الجمعة  22 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

الإغواء الأخير...

2014-05-27 00:00:00
الإغواء الأخير...
صورة ارشيفية

نص أدبي

بقلم: نصير أبو عساف- كاتب وشاعر سوري

كنتُ سأكتبُ عن»كازنتزاكس «هذا الصّباح، هذا اليونانيّ الصّاخب الّذي لَطالما رقصَ معي،

و أعطى لـِ «زوربا» الشّهرة و نكرَ نفسه.

هوَ مثلي، يخترعُ أبطالاً لنصوصه يُنكرونه في منتصفِ الرّوايات،

أو لعلّي مثله !

في روايتهِ “الإغواء الأخير للمسيح” و الّتي حُوكمَ بسببها ومُنعَ جثمانه من التّشييع بسببها،

تخيّلتُ نفسي أن أكون أنا المُمثّل لجهة الكنيسة الّتي هاجمته ورجمتْه،

كنتُ دائماً أرى نفسي فجأة في وسطِ القاعة، فأديرَ ظهري للقاضي وأخاطبَ رجالات الدّين الّذين من المُفترضِ أن أكونَ لسانهمْ :

عقولكُم المنتفخةُ بالعفنِ والخوف فقطْ، تمنعُكمْ عن الرّقص معي الآن زوربا، أتخيّله معي في المحاكمة.

و لعلّي أُكثِرُ من التّخيّل، ولعلّي أكْثرُ حقيقةً في خيالي وصدقاً، ممّا أبدو عليه بثوبِ المواطنة القسريّة الّتي أرتدي.

بالمناسبة :أرجو فقطْ أنْ لا أخدشَ حياءكم حين أخبركمْ في وجوهكمْ كمْ نحنُ مثيرون للشّفقة في تأبّطنا التّبريرات والخوف، اعتناقنا مذهب السّجود لكلّ ما لا نعرف !

أعزو ذلكَ في مرّاتٍ كثيرة لفطرةِ البشر الأولى في الخوفِ وعدمِ الفهم، بّما لا يشاركني “كازنتزاكس” الرّأي دائماً في ذلك.

هوَ يقول :

“لا آملُ شيئاً، لا أخشى شيئاً، أنا حر”

فكرةُ الحريّة بقيمتها المطلقة هذه، زلزلت أركانَ روما، و كانتْ لتفعلَ أكثر في مكّة، لكنّ الأقدار شاءت ولطفَتْ بشِعابها.

كنتُ أريدُ أنْ أكتبَ عن “كازنتزاكس” كثيراً،

يُغريني تمرّده، ونشوة الإنسان في عروقه، وأذهلُ من عشقهِ لاكتشاف الحياة وللكتابة، مسرحِ أفكاره واختلافه وتناقضاته.

كنتُ سأكتب،

لكنّي امتنعتُ عن الاستطرادْ، أخافُ لو قبضَ جدُّ العشيرة عليّ متلبّساً بحريّتي فَأُحاكمَ بتهمةِ الشّهيق الحرّ.

وأنا ليسَ لديّ في الدّنيا سوى شهيقي أقاتل عليه لأستحقّه 

ككلّ أبطال الرّواياتِ المهزومين كـرمح.

أنتِ 

حياتي 

الأمرُ لا يحتاج لقصيدة !