الحدث - ترجمة أحمد بعلوشة
جرت وكالة أسوشتيد برس لقاء مع القيادي المفصول من حركة فتح محمد دحلان حول التفاهمات الاخيرة ما بين مصر وحماس؛ وفيما يلي نص المقابلة مترجما:
بحث السياسي الفلسطيني المتواجد في المنفى محمد دحلان آليات للتفاوض مع عدوته السابقة "حماس" من أجل تقاسم السلطة في غزة.
تفاصيل لأول مرة نُشرت في مقابلة له مع "أسوشيتد برس" قال فيها إنه يتوقع أن يؤدي هذا الاتفاق إلى انفتاح سريع مع جمهورية مصر العربية، وتخفيف انقطاع التيار الكهربائي في قطاع غزة.
وقال محمد دحلان الذي كان يترأس سابقاً جهازاً أمنياً في غزة ويقيم حاليا في الإمارات، أنه من المتوقع أن يتم فتح معبر رفح الحدودي بين مصر وغزة بحلول أواخر شهر أغسطس/ آب وأن يتم تأمين التمويل الخاص بمحطة كهرباء غزة والذي يبلغ قيمته 100 مليون دولار.
وقال دحلان إن التوافق بينه وبين رئيس حركة حماس المتخب حديثاً في غزة يحيى السنوار، ساعد في تشكيل تحالف لم يسبق له مثيل. وكان الاثنان قد ترعرعا في شوارع مخيم خانيونس جنوب قطاع غزة، قبل أن ينضموا إلى معسكرات متنافسة، حيث انضم دحلان لصفوف حركة فتح، فيما اختار السنوار الانضمام لحركة حماس.
وقال دحلان الذي يبلغ من العمر 55 عاماً إنَّ "كلاهما أدرك أن الوقت قد حان لإيجاد وسيلة للخروج من الأزمة"، مضيفا أن الجانبين تعلما دروساً من التنافس المدمر في الماضي.
ولا تزال الصفقة، التي تدعمها مصر والإمارات العربية المتحدة، في المراحل الأولى من التنفيذ، ولا توجد ضمانات لنجاحها، ولكن يبدو أن جميع المعنيين يستفيدون من عقدها.
فهي تمكن مصر من احتواء حماس والمسلحين المتواجدين على أعتابها، وذلك من خلال ترتيبات أمنية جديدة. دحلان لديه فرصة للعودة إلى السياسة الفلسطينية. كما يمكن لحركة حماس أن تطيل حكمها في غزة من خلال فتح الحدود.
وإذا ما تم المضي قدما في الاتفاق، فإنه من شأنه أن يوجه ضربة قاضية للرئيس الفلسطيني محمود عباس الذي يرأس الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل.
عباس لديه علاقة سيئة جداً مع حماس التي استولت على غزة وسلبتها منه في عام 2007. وأيضا علاقة سيئة بدحلان. ومن شان تحالف حماس دحلان أن يزيد من تهميش عباس البالغ من العمر 82 عاماً، وأن يقوض ادعاءه بأنه يمثل جميع الفلسطينيين.
كما أنَّ أهداف صفقة دحلان- حماس تكمن في انهاء الحصار الحدودي، وإحياء اقتصاد غزة الذي يتعرض لضربة شديدة، ولكنه أمر يمكن أن يضعف أيضا تطلعات الدولة الفلسطينية، وذلك من خلال إنشاء "دولة مصغّرة" في غزة.
وعلى مدى أكثر من عقدين من الزمان، سعى القادة الفلسطينيون، بمن فيهم عباس، دون جدوى إلى إقامة دولة في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية في مفاوضات مع إسرائيل. وتجدر الإشارة إلى أن اسرائيل استولت على تلك الاراضي في حرب 1967 وانسحبت من غزة في عام 2005، إلا أنها ما زالت تحتفظ بقبضة شديدة على بقية الأراضي.
وتقع الأراضي -الضفة وغزة- على جانبين متقابلين تفصلهما إسرائيل، الأمر الذي أدى إلى تعميق الانفصال الجغرافي مع حظر صارم على السفر لأهالي قطاع غزة.
