توقفت مطولا عند تصريح للنائب العام الفلسطيني المستشار احمد براك بشأن قانون الجرائم الالكترونية الفلسطيني الذي نشر في 9 تموز 2017 ، والذي يقول فيه بتصرف دون المس بالمضمون " ان قانون الجرائم الالكترونية لا يتعارض مع اتفاقية مع الاتفاقيات الدولية التي وقعت عليها فلسطين ولا يتعارض تحديدا مع اتفاقية بودابسست للجرائم المعلوماتية لعام 2001 "
إن ديباجة اتفاقية بودابست تنص على ان الدول الموقعه عليها مقتنعه بأنها ستوفر ما يلزم لردع اي عمل موجه ضد الـسرية والنزاهة، وتوفر نظم الحاسوب والشبكات والبيانات واتخاذ ما يكفي من الاجراءات لمكافحة جـرائم معلوماتية ، والحاجة لاتخاذ تدابير تشريعية لمكافحة مثل هذه الجرائم ودرء مخاطرهـا على الدول الموقعه على الاتفاقية، لا سيما في ظل شيوع الانترنت ومع التوسع والنماء الكبير لانظمـة الحواسـيب المفتوحة .
ووفقا للاتفاقية، فانه يجب اتخاذ التدابير القانونية لملاحقة مرتكبي الجرائم المعلوماتية، وتوفير قواعد ملائمة للتحري والتحقيق والضبط والتفتيش والمحاكمة ، مـع وجوب اقامة التوازن بين متطلبات تنفيذ القانون واحترام حقوق الانسان واحترام خصوصية الافراد .. اتفاقية بودابست لا تتضمن اي نص يتعلق بفرض قيود على حرية الرأي ، او حجب مواقع الكترونية، او اجبار الشركات المزودة بخدمة الانترنت على تزويد اي جهه سواء اكانت شرطية ام قضائية بسجل المستفيدين من الخدمة لاية مدة طالت ام قصرت.
صحيح ان عددا من مواد قانون الجرائم الالكترونية الفلسطيني تعالج جرائم معلوماتية كالتزوير والخداع وغسيل الاموال والدخول الى حواسيب رسمية وحتى فردية ونشاطات اجرامية اخرى، لكن القانون يتضمن ايضا حجبا لمواقع اخبارية وفرض قيود على مضمونها ، بالاضافة الى ما ينشر على منصات التواصل الاجتماعي كالفيسبوك والتويتر.
وعلى سبيل المثال لا الحصر ، فإن الماده (20) منه تنص على أن "كل من أنشأ موقعا الكترونيا او اداره عن طريق الشبكة الالكترونية او احدى وسائل تكنولوجيا المعلومات بقصد نشر اخبار من شأنها ان تعرض سلامة الدولة اونظامها العام او امنها الداخلي او الخارجي للخطر يعاقب بالحبس او الغرامة او بكلا العقوبتين، وأن كل من روج بأي وسيلة تلك الاخبار بالقصد ذاته او بثها او نشرها يعاقب بالحبس أو بالغرامة او بكلا العقوبتين".
ويذهب القانون الى ابعد من ذلك بفرض قيود وشروط على شركات الاتصالات المزودة بخدمة الانترنت، إذ تنص المادة (32) فيه على وجوب التزام هذه الشركات بـ "تزويد الجهات المختصة بجمع البيانات والمعلومات اللازمة التي تساعد في كشف الحقيقة بناء على طلب النيابة او المحكمة المختصه وكذلك حجب رابط او محتوى او تطبيق على الشبكة الالكترونية بناء على الاوامر الصادرة اليها من الجهات القضائية بالاضافة الى الاحتفاظ بمعلومات المشترك لمدة لا تقل عن 3 سنوات".
ولاحكام الحصار على مستخدمي الشبكة العنكبوتية في فلسطين يحظر القانون عليهم الوصول الى مواقع جرى حجبها، اذ تنص المادة (31 ) فيه على "العقاب بالحبس وبغرامة كل من قام باستخدام انظمة او موقعا او تطبيقا الكترونيا لتجاوز الحجب المفروض بموجب احكام هذا القرار بقانون ".
ان قانون الجرائم الالكترونية هذا تنطبق عليه القاعدة الفقهية "عموم اللفظ بخصوص السبب"، فخصوص السبب فيه هو مواجهة ما تنشره مواقع تديرها حركة حماس، او تلك التابعه لتيار محمد دحلان ضد السلطة الوطنية الفلسطينية وحكومتها، أما عموم اللفظ فيه انه يسري على المواطنين الفلسطينيين حتى وان كانوا معارضين لحماس ودحلان وحتى ان كانوا مؤيدين للسلطة الوطنية.
انه قانون تجريم الرأي بامتياز !!!
* نبهان خريشه صحفي وخبير في القوانين الاعلامية