في الوقت الذي كتب فيه عن زيارة الرئيس الأمريكي للمنطقة وعن الاحتمالات التي ترافقها، وربما عن حجم الالتباسات والتوقعات الدراماتيكية حولها، بما في ذلك التوقعاتلدى الجانب الحليف الاستراتيجي للإدارات الأمريكية، ونعني بذلك إسرائيل، فإن النتائج المتوقعة تشير إلى ما هو رئيس وظاهر وما هو غامض وملتبس ما بين الحقائق المرة والأوهام!
من موقع هبوط الطائرة الرآسية في الرياضهناك دلالات كثيرة، كما أن الاجتماعات التي يجري التحضير لها على المستوى الخليجي والعربي الاوسع لها دلالات اوسع عن الهدف الرئيسي من الزيارة،وما عدا ذلك هي تفاصيل واضافات تجميلية لا قيمة جوهرية لها، بما في ذلكإهمال جوهرالصراع الفلسطيني مع الاحتلال الإسرائيلي منذ العام للنكبة الثانية في العام 1967 بكل تفرعاته وأشكاله، بما في ذلك قضية اللاجئين الفلسطينيين.
كل المؤشرات والإعلانات شبه العلنية تشير إلى الهدف التجاري الذي يحوم فوق رأس الرئيس الأمريكي والوفد المرافق له، وهناك تصريحات ومعلومات صحفية تتحدث عن صفقات بمئات المليارات من مبيعات الأسلحة والمشاريع المشتركة معالدول الخليجية،بما لها من معاني اقتصادية وسياسية، اقتصادية بمعنى دعم الصناعات الحربية الأمريكية وانعاشالاقتصاد الأمريكي، وسياسي من حيث توجيه الأنظار إلى عدو المصالح الأمريكية والمقصود بذلك الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وهو الذي شكل ركناًأساسياً في حملة ترامب الانتخابية. تسليح الدول الخليجية بمليارات الدولارات ومواجهة إيران هما هدفين بحجر واحد، كما يقال.
المواجهة التاريخية في المنطقة مع التمدد الصهيوني واحتلال فلسطين كاملة مع أجزاء من دول عربية أخرى مثل الجولان...هذه مسائل لا تشغل بال الإدارة الأمريكية إلا من باب رفع العتب أو تقديم جوائز الترضية، وهي "جوائز" لا تستثني حكومة نتنياهو، ولذلك يجري التحضير لعقد اجتماع يضم عدداً من الدول العربية وبحضور فلسطيني لتكييف المبادرة العربية وتعديلها بما يقرب الإسرائيليين من قبولها (في الأفق تدور مشاريع مقترحات من بعض الأطراف العربية الخليجية تجاه التوسع الاستيطاني وتجاه التطبيع بما يتعارض مع المبادرة العربية)، الإدارة الأمريكية تعلم جيداًأنه بدون إجراء شيء ما على جبهة الصراع العربي – الإسرائيليفإن كل خططها للهيمنة تبقى مهددة.
إدارة ترامب وبالرغم من حلفها مع إسرائيلإلا أنها لا ترغب في اتخاذ خطوات شكليةوبروتوكولية مع الجانب الإسرائيلي ربماتستفز أعداء سياساتها في المنطقة، أو تحرج أصدقائها العرب من مثل زيارة حائط المبكي بمرافقة إسرائيلية أوالامتناع عنزيارة (قلعة مسادا) قرب البحر الميت، ولذلك فإن الصحف الإسرائيلية المعارضة لحكومة نتنياهو تصف الأخير"بالمتصبب عرقاً" في الاستعداد لاستقبال الرئيس الأمريكي!
الوفود الأمريكية التي مهدت لزيارة ترامب تتعامل مع الصراع الفلسطيني مع الاحتلال من جانب الاقتصاد والمساعدات الاقتصادية وهي تحضر لتقديم مشاريع دعم (ولم لا، ما دامت تنهب نتائج الثروات العربية؟)
والسؤال الدائم كيف سوف يواجه الفلسطينيون وبالذات المفاوض الفلسطيني هذا الإهمال الذي يدور في الأفق،وهل أن الاهتمام الشكلي بالمسؤولين الفلسطينيين يقدم حلاً ويعطي الإجابابات عن الوضع الفلسطيني والعذابات التي يواجهها من الاحتلال والاستيطان، وآخر فصوله معاناة الأسرى الفلسطينيين من احتلال عنصري جاثم على صدور الفلسطينيين بالقمع والاستيطان الزاحف. جوائز الترضية لن تكون مقبولة مهما جرى تغليفها من مظاهر شكلية لا قيمة فعلية لها...