من المؤسف أن يكون الإعلام هو الحلقة الأضعف التي يتم التطاول عليها في اللحظة التي تحتدم فيها الخلافات السياسية بين "فتح وفتح" وبين "فتح وحماس".
إن ما جرى اليوم وبالأمس من توجيه أوامر لمزودي خدمات الانترنت في فلسطين بحجب 13 موقعا اعلاميا بذريعة أنها تابعة لحركة "حماس" أو داعمة للقيادي المفصول من حركة "فتح" محمد دحلان، يعني بالتالي أن من اتخد القرار لم يأخذ بعين الاعتبار أنه في زمن الإعلام المفتوح لم يعد سهلا حجب المواقع الإعلامية؛ فالطرق سهلة جدا للاطلاع على المواقع المحجوبة ومتابعتها عبر محركات بحث مختلفة، فضلا عن أن المعني سيجد ضالته في مزوّد خدمات الانترنت الإسرائيلي.
ولا يمكن تجاوز الأمر تحت ذرائع من قبيل "التحريض، والفتنة، وبث الشقاق"، إذ يتعدى الأمر هذه المسألة ليشكل سابقة ستكون خطيرة، سيلحق بها انتهاكات أخرى ضد الاعلام في فلسطين، خاصة وأن مجلس الوزراء يسعى قريبا لإقرار قانون "الجرائم الإلكترونية" مستهدفا من خلاله بشكل واضح وصريح العمل الإعلامي في فلسطين.
من جهة ثانية، فإن حجب المواقع الإعلامية سيزيد من عدد متابعيها، وسيزيد من اصرارهم على معرفة تلك المواقع التي تم حجبها، وايجاد الطرق والوسائل للاطلاع عليها، وبالتالي، فقد تم تقديم دعاية وتسويق مجاني لها.
فضلا، لماذا لم يتم الأخذ بعين الاعتبار أن التقارير الحقوقية الموازية التي ستقدم في جنيف إثر انضمام السلطة الفلسطينية للمواثيق والمعاهدات الدولية، وخاصة العهدين المدني والسياسي، ستورد في بيناتها هذه الانتهاكات وبالتالي سيكون موقف السلطة مخجلا بعد تقديمها لتقريرها الحقوقي.
وأعتقد أن الأمر يعكس أيضا هشاشة الإعلام الرسمي والحكومي والذي لم يستطع أن يقدم رواية مقنعة للمواطنين تدافع عن وجهة نظر السلطة وتقدم للمواطن حجة مساندة لمواقف السلطة.
المؤسف أن العقلية العربية، والعقلية الفلسطينية إحدى افرازاتها، لا تفهم ولن تفهم ما يعنيه مفهوم "حرية الرأي والتعبير"، وسيظل شعار احترامها مجرد ادعاءات مزيفة لن ترضينا ولن نقبل بها.
أما المثير للشفقة أننا عندما نتغنى بحرية الرأي والتعبير، وتحاول السلطة التنفيذية اقناع نفسها بأن الحريات في فلسطين مصانة تدرك وندرك أن سقفها هو المنزل، وأحيانا يشي بك أخوك أو أبوك أو أحدُ أقاربك.