الإثنين  25 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

حكاية عمي عكاشة بقلم:أحمد براني/الجزائر

2017-07-22 07:06:52 PM
حكاية عمي عكاشة
بقلم:أحمد براني/الجزائر

تذكرت رحلاتك العلاجية إلى وهران، يوم كنت أنقلك بسيارة R19 وتشير لي هناك؛ توقف هذا حائط البلاطو، تستنطق جزءا من ذاكرتك، ثم تقول امضِ بنا إلى الطبيب. تذكرت بمرارة تلك الفتحة اللعينة التي أحدثها الأطباء في حنجرتك لتستطيع الكلام، وتقول لي أشعل الراديو وأطربنا بالشيخة الجنية.

 

ثم تسرد لي وقائع حياتك العجيبة، أن الشيخة الجنية والريميتي ذكرتاك في أغانيهما:"غطي ڨرادك يا عكاشة"، وأنت رقيب أنذاك بالجيش الفرنسي تسرق السلاح لتهديه لإخوانك الثوار الأحرار في الجزائر، ثم تحكي بحرقة عن أيامك الجميلة، في سوريا ولبنان والفيتنام وألمانيا أيام كان النبيذ يصنع منك أكبر مطارد للنساء.

 

تذكرت ردك الطريف لابن أختك السلفي الذي كان يكثر عليك في كل مأدبة غذاء: يا خالي ألم أكن قلتُ لك توقف عن التدخين؟ فتضغط على الفتحة اللعينة في حنجرتك، وترد مبتسما، أنت لم تجرب لذة التدخين، أنت لم تجرب غير أن تربي الشَّعر في وجهك، تذكرت يوم سُرق منا الراديو وأصريت على منحي مبلغه، وأنت تقول:الطريق بدون الشيخة الجنية المغنية حرام، تذكرت يوم أنهكك السرطان ودخلتُ غرفتك لأطلب منك الذهاب إلى المستشفى، فأشرتَ إليّ بيدك تودعني وأنت تعانق في فراشك الرحيل.

 

تذكرت هذا وأكثر عمي عكاشة ولم أعد أذكر من تاريخ وفاتك غير أنه كان يوما باردا جدا، ليس لأني نسيتك، وإنما لأني أريد أن أغيض ذلك اليوم الذي سرق الجسدَ وأودعه معتقل التراب، لكنه لم يقدر على سرقة الحكاية مني، حكاية عمي عكاشة البهي.. لروحك السلام.