الإثنين  25 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

مخاضٌ أخير لـ الشاعرة: هلا شروف

2017-06-05 07:37:13 PM
مخاضٌ أخير
لـ الشاعرة: هلا شروف
هلا شروف

أُغلقُ باب الشكوى وأضحكُ من فِعلتي.

بين "الشك" و"الكيّ" ضاع عمري،

أوّله في فعل ما لا أريد، وأوسطه في السؤال عمّا أريد، وآخره في الخوف مما أريد.

هل أوشكُ أن أبدأ أم أنتهي؟

المُنادي ينادي أبي، ويحمله من خُلوةٍ إلى خلوةٍ، ويمنحهُ مفاتيح الأبواب الموصدة:

"يا عبد الهادي، امسحْ قدَمَيك للصلاة

وادخُلْ من الباب الموارِب، بابِ الخِفيَة

بارِكْ بناتِكَ وادعُ لهنَّ

واجعلْ ظهركَ للمقبرة

الله وحدهُ يؤخَذُ على محمل الجدّ

الله وحده مُقبلٌ عليك

الله وحدهُ يراك ولا يملُّ من سؤالك".

المنادي ينادي عليَّ ويغمُرُني بالسكينة:

"يا ابنَتَهُ، امسحي رأسكِ ثلاثاً وادخلي في الأوان،

ضعي قدماً في الماء وأُخرى في حِجرِ أمك

كي تلدي ابنةً من حليب.

ضعي قدماً في الماء وأُخرى في حِجرِ أبيكِ

كي تلدي ولداً من حنطة.

ضعي قدماً في الماء وأخرى في التراب

كي تلدي توأماً بشعر عرانيس الذرة.

ضعي قدَمَين في الماء كي تقطعي النهر أو تغرقي.

ضعي قدَمَين في النار كي تولدي".

أفتحُ باب الرضى وأستريحُ من الركض.

هل أوشكُ أن أبدأ أم أنتهي؟

المنادي ينادي عليَّ ويخبرني عن رحيل الحياة وحكمتِها، وعن مولد الأنبياء، وعن طيِّ السماوات كطيّ الكتب، وعن بنات عبد الهادي اللواتي، في خلوته، يدعو لهنَّ بولادة صعبةٍ ومخاضٍ أخير.