الجمعة  22 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

مصالحة الذات

2014-05-27 00:00:00
مصالحة الذات
صورة ارشيفية

في عيون غزة

بقلم: غريب عسقلاني 

يدور الحديث بين كل فئات الشعب عن المصالحة وآفاق نجاحها بعد السبع العجاف، وتتشعب حدود التوقعات في غزة التي عانت ودفعت ضريبة الاقتتال، بين التوجس والحذر.. بين الإخفاق والنجاح، لكن المتابع لنبض الشارع يتريّث كثيراً عند مصالحة الذات الجمعية.

فالجماهير بما تملكه من تجارب، وما قدمته من تضحيات بسبب الاختلاف والتشيع الفصائلي العبثي، وما نتج عنه من مآزق حقيقية، بعد رحلة ماروثونية مع الكفاح المسلح، والمفاوضات المكوكية، وما انكشف من عورات بعد اضطراب الأحوال العربية، فيما عرف بالربيع العربي وصحوة الشعوب، وما حدث من متغيرات إقليمية وكيف بادر معها الحلفاء للحصاد السريع كاشفة عن أنيابها، سواء حلفاء المحيط الإقليمي أو الدولي، الأمر الذي وضع القضية الفلسطينية رغم عدالتها في هامش الهامش، على سلم الأولويات، قايض عليه الحلفاء عند أول فرصة تخدم مصالحهم.

إن اللافت للنظر في التحليل السياسي، هو التركيز على شرعية وجود دولة فلسطينية مستقلة، والهروب شبه المتعمد من النظر للمركب الأساس، وهو الشعب الفلسطيني الذي سيعمر هذه الدولة، ويعيش في كنفها، وكأن هذا الشعب معصوم من الأمراض والعلل والخطايا، وأنه سهل الاستجابة لمغامرات اللاعبين، وأن إعادة الحيوية والعافية له، أمر ثانوي لا يحتاج لأكثر من ضغطة على مفتاح الرغبات ليستجيب لغوايات التطويع والتجريب، وكأن كائنات الأرض المقدسة هي كائنات أسطورية تمتلك ما لا يملكه البشر، وهي المنذورة للتضحية على مذبح اجتهادات الفاشلين، أي كانت توجهاتهم.

إن المصالحة الحقيقية تبدأ بالمصالحة مع الذات، وعلية يجب على العاملين عليها «فتح وحماس» والمشاركين فيها من «فصائل العمل الوطني والإسلامي» ومستقلين يجب أن يضعوا نصب أعينهم سؤالاً لا يقبل المناورة:

- هل أتيتم المصالحة خروجاً من مأزق وقعتم فيه، وتنتظرون تغير الظروف والأحوال للانقضاض من جديد، «وتعود ريما لعادتها القديمة»؟

أم جئتم المصالحة خياراً استراتيجياً لا يمكن الرجوع عنه.

إذا كان خياراً تكتيكياً، فسيكون الأمر مفاجئاً لكم هذه المرة، لأن من سيتصدى لكم هو الشعب الذي أدمته التجربة وسدت أمامه منافذ الحياة، هذا الشعب لا يمثل حاضنة تحمي مغامراتكم من جديد.

أما إذا كان الخيار مطلباً استراتيجياً، فالأمر لا يقبل المراوغة والتمترس خلف مطالب ثانوية، وتأجيل بحث ملفات لما بعد تشكيل الحكومة، مع التأكيد على أهمية تشكيل حكومة تبدأ بالخطوة الأولى، ولكن حتى يبدأ المشوار على الجميع مراجعة الذات، وامتلاك الجرأة على الاعتراف بالأخطاء والخطايا، والإجابة على الأسئلة الحازمة لوضع رؤية استراتيجية للصراع الفلسطيني الصهيوني، ينبثق عنه برنامج  مرحلي ومستقبلي طويل المدى، يجد الكل فيه موقعه حسب قدراته، ولعل أول الأسئلة التي تتبادر إلى الذهن عن وضع الرؤية الاستراتيجية:

هل نريد تحرير فلسطين التاريخية كاملة غير منقوصة؟

أم دولة بحدود الرابع من حزيران 1967 كما تم الاتفاق عليه في اتفاقية أسلو؟

وهل خيار الكفاح المسلح بشروطه وإمكانياته وتحالفاته، هو خيار الحكومة أم خيار الفصيل؟

كل التفاصيل يمكن الاتفاق عليها؟ وكل المتفجرات سترقد في أفخاخها بين طيات الملفات المؤجلة، والتي سيدفع الشعب الفلسطيني ثمنها.

لذلك فإن الناس في القطاع يعيشون الترقب بين التوجس والحذر.