ترجمة الحدث - احمد بعلوشة
نشرت صحيفة هآرتس تقريرا اخباريا عن كيفية التعامل البريطاني مع الهجمات التي تتعرض لها المملكة المتحدة، اما الطريقة فهي اتباع الطريقة الاسرائيلية.
وفيما يلي ترجمة التقرير:
واجه سكان لندن الذين كانوا يتجهون إلى عملهم هذا الأسبوع واقع جديد على عدد من الجسور الأنيقة التي تعبر نهر التايمز، حيث تم وضع حواجز قوية بين الممرات والأرصفة، بعضها مصنوع من الصلب، والبعض الآخر من الخرسانة، ويأتي ذلك لحماية المشاة من الإرهابيين الذين قد يحاولون استخدام سياراتهم سلاح هجومي عقب الهجوم المميت الذي هز المدينة مساء أول أمس.
وقد تم تركيب الحواجز على جسور واترلو ولامبيث وستمنستر بعد أن قام ثلاثة إرهابيين متأثرين بداعش بصدم سياراتهم بالمشاة على جسر لندن، ما أسفر عن مصرع سبعة أشخاص وإصابة 48 آخرين.
وجاء الحادث عقب اعتداء 22 مارس الذي أسفر عن مصرع ستة أشخاص من بينهم الجاني وإصابة العشرات.
وتأتي محاولة بريطانيا لوضع هذه الحواجز في إطار خطوات وتدابير مماثلة لتلك التي اتخذتها إسرائيل، والتي وضعتها على مدار العقد الماضي في المواقع التي كانت عرضة لهذا النوع من الهجمات.
وكما هو الحال في العديد من تقنيات الهجمات الإرهابية التي تبنتها الجماعات الإسلامية في أوروبا، تأتي طريقة "التكنولوجيا المنخفضة" لاستخدام سيارة لدهس الناس وأحيانا تكون متبوعة بإطلاق النار أو الطعن ممن يستقلون السيارة، هذه الطريقة كانت موجودة في إسرائيل والتي استخدمها الفلسطينيون بعد أن وجدوا أن الوصول إلى المتفجرات والأسلحة النارية أمراً صعباً ويستغرق وقتاً طويلاً.
وقد جعلت العفوية في اتخاذ هذه الطريقة لتنفيذ العمليات محاولة إحباطها أمراً صعباً، وهي طريقة حولت السيارات والشاحنات إلى أسلحة تتطلب القليل من التخطيط أو التنسيق مع الآخرين، غير أن الحصول على سيارة هو أمر لا يثير الشكوك.
بدأت الموجة الأولى من هجمات الدهس/ الدعس في إسرائيل في صيف عام 2008، وكانت كما حدث في لندن خلال شهر رمضان المبارك، عندما صدم فلسطيني من القدس الشرقية شاحنته الإنشائية في السيارات والحافلات. وبعد ثلاثة أسابيع، قام عامل بناء فلسطيني في جرافة بجرف عدة مركبات. وفي شهر أيلول/ سبتمبر، دهس فلسطيني من القدس الشرقية تقاطعاً مزدحماً مليئاً بالمشاة في وسط المدينة.
وفي السنوات التي تلت ذلك، وقعت هجمات بالسيارات في القدس والضفة الغربية، وغالبا ما تكون في محطات الحافلات والقطار حيث يتجمع الجنود الإسرائيليون المسافرون من وإلى قواعدهم مع مشاة آخرين.
وبعد وقوع مجموعة من الهجمات في عام 2014، عندما وقع حادثات من هذا النوع في غضون أسابيع في محطات السكك الحديدية الخفيفة في القدس، الأمر الذي أسفر عن مقتل ثلاثة أشخاص؛ أقيمت حواجز خرسانية خارج المحطات لمنع السيارات من صدم ركاب الانتظار. وفي العام التالي، أنفقت مدينة القدس 500 ألف دولار على إنشاء مناصب حديدية أمام ما يقرب من 300 محطة للحافلات والتي يعتقد أنها تقع في "المناطق المعرضة للخطر" لحماية أولئك الذين ينتظرون ركوبها.
