السبت  23 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

الفقر في فلسطين.. أنياب تنهش وخطط تُهمش!!

2014-10-28 12:59:22 AM
 الفقر في فلسطين.. أنياب تنهش وخطط تُهمش!!
صورة ارشيفية
 
رام الله-  محمود الفطافطة
 
"مصباح الفقر لا ضوء له"، "نهار الفقير طوي" ، "الفقر أخو الكفر"، "الفقر في الوطن غربة"، الفقر قميص من نار"، "عندما تصل المصيبة إلى ركبة الغني تكون قد اجتازت رقبة الفقير"، "ما جاع فقير إلا وقد شبع غني".  
 
هذه أمثال عربية وأجنبية وأقوال لفلاسفةٍ رأوا في الفقر الصورة الأخرى للبؤس والحرمان، والأداة التي تفتك بالنفوس، وتميت الإنتاج. هؤلاء وغيرهم وجدوا الفقر مصيدة متخمة بأنياب الهلاك في مقابل قصور مكدسة بمترفين يصعب عد أموالهم أو الحد من جشعهم واحتكارهم. إنها ثنائية الموت المتضاضدة المتجسدة بفقيرٍ يموت جوعاً وبغنيٍ يهلك ترفاً. 
 
خريطة الفقر لا تعرف لها حدوداً، حيث أن معالمها تتفشى في مواطن البؤس ومجتمعات التهميش. هذه المجتمعات تعتاش على الأمعاء الخاوية والأجساد المنهكة والأحزان الهالكة. الفقر يُولد من رحم الظلم والظلم يموت في رحم العدالة، ولا أبشع من ظلمٍ مركب يتغذى بسوط المحتل وسياط الفقر. هذا الظلم المركب قد ابُتلي به أُناس كثر في فلسطين، فكما هو معروف في الأدبيات الاقتصادية، أن الاستعمار بما يسيطر عليه من أرض ٍ وموارد تابعة للشعب المحتل يسبب العامل الرئيس في عمليتي الفقر والإفقار. الإفقار المتعمد يؤدي إلى فقر متصاعد، وبالتالي يُضعف القوى المنتجة إلى حد إلغاء الفاعلية وإقصاء التطور والحيوية.
 
أسباب ومحددات
إن الشعب الفلسطيني يتعرض لحالةٍ واسعة وعميقة من الفقر والإفقار، وذلك لعوامل يُجملها الباحث عبد الله صادق أمين في دراسة ماجستير أعدها في جامعة النجاح، والمتمثلة أهمها في:
ـ الاحتلال أو الاستعمار، حيث أن موارد وثروات هذه البلد يتحكم بها المحتل، ما يؤدي إلى انتقال الثروة من أيدي أهل البلاد الأصليين إلى أيدي المستعمر الذي يتمتع بها في مقابل مضاعفة الفقر والبؤس لهؤلاء السكان.
ـ انعدام الدخل أو انخفاضه تحت مستوى خط الفقر، وقد يكون انخفاض الدخل بسبب انخفاض مستوى الأجور أو قبول الأفراد بأعمال غير مناسبة ذات أجور متدنية.
ـ ضعف أداء المؤسسات الاجتماعية والاقتصادية بما يخدم الفئات المهمشة والفقيرة في المجتمع.
ـ الصدمات الاقتصادية التي قد يتعرض لها أفراد المجتمع مثل سوء المواسم الزراعية والركود الاقتصادي، وهذه عادة ما ينجم عنها الفقر المؤقت.
ـ عدم امتلاك الأفراد لمختلف الأصول المادية والبشرية، فالأصول المادية مثل الأرض، والادخار وسهولة الوصول إلى القروض المالية. أما الأصول البشرية فتتمثل في المستوى التعليمي والصحي الجيد، والمشاركة السياسية والاجتماعية والثقافية وتعزيز الديمقراطية والتنمية السياسية.
ـ ضعف الإنتاجية وعدم ملائمة قدرات الأفراد لمتطلبات سوق العمل، مثل انخفاض المهارة وضعف التعليم والتدريب.
ـ عدم الاستقرار السياسي والتفاوت الكبير في توزيع الدخل بين مختلف الفئات المجتمعية.
ـ إن حرمان  فئات لها دورها الاجتماعي والاقتصادي من المشاركة في كافة مجالات الحياة مثل المرأة وسكان المناطق الريفية يؤدي إلى الفقر.
 
