الإثنين  25 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

40 مفتش عمل لـ100 منشأة بالضفة الغربية

2014-10-28 01:32:48 PM
40 مفتش عمل لـ100 منشأة بالضفة الغربية
صورة ارشيفية

 

التعدي على الحد الأدنى للأجور.. قانون يمنع بلا عقوبات تردع

 
 
الحدث- خاص
 
تعمل في الوسط الإعلامي منذ سنة، وتتقاضى 800 شيقل راتباً شهريا لقاء عملها المضني في وسيلة إعلام محلية، وغالباً ما تدفع منال (وهو اسم مستعار) أجرة يوم عملها ثمن كوب شاي وشطيرة باردة للإفطار في مطعم مجاور، أو لقاء فناجن قهوة مع ضيف.
وتخشى إيناس على عملها من نشر اسمها، وتقول: "بعد عامين على سريان قانون الحد الأدنى للأجور (1450 شيقل) وستة سنوات عمل أتقاضى 900 شيقل، أعمل سكرتيرة بعيادة طيب معروف وسط مدينة رام الله، وتحصل زميلاتي في المجمع على أجر مشابه لقاء 8 ساعات، وقد ينتهي بهن الحال بالفصل لحرمانهن من حقهن في التثبت والتمتع بحقوقهن".
 وبعد تردد طويل، قالت البائعة في مؤسسة ضراغمة التجارية سكينة موسى، "أحصل على 2000 شيقل"،  وصرحت زميلتها بالمؤسسة مرام سعد أن راتبها 1400، لكن المسؤول إياد ضراغمة قال إن المؤسسة ملتزمة بالحد الأدنى، وتدفع 1450 شيقل لقاء سبع ساعات ونصف من العمل، وبدل علاوات وتسهيلات للموظفين المتزوجين والطلاب.
وتؤكد عاملات أن أرباب عملهن يدفعون نحو 5 شيقل عن كل ساعة عمل، وتحصل منال ضيف الله على 9 شيقل للساعة في مؤسسة البكري التي ذكر المسؤول فيها حمادة قدوس أن رواتب المؤسسة تتراوح بين 1500 و2000 شيقل.
وقالت موظفة بمحلات كركر،  رفضت نشر اسمها، إنها تتقاضى 1200، لكن رانيا، المسؤولة في المتجر، قالت: "الرواتب بحدود 1400 شيقل، وتتغير حسب ساعات العمل، فهناك موظفات طالبات يعملن بدوام جزئي.
ولا يقتصر الإجحاف بالحد الأدنى على العاملات النساء، يقول حكمت، وهو يعاني من صعوبات عقلية، إنه يتقاضى 1000 شيقل عن عمله بدوام 8 ساعات في مصنع بمدينة البيرة، ويضطر مثل الآلاف، للكذب على مفتشي العمل رضوخاً لرغبة المشغل، ويدعى حصوله على راتب أعلى خشية الفصل.
وتتهم المثقفة الميدانية في جمعية المرأة العاملة الفلسطينية للتنمية نائلة عودة، أرباب العمل بانتهاك قانون الحد الأدنى للأجور بصورة فظة وملموسة لدرجة يمكن القول معها أن القانون لم يطبق رغم كونه ظالماً للعامل وحقه في حياة كريمة لقاء عرقه.
 وترى عودة أن النساء العاملات هن أكثر اضطهاداً لناحية الرواتب، وخصوصاً في قطاعات رياض الأطفال، النسيج والخياطة، السكرتيرات، الزراعة، صالونات التجميل، حيث الرواتب متدنية دون حسيب أو رقيب.
وأضافت المثقفة: "حسب معلومات من وزير العمل ولجنة الحد الأدنى للأجور، وبناءاً على عدة توصيات، صدر قرار عن الوزارة بوجوب الالتزام بالحد الأدنى، مقرون بالتلويح بإغلاق المؤسسات المخالفة، ولكن للأسف الشديد حتى هذه اللحظة، هناك نساء في رياض الأطفال تقاضين  400 و600 و100 دينار في منطقة نابلس".
وتابعت: "التقينا وزارة العمل بالتنسيق مع المؤسسات الأخرى، وتحديداً نقابة رياض الأطفال ومشاغل الخياطة  وأوصلنا رسائل ومذكرات مرفقة بتوقيع آلاف النساء العاملات، وتم رفعها إلى مجلس الوزراء ووزارة العمل، للمطالبة بالحد الأدنى للأجور.
 
