بوضوحٍ تام/
يتقافزُ أمامي أكثر من خمسينَ جرحٍ
وأنا أركضُ برأسٍ مثقوبٍ تستوطن دبابير الوقت فيه
ولا غيري يتقنُ الرقصَ المجنح على حبالِ الألمْ
بوضوح تام/
أبصرتُ ثعالبَ المدينةِ
تتسكعُ وتلقي أثقالها
في جرارِ حزني الكثيفِ
وأراني حاملا بين يدي عشبَ الغُربةِ
واللغةِ التي اتخذتْ من طقسِ دمي
جرعة أخرى..جرعةٌ من الحلمِ
الحبيسِ في قفصِ الليلِِ
ودرجِ الطفولةِ البكرْ
أنا الذي أشهرَ وجههُ للشمسِ
وتقلّدَ أسئلةِ الجوعى.
بوضوح تام/
أرى بيوتاً تُفاوضُ ساكِنيها
وتاريخاً لملهاةِ الخبزِ
لمّا يبدأُ من فمِ الأطفالِ
وكلُّ الرياحِ تعصفِ بالمذعورينَ
أمامَ لُصوصِ الحياةِ
والليلُ منفىً،
والحلمُ رحيلٌ مبللُ الآسى،
ألجأُ الآن وكل العاطلينَ عن الأملِ
لرسائلِ الغيمِ الناشفِ
نحو أرض نُقبل زعترها العالي
أكانَ عليّ/
أن تأوي إليَّ
سحب النهار
وكل الأحلامِِ مخنوقةٌ
على مخدةِ الصحراءِ
أكانّ عليّ/
أن أتركَ من قلدوني خَرابَهم
كي أكتبَ سيرةَ الحقول على شرشفِ المقتِ
ويبكي من ولهٍ عليّ الشعراءْ
أكانَ عليّ/
أن أبوسَ من سرقوا زِوادةَ الأيامِ
ووردِ الروحِ
بوضوحٍ تام/
أنا هنا، وكتاب التشظي
ينزُّ عرقاً حتى صهيلَ الحرفِ
في كرّاسِ الذئابْ
قلتُ: سأرسمُ شالَ الأرضِ
قبلَ اجتيازِ حدودِ الدمعِ
وأُهدي أسماء الفقراء لذاكرةِ الملحِ
قلتُ: أمضي إلى حكايةٍ أُخرى
أُحاورُ كلَّ اللُصوصِ الذينَ ناموا
قُربَ أثاثِ الروحْ.
كان الصباحُ فارغا من عناصرِ اللحظةِ
كان صباحاً مريضاً على سُلمِ النايْ
قلتُ: أفتحُ باباً نحو جسدِ السماءِ
أقيسُ المسافةَ بينَ قلبي وساحةِ المطعونينَ بالعطشِ
وأبتهلُ إلى الله.
يتدحرجُ لسانُ القلقِ
إلى آخرِ ذاكرةٍ تركتُها على بوابةِ الجريدةِ
رُحتُ أجسُّ كل مَنْ وقفوا خلفي في العراءِ
مُمسِكينَ حبالَ صَمتِهم
ويُتمتمونَ في الفراغِ
أيُّ فراغٍ يلفُ كل اللاهثينَ
في مدينةِ القتلى
كُلنا قتلى
على طاولةِ الليلِ
نرتعدُ من بردِ الوعودِ
ورِعشةُ الموتِ
وكثرةِ السؤالْ
قلت: أنامُ محاصراً بفمي
أفتحُ نافذةً أُخرى
كي تمرَ طيور الحلم
على جمرِ اليدينِ
وأروحُ مثلَ أُمٍ تُهدهدُ
أيامَ الطلقِ ولا ولادةٍ
تُفضي للقصيدةِ
بوضوحٍ تام/
أقولُ: عاليةٌ سماءُ العمرِ
وقصيرةٌ طرقِ الذاهبينَ إلى مَوتهم
يا أيها الشاعرُ
قُلتَ: منفاي، حزني، قلقي، خوفي
رأسي الثقيلةُ المعبأة بالديناميتِ
وأنا من صلبوه في غرفة الأمونيا
قلتُ: بوضوح تام
ضاقتْ بي الفصولُ، مفاتيحُ الحياةِ والأسئلة
المفضوحة في السرابْ.
في الطريق إلى الله
تركتُ تسابيحَ معجونة بماءِ القصيدةِ
ولغة مذبوحة على فمِ صوفيّ
لم يقترف
سوى أغنية
في حضرةِ المريدينَ
وترنيمة خجلى أمامَ البلادِ
بوضوحٍ تام/
أتجولُ في صفحاتِ الجريدةِ
أبحثُ عن أسماءِ الطيورِِ التي أغرقتها
مياه المواسمِ ولم ترتوِ بعدُ في خيمةِ الإضرابْ
بوضوحٍ تامْ/
أنا ظلُ الأصدقاءِ
صوتهم المبحوح
زيتُ حَناجرهم
كأنهم أنا
وكأني صديقُ البوحِ
في تربةِ عِشقهم
بوضوحٍ تامْ/
أنامُ في سريرِ الوقتِ
أنام كغيري
وأحيا
مشفوعا بالأمل.