يقول محمد العاروري الناشط في القضايا العمالية، أن مئات الآلاف من الفلسطينيين لا يزالون يعانون من الفقر ومن الانتهاك السافر لحقوقهم الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، رغم التزام الحكومة بالأهداف الإنمائية للألفية، واعتمادها خططاً قصيرة ومتوسطة المدى جوهرها مكافحة البطالة والفقر. ويضيف: "إن ارتفاع الأسعار وتفاقم البطالة وتفشي الفقر والزيادة في عجز الميزانيات الحكومية، وازدياد المديونية وانتشار سوء التغذية والجوع في البلدان النامية، تؤدي إلى جعل التنمية في كثير من تلك البلدان مستحيلة عملياً".
 
ويوضح العاروري أن الارتفاع الجنوني في أسعار الكهرباء والمحروقات والسلع الغذائية وغياب التدخل الجدي في حماية المستهلك من خلال القوانين والأنظمة والرقابة على الأسعار وتحديدها، وخاصة السلع الأساسية ومكافحة جشع التجار وتجريم المخالفين بعقوبات رادعة وخاصة المروجين للسلع الفاسدة، إضافة إلى مكافحة الفساد بتجريمهم وتقديمهم للعدالة ووقف هدر المال العام وتكريس مبادىء العدالة الاجتماعية، من شأن ذلك زيادة نسبة الفقراء في فلسطين وما يشكله ذلك من خطر على السلم الاجتماعي. وطالب العاروري السلطة الفلسطينية بإقرار قانون الضمان الاجتماعي المجمد منذ عام 2003 وقانون تنظيم العمل النقابي وقانون الحماية من البطالة وصندوق للطالب الفقير، وتقديم الدعم للمزارع للثبات على أرضه وتوفير الأمن الغذائي . كما دعا القيادة والحكومة الفلسطينية إلى الاستجابة إلى مطالب الجماهير المحقة بمكافحة الفساد وتقليص الفجوة بين الأغنياء والفقرء بإقرار قانون حد أدنى للأجور.
 
وفي السياق يؤكد د. نصر عبد الكريم، أستاذ الاقتصاد في جامعة بيرزيت أن الفقر منتشر في فلسطين لأسباب عديدة منها السياسة الضريبية غير العادلة، والتي تحتاج إلى ترميم وتطوير وإعادة هيكلة وتوسيع دائرة الجباية، مؤكداً أن الوضع السياسي المتقهقر والمتردي لا يساهم في تخفيف حدة الفقر في الأراضي الفلسطينية. ويضيف: "الوضع الاقتصادي في فلسطين في السنوات الأخيرة بدأ يشهد تراجعاً ملحوظاً، فمعدلات النمو بدأت تنخفض بشكل ملحوظ، وإن بقيت موجبة، وهذا عكس نفسه بشكل واضح على معدلات البطالة والفقر التي ازدادت من جديد". ويشير إلى أن السلطة ما زالت غير قادرة على توفير الموارد المالية الكافية لتمويل كامل نفقاتها وما زال العجز في الموازنة يتصاعد سنوياً.
 