 استغلال
وترى عودة أن أرباب عمل جشعون يستغلون حاجة الناس للعمل، وخصوصاً العاملات، وقالت: "هناك نساء في مرحلة ما أصبحن بحاجة ماسة للعمل، وبسبب هذه الحاجة تقبل عاملات العمل ب 800 شيقل على الجلوس في المنزل دون أي مال.
ورأت وزارة العمل ومديراتها مقصرة في عملية التفتيش والمراقبة، وأضافت: "عدد مفتشي العمل قليل جداً ولا يسمح لهم بزيارة سائر مواقع العمل،  ومن جانب آخر يتعرضون للتضليل، فصاحب العمل  يشترط على العاملين بأساليب شتى إبلاغ المفتشين أنهم يتقاضون 1500 ويزورون أوراقاً، وهذا لا يعفي وزارة العمل من المسؤولية".
نحن نتدخل حين تفصل العاملة بسبب عدم وجود عقد عمل بينها وبين صاحب العمل، أو إغلاق المؤسسة، ونحن نتدخل لتحصل العاملة على راتبها وأتعابها لنحل الموضوع بشكل ودي أو قضائي، لكن نسبة ليست قليلة تحل ودياً، ولكن نواجه مشكلة مع أصحاب العمل الذين يحملون بطاقة هوية إسرائيلية، هؤلاء لا أحد يحاسبهم، والمحكمة لا تستطيع إقرار عقوبة، هم يتحايلون ويسجلون أشغالهم في رام الله غالباً باسم شخص آخر، وفي حال صدر حكم  يتيح للمشغل صرف راتب وأتعاب موظفته بالتقسيط الممل.
 
شراكة
ويعود أمين عام اتحاد نقابات عمال فلسطين المهنية، حسن شراكة إلى بدايات القصة، حيث الجدل حول قيمة الحد الأدنى الذي استغرق إقراره سنوات، وقال: "نحن كاتحاد، وجزء من الحركة النقابية، اعترضنا على سقف الأجر، لأنه لا يلبي الحد الأدنى لاحتياجات أي أسرة أو عامل، نحن أردنا حداً أدنى ينسجم مع المعمول به في القطاع العام (1850 شيقل) والمسؤول المباشر عن تطبيق هذا القانون هو وزارة العمل، وخاصة دائرة التفتيش".
ويقدر شراكة أن نسبة كبيرة من مواقع العمل في مناطق السلطة الوطنية لا تلزم خاصة قطاعات التشغيل الفردية مثل المحاميين والأطباء والمهندسين والمتاجر ومؤسسات وأعمال الحياكة والنسيج ورياض الأطفال والمدارس الخاصة، وهي قطاعات تشغل النساء أكثر، وهن في عملهن مضطهدات بالحد الأدنى للأجور وبأمور كثيرة.. لكن هناك مصانع كثيرة للغاية غير ملتزمة بهذا النظام إزاء العاملين الرجال وإزاء المرأة العاملة تحديداً.  
وأضاف شراكة: "نحن لسنا قوى تنفيذية تجبر صاحب العمل على الالتزام بالقانون، نحن طرف  في المعادلة له دور محدد نتدخل متى طلب منا العامل ونثقف، والمسؤول عن تطبيق هذا القانون هو وزاره العمل.
نحن نتعامل مع شكاوى تصلنا، وعلى أثرها نخاطب صاحب العمل ونطلب منه الالتزام، وفي حال رفض نتوجه للقضاء شرط أن يكون لدى العامل استعداد للتوجه للقضاء، لأن العامل غالباً يرغب بالحفاظ على عمله بسبب حاجته للعمل في ظل بطالة متفاقمة، والقضاء عادة يحكم للعامل بالحد الأدنى وبدفع الفرق منذ بداية الاتفاق وبأثر رجعي".
وتابع: "معظم القضايا التي تتوجه للقضاء يتم كسبها، رفعنا 22 قضية على خلفية الحد الأدني، وتم كسبها جميعا لصالح العامل".
 
