مثلهم،
الذين يحبون زوجاتهم
ويحلمون، أنا رجل بسيط
لكنني لست دائمًا أجيد التعبير عن ذلك بطريقة مناسبة
تزعجني فواتير الكهرباء كلما أنوي ابتياع زهرة لزوجتي
وأتذكر أن نصف راتبي لا يكفي لإصلاح ثلاجتنا الخربة
كل صباح أذهب للعمل
مثل هؤلاء الحمقى
الذين يظنون أن في آخر النفق بساتين من اللوز وحقولاً من الحنطة
أعمل بدوام إضافي
المسافة بين ضاحيتي والمدينة مزروعة بوسائل تعذيب مبتكرة مباغتة
لكن اليأس لا يحول بيني والابتسام لواجهات المباني الكالحة الآيلة للانهيار
أتوقف طويلاً أمام الفاترينات
وأستمتع بمشاهدة المانيكانات خلف ألواح الزجاج الضخمة وهي تغمز للمارة تحت الأضواء الكثيفة الملونة
وأتحسس جيبي للاطمئنان على الجنيهين الوحيدين ثمن تذكرة المترو
فكل ما يهمني في تلك اللحظة التمكن من العودة للمنزل
فلا أجمل من أن تعود لتجد كل شيء مرتبًا على حاله
سنوات طويلة أحاول الحفاظ على هذا النظام
بذلك القدر الذي يجعلني أتجنب الشرود والحيرة والندم
فأنا رجل بسيط
أحب زوجتي بطريقة يغلفها الصمت حين ترتبك أصابعها على جبهتي من بلوغ حرارة جسدي درجة الأربعين
أو حين تفتعل مشاجرة لا داع لها
ويكفيني من العشق تمتمة شفتيها بالدعاء وأنا ذاهب لمواجهة العالم
أي امرأة تلك التي تقول أحب رائحة عرقك!
أنا رجل بسيط
أحب صغيرتي مريم
حين تسألني عن الحلوى أبتسم لها معللاً خيبتي بالنسيان فنفضل اللعب ونضحك
لكن لا أدري
إلى متى يمكن أن يستمر الحال هكذا بلا كوارث
وماذا عليّ أن أفعل ومريم تكبر يومًا بعد يوم
وتفهم.
أنا رجل بسيط
أكره الحزن
وأعرف كيف أُخرج البسمة من قلبي لكنهم يصلبونها في الحلق
أحب الحياة وتُسلب مني كل يوم
كما لو كانت خمسة جنيهات في جيب "حامد صبري"
أو تساوي راتبي كله الذي لا يصمد حتى منتصف الشهر
وأعلم أني مباح جدًّا كمشنقةٍ يتدلى منها المجاز على شجرة "خالد حسان"
وكم تمنيت التحليق كفراشة تنفلت من بين يدي الربّ وتستقر على كف "فدوى الزيّاني"
أنا شاعر كسول جفّ قلبه كتينةٍ
رجل بسيط يمشي في الأسواق ويُحدِّث الناس
لستُ إلهًا فتلك مهنة صعبة
وبائسة
أفضل أن أكون بائع ليمونٍ أو حتى بائع بخورٍ متجول
فقط، أخاف الوحدة
وأخشى أن تتركني حبيبتي مع آخر رشفةٍ من زجاجة النبيذ لأنني لا أجيد تزجية الوقتِ بالفراشات على جِيدها
ولأن عينيّٙ المرهقتين تفضحاني وأنا أعيد ترتيب خصلات شعرها الهارب في كل اتجاه
أنا رجل ضلت الأحلام طريقها إلى سريره ينام فقط لينهض من جديد لا شيء آخر يخترق المساحة الفارغة في اللوحة غير شرخ قديم يزداد عمقًا كلما مرت عليه الشمس في فتور
هكذا بلا مجاهدات ولا منازل لا أتحمل عبء حركة المجرات في قنينة "أشرف الجمال"
وغير مهتم كثيرًا بمشاريع "مؤمن سمير" المرهقة
تلك التي تستهلك ضحكتي البريئة وتستوعب أكثر من حياةٍ لشخص مثلي
فأقصى ما يمكن أن أخوضه من مغامرة هو اللعب مع مريم والارتجال لجعل عينيها لامعتين.
ذات مرة أخبرتها بأن "عصام أبو زيد" أكل ثلاث سمكات وغلبه النوم فضحكت بملء فمها لكنني عجزت عن إخبارها لماذا غلبه النوم.
فكيف، وأنا بهذه البساطة والساذجة، وبأية طاقة أشرح لها حدود العشق عند "سوزان عبد العال"
هؤلاء يا مريم وهمٌ من خيالي فلا تعيري انتباهًا إذا مرّٙ على لساني ذكر أحدهم
فأنت فرحة قلبي الأخيرة
وأنا رجل بسيط يحبك.
...........
كل الأسماء التي ذكرت هنا هي لأصدقاء شعراء أحبهم كثيرًا.