وخلال نفس الفترة، بدأت الجماعات الإسلامية في تصدير هذه التقنية بشكل فعال إلى أوروبا. وقد شجعت مجلة القاعدة على الانترنت على تنظيم هجمات "الصدم بالمركبات" لتحقيق أقصى قدر من المجازر منذ عام 2010. ومن جهتها نشرت داعش شريط فيديو في عام 2014 يروج لهجمات من هذا القبيل ضد المدنيين.
وقد جنت جهود الجماعات الإرهابية ثمارا مميتة في عام 2016 مع المجازر الجماعية لهجوم نيس الذي أسفر عن مقتل 86 شخصاً، وهجوم سوق برلين في عيد الميلاد الذي أسفر عن مقتل 12 شخصاً، مما جعل القادة الأوروبيين قلقين بشأن حماية مدنهم دون تحويلها إلى مخابئ.
حتى لو كان هناك تحذيرات مسبقة، فإن هذه الهجمات يبقى إحباطها صعب للغاية، وعلاوة على ذلك، لا يمكن إقامة حواجز مادية في كل بقعة يواجه فيها المشاة حركة مركبات.
استهداف الجيش الإسرائيلي
في إسرائيل، من الأسهل تحديد المناطق التي يجب حمايتها حيث أن الهدف المفضل هو الجنود الإسرائيليون باستمرار، وقد تم إصدار أوامر للجنود الإسرائيليين منذ فترة طويلة بالبقاء وراء الحواجز الإسمنتية في محطات الحافلات وغيرها، وألا يقفوا في مكان قريب في مجموعات كبيرة. ولكن على الرغم من التدابير المتخذة كان هناك هجوم مدمر في القدس في يناير/ كانون الثاني، عندما صدمت سيارة مجموعة من الجنود الذين كانوا يستقلون حافلة في أرمون هاناتزيف في الجزء الجنوبي من المدينة.
وفي الوقت الحالي، تعمل رئيس الوزراء البريطانية تيريزا ماي ومسؤولين بريطانيين آخرين على الاستعداد بشكل سليم لاحتمال وقوع هجمات مركبات في لندن.
وتراقب الولايات المتحدة هذا الاتجاه عن كثب، ومع القلق المستمر، أشار التقرير الذي اعدته إدارة أمن النقل في مايو/ أيار المنصرم، والذي أطلق عليه اسم "هجمات صدم المركبات: مظاهر التهديد والمؤشرات والتدابير المضادة" إلى أنه خلال السنوات الثلاثة الماضية كان هناك 173 شخصا قد قتلو، فيما أصيب أكثر من 700 في 17 هجوماً من هذا النوع في جميع أنحاء العالم.
ومع تزايد الحواجز على جسور لندن، فقد تم تقديم شكاوى من راكبي الدراجات غير الراضين عن العقبات الجديدة التي تجعل ممرات الدراجات على الجسور ضيقة بشكل خطير. وفي الواقع لا يزال راكبو الدراجات عرضة لهجمات المركبات. فيما يشعر البعض الآخر بالرضى عن الجمالية القبيحة للمكعبات الإسمنتية ويمثل رد فعل وزير التعليم الإسرائيلي نفتالي بينيت حين كان وضع الحواجز في بدايته ووصفها بأنها "جائزة للإرهاب".
ويبدو أنه في أوروبا، وكما الحال في إسرائيل، أصبحت الآن حقيقة أن الحياة محبطة وغير جذابة واضحة، وربما يحاول الفنانون في أوروبا إلى تغيير معالم الحواجز عن طريق تحويلها إلى أعمال فنية من خلال تزيينها مثلا بألوان زاهية أو رسائل موحدة، والأخذ أيضاً بتجربة الفلسطينيين الذين استخدموا جدار الفصل الذي يفصل الضفة الغربية عن إسرائيل كمكان للتعبير السياسي والفني.