اللقاء بقلم: ريتا طه

ذهب مع الممرض واستلقى على السرير ومد يده نحو الشاب بالزي الأخضر وهو ما يزال يعيد على نفسه السؤال ذاته الذي قفز إلى ذهنه منذ وقعت عيناه على وجهها الغائب في فضاء النوم العميق : "هي؟ معقول!".

اعتراه الشحوب قبل أن يسحب منه الدم، كان شحوباً متصلاً بشعوره حين وقعت عيناه على "عبد الرحمن" الذي تخيله صبياً ممتزجاً برائحة الفلافل والشاي وعصير الفاكهة الرخيص وأوراق الكتب المدرسية الحديثة.

أيعقل كل هذا الزخم من شعور لا يقدر على تحديده؟ ذهول، جمود أمام كل ما هو عادي، اكتشافات قاسية... مذهل أن يكتشف فجأة عمره الحقيقي عبر كم البياض في شعر صديقه القديم الجديد، أن يكتشف كذلك خيبته أمام احتمال أن تكون تلك الفتاة التي كان يبحث عنها هي ذاتها تلك الفتاة التي ستناديه "عمو خالد" فيما بعد!

تمنى أن يكون مخطئاً وألا تكون هذه الفتاة سوى شبيهة بتلك الأخرى.

قرر أنه لن يعود مجددا إليهم، أجل سوف يقنع نفسه أنه لم ير أحداً، سيهرب من المستشفى فور إزالة الممرض للحقنة من ذراعه ولن يعود أبداً، سوف يغادر البلاد ولن يعود قبل عام، أجل فلا بد له من استرجاع "سمر" بهذه الطريقة لأنها حتما ستلحق به أو أنها ستقرر انفصالهما إلى الأبد إذا لم تفعل.