بعيداً عن كون قرار حجب بعض المواقع الإعلامية، "لا قيمة عملية له في ظل التطورات التكنولوجية التي تتيح الوصول للمواقع التي تم حجبها بطرق عديدة". على حد تأكيد نقابة الصحافيين.
وبصرف النظر عن قانونية اتخاذ مثل هذا القرار من عدمه، من قبل النائب العام، وليس من جهة القضاء بحسب القانون الأساسي، فضلا عن الاتفاقيات والمواثيق الدولية التي وقعت عليها السلطة بشأن الحق في حرية الرأي والتعبير، وكذلك الوصول إلى المعلومة.
نعم قد نختلف مع محتوى ما تقدمه بعض هذه المواقع الإخبارية التي يرتبط بعضها بشكل واضح وصريح، باجندات سياسية في الداخل أو في الخارج، ما يدفعها لفبركة العديد من الأخبار والمعلومات، باتجاه إثارة الرأي العام وخداعة. إلا أن اتخاذ مثل هذه القرارات لا يعني إلا قلة حيلة المؤسسة الرسمية بالرد على ادعاءات المعارضة، أو لنقل طرح رواية مقنعة وجاذبة للجمهور.
ما يعني أن من يقف وراء هكذا حلول، معتقداً أنه يعمل للصالح العام، أو لصالح حزبة أو مؤسسته، إنما هو يضر بسمعة السلطة، أشد الضرر، غير أنه يحولها من موقع المهاجم إلى موقع المدافع عن مثل هذا الاقتراحات العشوائية، التي لا تنم إلا عن إفلاس صاحبها.
ولننظر إلى موقف نقابة الصحافيين، والعاملين في الشأن الصحفي، وكافة المؤسسات الحقوقية العاملة في الساحة الفلسطينية، لنرى أن أحداً لا يمكنه أن يدافع أو يدعم مثل هكذا قرار يقع في إطار قمع الحريات.
إلا أن تكرار هذه القرارات، جراء استمرار ممارسات بعض هذه المواقع، في ظل الحديث الدائم عن حرية الرأي والتعبير، يضع الجسم الصحفي برمته أمام أكثر من سؤال شائك وصعب في آن، إن لم يوضح موقفه بشكل عملي من الأمرين، أمر قمع الحريات، وكذا أمر تماهي بعض الزملاء مع أكاذيب وفبركات بعض هذه المواقع. ذلك لكون هذا الجسم والعاملين فيه باتوا في إطار هكذا مشهد، أمام وصف من اثنين، إما أنهم أصحاب رأي أو أنهم شهود زور؟
أما ماذا يمكن للصحافيين أن يتخذوا من موقف عملي، فاعتقد أن هناك العديد من الخطوات القانونية التي لا تمس بالنظام وتحافظ على الأمن العام ومنها على سبيل المثال لا الحصر:
2. مقاطعة جميع مسؤولي الحكومة وتصريحاتها ومؤتمراتها حتى العودة عن قرار المنع والإغلاق، وإعلان الحكومة إلتزامها بالقوانيين والمواثيق الدولية المفعلة بشأن الحفاظ على حرية الرأي والتعبير.
3. العمل على فضح الأكاذيب والأخبار الملفقة من قبل بعض المواقع الإخبارية، بما لا يتعارض مع الأصول المهنية.
4. صياغة تقارير إخبارية تشير إلى الفارق بين رفض الجسم الصحفي لممارسة الأكاذيب وبث الإشاعات، ومحاولة البعض الدفع باتجاه التماهي مع قرارات تتجاوز الاتفاقيات الدولية الموقعة بشأن الحريات.
من شأن هذه الخطوات التي يمكن أن تأتي بشكل تصاعدي تراكمي، أن تؤكد على تمسك الجسم الصحفي بحرية الرأي والتعبير، فضلا عن الحق في الوصول إلى المعلومة، وكذا تؤكد للسلطات أن الجسم الصحفي لا يمكنه أن يتماهى مع أية ممارسات تصب في جهة قمع الحريات، إلا أنه في المقابل لا يمكن أن ينجر وراء بعض الأكاذيب والشائعات التي تبثها بعض المواقع الإخبارية، ولا يمكن أن تخدعها الألعيب غير المهنية.
برأيي، من الأهمية اتخاذ موقف يثبت للرأي العام أن هذه الشريحة الهامة في المجتمع، إنما هي صاحبة رأي لا شاهدة زور.