السبت  23 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

بين احتكار الحقيقة، ورأي الناس تيسير الزّبري

2014-10-28 08:18:06 AM
بين احتكار الحقيقة، ورأي الناس
تيسير الزّبري
صورة ارشيفية

 صريح العبارة

* تموج الساحة الفلسطينية بالأفكار والمواقف، والمقترحات لمعالجة الحالة السياسية بكل تفرعاتها (بما فيها الاجتماعية والاقتصادية)، وفي تشخيص الحالة هناك شبه إجماع، أما في الحلول فهناك اختلافات إلى درجة التنافر!

* ما يتفق عليه الفلسطينيون إجمالاً، هو العمل من أجل إزالة الاحتلال الصهيوني للأرض الفلسطينية وممارسة حق تقرير المصير، وعلى طريق إنجاز هذا الهدف يتفقون على أن أخطر ما يتهدد المشروع الوطني راهناً هو الاستيطان، وقضم الأرض الفلسطينية بمختلف الأساليب والمسميات وآخرها ما يجري في القدس وسلوان من اتباع أساليب خسيسة في الاحتيال والسمسرة على بيوت سكان المدينة وضواحيها، وهناك نقاط اتفاق كثيرة مثل التمسك بحق عودة اللاجئين إلى ديارهم، ومواجهة العنصرية التي يتم بها معاملة الفلسطينيين في مناطق العام 1948 بكل تجلياتها البغيضة التي يجري كشفها وفضحها كل يوم، وتعرية الديمقراطية الزائفة التي تدعيها الحركة الصهيونية في فلسطين.

* وفي الحالة الراهنة الفلسطينية تتعدد أوجه الخلاف، فالرهان على الوصول إلى تسوية سياسية مع المحتل وفق الأساليب السابقة، ما زالت مخاطرة قائمة بالرغم من عملية التلويح والإعلانات بأن لا عودة إلى الماضي، والاّ بماذا نفسر حالة التردد في الذهاب إلى ميثاق روما والمحكمة الجنائية الدولية؟ وها نحن نشهد يومياً الجرائم التي ترتكب بحق الفلسطينيين بتغطية وتأييد من الرسميين الإسرائيليين، وهل نذكر جريمة حرق محمد أبو خضير (في القدس) وغيره؟ وهل نذكّر بجرائم القتل المتعمد للمدنيين في قطاع غزة خلال العدوان الأخير؟...إلخ، وهل ما زال الرهان قائماً على الدور الذي يمكن أن تقوم به الإدارة الأمريكية حتى تكون متوازنة في موقفها؟ وبماذا سوف تواجهنا (تلك الإدارة) إذا ما قدم اقتراح في مجلس الأمن خلال الأسابيع القادمة يطالب بتحديد زمن للانسحاب الإسرائيلي؟!

* أمام ما يبدو من مواصلة اتباع السياسة السابقة، فإن الجانب الآخر ونعني به الناس، وهم من يدفعون ثمن أي حل قادم يحدد فيه حاضرهم ومستقبلهم، فإن لديهم رأي آخر يمكن أن نتتبعه على الأرض في البيانات والمذكرات والاجتماعات الشعبية في محافظات الوطن والتي تتوحد فيها على عدة نقاط، وأولها مواصلة العمل الجاد من أجل استعادة الوحدة الوطنية بين شطري الوطن، وأن تأخذ حكومة التوافق دورها في إتمام ما جرى إقراره في إعلانات المصالحة الداخلية أو بتشكيل حكومة وطنية ائتلافية جديدة تكون قادرة على تنفيذ برنامج استعادة وحدة الوطن وتهيئته من أجل إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية جديدة، وبموازاة ذلك يرى الناس في بلادنا دوراً لما تم إقراره سابقاً والمتعلق بتفعيل الإطار القيادي الموحد لمنظمة التحرير الفلسطينية واعتبار ذلك خطوة على طريق تطوير وتفعيل ودمقرطة مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية، حيث لم يعد الوضع الحالي البائس للمنظمة مقبولاً.

* إن التمسك بمطلب إجراء الانتخابات في كافة الأطر الفلسطينية يستهدف النهوض بالوضع الوطني الفلسطيني ووقف فرض سياسة الحزب الحاكم أو الحزبين الحاكمين، وبناء نظام يقوم على التعددية التنظيمية كما هو حال الشعب الفلسطيني، أما التلويح بالمحاصصة، فهو بالإضافة إلى كونه أمراً غير واقعي، فهو ضار ويدخل المجتمع الفلسطيني (والدولة) في إطار النظام الشمولي (فرض حزب الأغلبية على المجتمع)، وهو أفضل وصفة لبناء نظام سياسي فاشل!

* لدينا فسحة من الوقت لبناء أوضاعنا الداخلية الفلسطينية، حيث لا أفق لتسوية سياسية واقعية ومقبولة في الوضع الراهن. نحن نتابع (وللأسف بحياد غير مفهوم) ما يجري من خراب في محيطنا القريب والمعركة الدائرة من أجل التحرر من مخاطر الإرهاب ومحاولات الهيمنة الاستعمارية، وهذه المعركة سوف تطول، ولا أحد سيلتفت نحونا في السنوات القادمة، ولذلك علينا ألا نضيع الفرصة المتاحة من أجل الالتفات إلى إعادة بناء بيتنا الداخلي وإزالة ما علق به من خراب طيلة العقدين السابقين.