إلى ذلك فإن بعض مفاهيم الفقر تركز على أشكال مختلفة من الحرمان، ففي دراسة أعدها معهد "ماس"  تبين أن أشكال الحرمان تتمثل في الحرمان الفسيولوجي والاجتماعي، فالأول يتمثل في انخفاض الدخل (أو انعدامه) والغذاء والملبس والمسكن، ومن هنا فهي تشمل فقراء الدخل وفقراء الحاجات الأساسية، أما الحرمان الاجتماعي فهو مرتبط بالتباينات الهيكلية المختلفة كالائتمان، الأرض، البنى التحتية المختلفة، وحتى الأملاك العامة (المشتركة)، إضافة إلى عدم تمكن "الفقراء" من الاستفادة من الأصول الاجتماعية كالخدمات الصحية والتعليمية
 
ولو أسقطنا هذا الأمر على الحالة الفلسطينية فإننا نجد أن الفلسطينيين يتعرضون لهذين الشكلين. يقول الباحث جميل هلال: "إنه نتيجة للعوامل التي تسبب الفقر فقد أصبح كثير من الفلسطينيين في حالةٍ من الفقر المؤدي إلى أوضاع اجتماعية وصحية غاية في البؤس والحرمان، خاصة لدى الفئات المهمشة مثل المرأة والأطفال والمعوقين، إضافة إلى أبناء المخيمات وسكان المناطق الطرفية، الذين كانوا يعتاشون، بشكلٍ كبير على العمل في إسرائيل، والذي تراجع بشكل واسع جداً".
 
ويرى بعض الباحثين الفلسطينيين أن عدم  وجود تعريف لخط الفقر يلقى إجماعاً معتمداً في الأدبيات المختصة بتعريف الفقراء أو تحديد خط الفقر، وذلك كون الحرمان المادي يمكن قياسه بسهولة (بطالة، ازدحام سكان… إلخ)، في حين أن الحرمان الاجتماعي، خصوصاً في الجوانب المتعلقة بغياب أو تدني المشاركة في الأعراف والمناسبات الاجتماعية للفرد أمور يصعب قياسها بدقة، وتحتاج إلى مقاييس أخرى تتطلب أشكالاً مختلفة من البحث الميداني.
 
دراسة حالات
وفي السياق ذاته بينت دراسة مسحية أجراها برنامج دراسات التنمية/ جامعة بيرزيت حول الفقر في فلسطين في الأعوام الأخيرة من وجهة نظر الفقراء أنفسهم أن أهم العوامل التي تؤدي للفقر في فلسطين تمثلت في البطالة التي قد تكون ناجمة عن أسباب ذاتية كالمرض أو انخفاض مستوى التعليم أو عدم ملاءمة سوق العمل، وكذلك لأسباب بنيوية تتعلق بتركيبة المجتمع مثل عدم السماح للنساء بالعمل في مجالات متنوعة.
وربط المبحوثون بين الفقر والحالة الزواجية كموقف المجتمع من الأرملة والمطلقة وزواج البدل والزواج المبكر، كما أكدوا العلاقة بين الفقر وكبار السن، بحيث شكل المسنون 30% من حالات الشؤون الاجتماعية في الضفة الغربية، ونحو 15% في قطاع غزة في السنوات الأخيرة. كما كان للانتفاضة الأخيرة وسياسات الاحتلال دوراً ملموساً وكبيراً في ارتفاع نسب البطالة، حيث أنه وفق معطيات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني تبين أن 61.5% من مجمل الأسر الفلسطينية انخفض دخلها منذ بداية الانتفاضة بنسبة 48.7% حيث فقدت أكثر من نصف دخلها خلال الانتفاضة.
 
