الجمعة  22 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

امتحان التوجيهي: الشعب ينتخب!!

2014-05-27 00:00:00
امتحان التوجيهي: الشعب ينتخب!!
صورة ارشيفية

صريح العبارة 

بقلم: تيسير الزَبري 

يقترب المجتمع الفلسطيني من يوم الامتحان العام لانتهاء المرحلة الثانوية “التوجيهي”. نقول ذلك لأن أقل من مئة ألف بقليل من الطلاب والطالبات يحضرون أنفسهم، وتموج في نفوسهم موجات من الخوف والأمل، وينتابهم القلق من المصير الذي ينتظرهم من وراء نتائج هذا الامتحان! 

إذا افترضنا أن بجانب كل طالب وطالبة ممن يساقون إلى هذا الامتحان عشرة أفراد من الأسرة، وأقارب الأسرة، فنحن نتحدث عن حوالي مليون مواطن في الحد الأدنى ينتظرون تلك الساعات ويترقبون فيما بعد النتائج، ويقفون على رؤوس أصابعهم يوم إعلان النتائج، هو يوم خيالي، يختلط به الفرح مع الحزن، الخوف والتطرف في المشاعر حتى الموت أحياناً!!   

أُذكّر فقط ببعض نتائج السنوات الماضية التي ترافقت مع إعلان نتائج الثانوية العامة، والنسب العالية ممن لم يحالفهم حظ النجاح، كما أُذكّر بأوضاع من انخفضت معدلاتهم عن النسب الفلكية العالية والتي أصبحت موضة العلم الحديث، والمدخل لأخذ مقعد في الجامعة، وتحديداً في التخصصات العلمية. ولكنّ إصرار وزارة التعليم لدينا على مواصلة السير بطريق التقييم العلمي عبر محطة “التوجيهي” وتكرار ذات “الطبخة”، فهو أمر لا يتناسب مع التطور العلمي الاجتماعي والثقافي ويستدعي ضرورة المراجعة والبحث عن بديل لامتحان هو موروث من أيام الانتداب البريطاني عندما لم يكن يزيد عدد المتقدمين لامتحان المترك عن المئات، إن تواصل ذات المنهج في العملية راهناً، هو نوع من أشكال الاستسلام للعادات دون وجود أفق للتغيير والتطوير ويفتقد إلى الرؤية السليمة.

بالطبع فإن البعض سوف يحاول أن يلقي القفاز في وجه المعترضين على أسلوب التوجيهي في تقييم مرحلة الثانوية، ويقول هاتوا بديلكم، ونحن لا ندعي الحكمة، ولا ندعي امتلاكها، ونقول أن المطلوب من المعنيين بالعملية التعليمية، بما يشمل الجامعات، طرح هذا الموضوع للنقاش الوطني العام بهدف الوصول إلى بديل أكثر واقعية، وأكثر عدالة، وحداثة ما هو قائم.

وفي مساهمة في تقديم حلول أفضل، فإنني أجد من الأهم أن يكون للمدرسة الثانوية دور رئيسي في التقييم، وفي إعطاء النتائج الأولية للطالب والطالبة. إن اقتصار تقييم الطالب على نتائج امتحان واحد، ولمرة واحدة به ظلم كبير، والأفضل هو توزيع التقييم على أكثر من نتيجة وفي أكثر من سنة (سنتين مثلاً)، وفي حال انبرى البعض للقول أن تقييم المدرسة وعلاماتها ربما يفتقر إلى النزاهة ويخضع للمنافسة بين المدارس، في هذه الحال يمكن أن تحال النتائج إلى جهة تربوية محايدة، وليست وزارة التعليم الرسمية (مثلاً مجلس التعليم الوطني الثانوي)، وهو الذي يصدر الشهادة الثانوية المعتمدة والمصدّقة، أما الوضع الحالي من قيام الوزارة بوضع الأسئلة والإشراف على التصحيح، وعلى التدخل في النتائج والإعلان عنها، فهذه عملية غير سليمة وغير ديمقراطية وتخضع لاعتبارات لا علاقة لها بالتنمية التربوية والتعليمية.

المطلوب في الجامعات هو اعتماد آلية قياس جديدة لا تعتمد على معدل التوجيهي أساساً، بل على ضرورة خضوع كل متقدم لامتحان قبول ومستوى، ويتحدد المقبولون بالحاصلين على أعلى المعدلات في التنافس على المقاعد المحددة، ولذلك يجب أن ينتهي تقييم الطالب على أساس المعدل العام، باستثناء موضوع التخصص الذي يقدم فيه الامتحان (أدبي، علمي، تجاري.. إلخ)، ومن الطبيعي أن يكون شرط النجاح في الثانوية أساسياً.

العملية التربوية الخاطئة والتقليدية، غير العادلة “الراهنة” تنتقل من المدرسة إلى الجامعة، وما دام معدل الثانوية العامة هو الأساس، وما دام نظام التوجيهي التقليدي السائد هو المعتمد، فإن العملية التربوية سوف تواصل تراجعها في كل المراحل، وسوف ينعكس على واقعنا الاقتصادي والثقافي والسياسي الوطني أسوأ الانعكاسات.