ضراغمة
وقال عبد الكريم ضراغمة مدير عام دائر التفتيش في وزارة العمل إن قانون الحد الأدنى للأجور أقر حديثاً في فلسطين ونفذ عملياً بداية عام 2013، وأتى ضمن الظروف الاقتصادية والاجتماعية القائمة، ولكن ظروف سوق العمل والصعوبات الاقتصادية تجبر الناس على أن تعمل برواتب دون الحد الأدنى.
 وأضاف: "بدأنا مع الطوقم الموجودة كمفتشين في الرقابة على عامل إضافي في القانون، وهو الحد الأدنى للأجور الذي أساسه كراتب شهري 1450 شيقل، والأجور المتدنية مشكله نواجهها في قطاعات تشغيل النساء مثل النسيج والخياطة، ورياض الأطفال، وجزء من المدارس الخاصة، ووظائف السكرتاريا خصوصاً، وهذا لا يعني أن باقي القطاعات تظهر الالتزام".
وقال ضراغمة: "أصحاب العمل  يتذرعون دائماً بالأوضاع الاقتصادية وصعوبة التوفيق والالتزام بالحد الأدنى للأجور، لأثره السلبي على أعمالهم وقدرتهم على التشغيل، رغم أنالقانون أقر بعد نقاش مستفيض بمشاركه من أصحاب العمل والعمال والحكومة وأكثر من جهة وزارية.
نحن نقوم بدورنا من خلال دور رقابي، والأصل أن تكون هناك شكوى، ونحن نشجع الناس أن تشتكي لدينا لأن القانون يحفظ لهم حقهم ويعطيهم أجرهم  بأثر رجعي من تاريخ النفاذ.
ونقوم بالتوعية والإرشاد، وبذلنا فيه جهداً كبيراً العام الماضي بالتعاون أكثر من جهة، والشق الثالث هو الرقابة الميدانية التي تتولاها طواقم تفتيش وزارة العمل على مدار الساعة على المنشآت والمصانع".
وأضاف: "الطواقم لا تكفي، لدينا أكثر من 100 ألف منشأة ومصنع في الضفة الغربية تشغل نحو 300 ألف عامل في ظل قلة عدد الكادر البشري وانعدام الدعم اللوجستي للمفتشين مثل مركبات الحركة، وبالإمكانيات المتاحة يصعب الوصول إلى الرقابة على سائر المواقع".
وتابع ضراغمة: "لزيارة المنشأة للرقابة مرة واحدة في العام نحن بحاجة إلى 250 مفتش وسيارة لكل دائرة. بينما لدى الوزارة 40 موظف تفتيش ورقابة!
ويقول المسؤول، العام الماضي، اتخذنا إجراءات قانونية بحق مخالفين تم ضبطهم، وجهنا 62 تنبيه و12 إنذار، وتم تحويل 37 قضية للمحاكم، ليس لدينا محكمة عمل، وأثر جهود بذلتها وزارة العمل وشركاؤها مع مجلس القضاء الأعلى، تم فرز قاض في كل محكمة لمتابعة أمور العمل، هناك التزام، ولكن  ليس هناك قضاة مختصصين في قضايا العمل، وفي الغالب يطول أمد القضية والنطق بالحكم في القضايا، والعقوبة الممكن أن يتعرض لها المخالف، غرامة من 50-100 دينار أردني.
غرامة وعقوبة
ترى منال أنها تشجع ولا تردع، ولسان حالها مثل آلاف العاملين من الجنسين يردد: "رضينا بهم اتفاق مجحف ولم يرضى الهم بنا".