خصائص ومظاهر
ومن خلال عدد من الدراسات التي تم الرجوع إليها نجمل أهم خصائص ومظاهر الفقر في الأراضي الفلسطينية. ففيما يتعلق بالخصائص تتمثل أهمها في:
ـ باستثناء منطقة وسط الضفة الغربية، يزداد الفقر في الأراضي الفلسطينية كلما اتجهنا من الشمال إلى الجنوب.
ـ ينتشر الفقر في كافة المناطق السكنية، إلا أنه أكثر انتشاراً في المخيمات ثم القرى، فالمدن، لكن المناطق الريفية تؤوي النسبة الأكبر من الفقراء 40% منهم، ثم المدن 33% منهم والمخيمات 27% منهم.
ـ يرتبط الفقر بعدد أفراد الأسرة، حيث كان أكثر انتشاراً بين الأسر المؤلفة من 4 أو 5 أفراد باستثناء الأسر التي لا تحوي أطفالاً.
ـ ينتشر الفقر بصورة أكبر بين الأسر التي ترأسها نساء، مقارنة مع تلك التي يرأسها رجال، كما أن الأسر التي ترأسها نساء أكثر فقراً، وترتفع نسبة الفقر بين الأسر التي يزيد عمر رب الأسرة فيها عن 54 سنة أو يكون عمره/عمرها بين 18ـ 24 سنة.
ـ ينخفض الفقر بارتفاع مستوى التعليم، بحيث أن أكبر نسبة فقر بين أولئك الذين لم يتموا المستوى الابتدائي، بينما أقل نسبة كانت بين أولئك الذين يحملون شهادة جامعية.
ـ يزداد معدل الفقر بانخفاض المهارة التي يتمتع بها رب الأسرة، فأعلى نسبة فقر كانت بين أولئك الذين يعملون فيما يُعرف بالمهن الدنيا (أي العمال الأقل مهارة).
ـ تعتبر الأسر التي يمكنها الوصول إلى الأرض الزراعية أقل عرضة لانتشار الفقر، كما تختلف نسبة انتشار الفقر باختلاف مصدر الدخل الرئيسي للأسرة.
 
أما بشأن مظاهر الفقر، فقد تمثلت أهمها في:
ـ وضع المسكن: حيث لا يُلبي المسكن احتياجات الأسرة، فهو غير صحي، والتهوية غير كافية ويتصف بالازدحام لصغر حجمه مقارنة مع عدد أفراد الأسرة، وبحاجة للصيانة كما أنه بحاجة لإضافات أخرى.
ـ الوضع الصحي: حيث أن المساكن غير الصحية هي الغالبة لدى الفقراء وهذا ما يؤدي إلى انتشار الأمراض الموسمية بين أفراد الأسرة.
ـ الوضع التعليمي: حيث لوحظ أن هناك علاقة عكسية بين مستوى التحصيل العلمي والفقر، ويكون وضع التعليم متدنٍ جداً عند الأسر الفقيرة، كما أن هناك علاقة بين مستوى دخل الأسرة وتسرب الطلبة.
ـ عمالة الأطفال: أظهرت الدراسات عدم رغبة الكثير من الأسر الفقيرة في أن يتم الطفل دراسته بذرائع مختلفة، فيما كان السبب الرئيسي هو الحاجة الاقتصادية الصعبة التي تعانيها تلك الأسر، حيث بلغت نسبة مشاركة الأطفال (12-16) سنة في القوى العاملة 6.6%.
ـ العزلة الاجتماعية: حيث العلاقات المحدودة مع الجيران والأقارب بسبب عدم القدرة على تقديم واجب الضيافة عندما يزورهم أحد، وقد سمي ذلك "بالتقوقع الاجتماعي" بسبب نقص الموارد التي تحت تصرفهم.
ـ اليأس والإحباط: حيث تتمثل مظاهر اليأس والإحباط في البكاء المرير والحزن الشديد ومشاكل نفسية، كما أن كثير من الشباب يفكرون بالهجرة أملاً في تحسين أوضاعهم.
ـ القدرية والغيبيات: حيث يعتبر العديد من الفقراء أن هذا الحال هو شيء لا يمكن تغييره ولا مفر منه ويختلط ذلك بالشعور باليأس والإحباط.
 
عناوين الإنقاذ
يعمل في الأراضي الفلسطينية ثلاثة أصناف من المؤسسات التي تقدم المساعدات المادية المالية والعينية للأسر الفقيرة، وهي المؤسسات الحكومية، الدولية، والأهلية، ورغم تباين برامج هذه المؤسسات من حيث شروط استحقاق المساعدة المادية إلا أنها تشترك من حيث توجهها بالأساس إلى الأسر والفئات التي تعاني من فقر مدقع. وبالنظر إلى برنامج وزارة الشؤون الاجتماعية فإنه يحدد الأسر المستحقة للمساعدة بالأسر التي فقدت إجمالي دخلها أو الجزء الأكبر منه بسبب غياب أو تعطل المعيل الرئيسي (الوفاة، الشيخوخة، المرض) أي أن المحدد الرئيسي للاستحقاق، إذا استثني برنامج مساعدة أسر الشهداء والأسرى، هو انعدام الدخل أو تدنيه الشديد وليس تراجع مستوى المعيشة دون خط معين، ولذا فإن المساعدة هنا إغاثية وليست تنموية.
 
