية وإنسانية، بالإضافة إلى إدخال مواد الإعمار للقطاع الخاص لتحقيق نشاط اقتصادي ينعكس على حياة الناس في غزة.
وعود شفهية
ولا ينفي "أبو صبحة" جملة التسهيلات الاقتصادية والإنسانية التي أعلنتها إسرائيل بعد شهر من عدوان الجرف الصامد، والذي استمر 51 يوماً أتت على الأخضر واليابس في القطاع، لكنه لا يرى تنفيذها على الأرض.
وتضمن التسهيلات المعلنة تخفيف القيود المفروضة على إدخال مواد البناء إلى القطاع، إضافة إلى البدء بتصدير بعض منتجات القطاع إلى الضفة، والسماح لطلاب غزة بالالتحاق بجامعات الضفة الغربية ولم شمل العائلات ومنح حرية الحركة والتنقل لرجال الأعمال بين الضفة وغزة، ناهيك عن إدخال 5000 عامل فلسطيني للعمل في الأراضي المحتلة عام 48.
يؤكد "أبو صبحة" أن أياً من تلك التسهيلات لم تُنفذ على أرض الواقع باستثناء إدخال مواد بناء محددة الأنواع والكميات لصالح الأونروا والـ UNDP، وفيما يتعلق بتسيير الأمور على المعابر الأخرى أوضح "أبو صبحة" أن تغييراً لم يطرأ فالمعابر الخمسة تخضع للسيطرة الإسرائيلية الكاملة ومعبر رفح البري ما زال يفتح جزئياً، ويغلق كلما تدهور الوضع الأمني في مصر الشقيقة، وقال: "بالأمس أبلغتنا السلطات المصرية أن معبر رفح مُغلق حتى إشعار آخر نتيجة التفجيرات والاضطرابات الأمنية في سيناء".
لا موعد لتسليم المعابر
وتساءلت "الحدث" عما إذا كان سبب عدم تطبيق التسهيلات المعلنة على الأرض من جهة إسرائيل هو عدم تسلم السلطة الفلسطينية وحكومة التوافق الوطني إدارة المعابر كما كان معلن من قبل نائب رئيس الوزراء "محمد مصطفى" في أعقاب زيارتهم لقطاع غزة، وفي هذا السياق قال "أبو صبحة": "هذه سياسة إسرائيلية فقط للضغط على الاقتصاد الفلسطيني وإبقائه تابعاً للاحتلال"، وأشار إلى أن عدم تسلم السلطة للمعابر سببه التراخي والتباطؤ في تسلم حكومة الوفاق الوطني مهماتها ومسئولياتها تجاه قطاع غزة، وأكد أن حكومة الوفاق لا تُريد أن تأخذ دورها تجاه قطاع غزة"، ودلل على ذلك بتعرض معبر رفح لتدمير جزئي، خلال الحرب لم تُفكر حكومة الوفاق في أن تقوم بمسؤولياتها تجاهه والحصول على تمويل لإعادة إعمار الدمار، خاصة قبل موسم الشتاء لعدم تفاقم الأضرار وزيادة تكلفتها، قائلاً: "سقف المعبر كان بحاجة ماسة إلى إعادة تأهيل وترميم عاجل بـقيمة 380 ألف دولار، ولكن تباطئت الحكومة في القيام بمسؤوليتها ولم يتصل بنا أحد لمحاولة معالجة الضرر"، وتابع أن الجهات المعنية في غزة وبجهود ذاتية، سعت سريعاً إلى تأمين المبلغ وترميم المكان خشية من تساقط الأمطار وزيادة المبلغ إلى 3 مليون دولار.
ويُطالب "أبو صبحة" حكومة الوفاق أن تقوم بدورها تجاه غزة بالتواصل مع إدارة المعابر في غزة والمساهمة في إيجاد حلول مشتركة لما يُعانون من مشاكل سواء مشاكل الصيانة للمعابر بعد الحرب أو حتى مشاكل رواتب الموظفين الذين لم يتقاضوها منذ 7 أشهر أو يزيد، وقال: "إدارة المعابر الحدودية تتم من خلال الخبرة والشراكة وليس من خلال سياسة الإقصاء والإحلال والتخلي عن المسؤوليات"، وتابع: "جاهزون لتسليم المعابر لحكومة الوفاق لاستكمال مهمتهم وتأدية واجباتهم والعمل معهم لتحقيق المصلحة العليا للوطن والمواطن الفلسطيني، لكن ذلك يتطلب منها الوقوف عند مسؤولياتها أولاً".
قيود
من جانبه يرى ماهر الطباع مدير العلاقات العامة بالغرفة التجارية في غزة، أن إسرائيل لا تزال تفرض قيودها على الاقتصاد الفلسطيني بعدم إدخال المواد الخام اللازمة للصناعات التي من شأنها تدوير عجلة الإنتاج وتحقيق تنمية اقتصادية، وقال: "تمنع وصول المواد الاستهلاكية المزدوجة الاستعمال إلى القطاع بكميات تُمكن الفلسطينيين من تطوير الصناعات لديهم"، وأضاف أنها لا تدرجها ضمن المواد الخام الضرورية للصناعة لأنها لا تُريد تنشيط الصناعة، ليستمر الاقتصاد الفلسطيني في أزماته ويضمحل وتحويل القطاع إلى مجتمع استهلاكي فقط لا يُنتج شيئاً ويعتمد اعتماداً كلياً على الإنتاج الإسرائيلي.
وفيما يتعلق بالتسهيلات التي أعلنتها إسرائيل على حركة دخول البضائع ومواد البناء إلى قطاع غزة بعد إنجاز مؤتمر المناحين الذي عقد في القاهرة، أوضح "الطبّاع" أنها تسهيلات إعلامية، مؤكداً على أن العديد من البضائع والسلع والمواد الخام والآليات ومواد البناء كالإسمنت والحصى والحديد والبوسكورس، لم تدخل باستثناء كميات ضئيلة جداً في أوقات متباعدة ولا تُشكل أكثر من 18% من الاحتياجات اليومية لمواد البناء، قائلاً: "قطاع غزة يحتاج يومياً لإدخال 2000 شاحنة من مواد البناء لإعادة الإعمار في غضون عامين".