أما برنامج وكالة الغوث الدولية فإنه ينحصر في تقديم المساعدات للأفراد والأسر الفقيرة من اللاجئين الذين يتبعون ضمن تصنيفها لـ "حالات عسر خاصة"، وتضع الوكالة شروطاً أكثر تشدداً من وزارة الشؤون الاجتماعية لاستحقاق المساعدة وتشمل هذه افتقاد الأسرة اللاجئة لذكر بالغ بين سن 18 و60 أو غير قادر صحياً على توفير دخل للأسرة دون أن يشترط ذلك ممارسة لعمل مدر للدخل، وأن يكون دخل الأسرة من جميع المصادر أقل من ثلثي أدنى راتب لموظف في وكالة الغوث في منطقة سكن الأسرة وله نفس عدد المعيلين، وغيرها من الشروط.
 
أما برنامج مساعدات لجان الزكاة في الضفة والقطاع، فإنه يعتمد شرطين رئيسيين لاستحقاق المساعدة، الأول هو فقدان المعيل (الرجل) والثاني وجود وضع يعجز فيه معيل الأسرة عن توفير الدخل عجزاً كلياً أو جزئياً بصورة دائمة أو مؤقتة، وتقدم لهذه الأسر مساعدات عينية، وتقوم بعض لجان الزكاة بتوفير كفالة للأسر الفقيرة، لكن التجاوب مع هذا التدبير من قبل الجهات الكافلة، ما زال محدوداً جداً.
 
الرؤى والخطط
يُلاحظ بوضوح ازدياد هامش الفئات التي تعيش تحت خط الفقر خلال السنوات الأخيرة، وذلك على خلفية منع الآلاف من الأيدي العاملة من الالتحاق بأعمالها داخل إسرائيل وازدياد معدلات البطالة تصل إلى أرقام قياسية في الضفة الغربية وقطاع غزة. إضافة إلى الإجراءات الإسرائيلية الأخرى والتي تهدم جميع الفرص التي قد تؤدي إلى تنشيط الحركة الاقتصادية داخل أراضي السلطة الوطنية الفلسطينية.
 
هذا المشهد يستوجب من الجهات ذات العلاقة، رسمية كانت أو أهلية التكاتف معاً من أجل الحد من اتساع دائرة الفقر، لذا فمن الضروري وضع خطط إستراتيجية طويلة المدى، والعمل على إيجاد فرص العمل لهؤلاء الفقراء من خلال خطة إستراتيجية تنموية متوسطة الأجل. إذن: المطلوب من السلطة الوطنية ومؤسسات المجتمع المدني وغيرها الإسراع في وضع حد لأتون الفقر حتى لا يتحول إلى بركان لا يُستثى أحدٌ من حممه ومخاطره.
 
وبهذا، فالفقر كما يراه أحد الحكماء رأس كل بلاء، وقد يكون الفقر من الأشياء القليلة في الدنيا التي تدخل في إطار السرية والخصوصية لصاحبها لما يمثله الفقر من حالةٍ اجتماعية صارخة وبائسة، فيقول لقمان الحكيم موصياً ابنه : "يا بني أكلت الحنظل وذقت الصبر فلم أر شيئاً أمر من الفقر،فإذا افتقرت فلا تحدث به الناس كي لا ينتقصوك, ولكن اسأل الله تعالى منفضله". وصدق الشاعر ابن الأحنف عندما قال: "يمشي الفقير وكل شيء ضده.. والناس تغلق دونه أبوابها..وتراه مبغوضاً وليس بمذنبٍ..ويرى العداوة لا يرى أسبابها".