ورفض دحلان من جهته المخاوف التي تقول أن تعامله مع حماس سيحول غزة تدريجياً إلى كيان منفصل.
وقال "إننا وطنيون ولسنا انفصاليون" مضيفا أنه سيبذل كل ما في وسعه لمنع المزيد من الانشقاق في الاراضي الفلسطينية.
وأوضح الرجل المليونير الذي يمتلك مصالح تجارية كبيرة في المنطقة وعلاقات وثيقة مع القيادة المصرية والإماراتية أنه لم يعد يطمح إلى استبدال عباس.
مشيرا إلى أنه ليس لديه أي طموحات في أن يصبح رئيساً، قائلاً: "ربما كان هذا هو الحال عندما كنت أصغر سناً، ولكن الآن أرى أن 70% من الأرض في أيدي الإسرائيليين، وليس لديهم نية لإعطائنا دولة".
وأشار دحلان إلى أن الصفقة الجديدة تهدف إلى إحياء المؤسسات السياسية الفلسطينية التي أصيبيت بالشلل منذ انقسام عام 2007 بين حركتي فتح وحماس. وسيشمل ذلك محاولة جديدة لتشكيل حكومة وحدة وطنية وإحياء المجلس التشريعي.
وبيّن دحلان إن عباس ما زال موضع ترحيب لقيادة هذه الجهود، ولكن "لن ننتظره للأبد".
وكانت الجهود السابقة بقيادة عباس لتشكيل حكومة وحدة مع حماس قد فشلت على مر السنين، حيث رفض الجانبان التخلي عن السلطة في أراضي كل منهما. وفي الأسابيع الأخيرة اتخذ عباس نهجاً مختلفاً، حيث زاد من الضغط المالي على غزة لإرغام حماس على التخلي عن السلطة هناك.
وقال عزام الأحمد، مساعد عباس في التفاوض مع حماس يوم الأحد إن تفاهمات دحلان عباس "لن تذهب إلى أي مكان".
وقال إن السلطة الفلسطينية تدعم غزة بقيمة 1.2 مليار دولار سنويا تغطي أجور الموالين السابقين للسلطة ومدفوعات الرعاية الاجتماعية والكهرباء. وأشار إلى أن دحلان وحماس لن يكونا قادرين على تغطية هذه المبالغ.
وأضاف أن مصر أكدت لعباس أنها لن تساعد أي كيان جديد في غزة.
وعلى أي حال، فإن المفاوضات المطولة بين ممثلي دحلان وفريق حماس في القاهرة الشر الماضي لن تكون ممكنة بدون مباركة من مصر.
وأوضح دحلان أن تلبية احتياجات غزة التي تتكون من كتل إسكانية مزدحمة من مليوني شخص، تشكل تحديات كبيرة.
وأضاف أن جمع أموال لتجديد المعبر، وأنه تلقى ضمانات مصرية بأنَّ المعبر سيفتح في نهاية أغسطس المقبل. مشيراً إلى أن "كل من يحتاج للسفر سيكون قادراًعلى ذلك".
وعلى مدى العقد الماضي، لم يفتح معبر رفح إلا بشكل متقطع بسبب الحصار، والآلاف من السكان في غزة موجودون حاليا في قوائم الانتظار على أمل السفر إلى الخارج للدراسة أو العمل أو الرعاية الصحية.
وصرح دحلان إن دولة الإمارات العربية المتحدة وعدت بتوفير مبلغ 100 مليون دولار لمحطة توليد الكهرباء التي ستبنى على الجانب المصري من الحدود، وبمجرد اختيار المكان المناسب، سيستغرق الأمر 18 شهراً.
في السنوات الأخيرة، عانى سكان غزة من انقطاع التيار الكهربائي المرتبط بالحصار، وكان آخرها ما يصل إلى 20 ساعة قطع في اليوم. وقد أرسلت مصر الوقود إلى محطة توليد الكهرباء القائمة في غزة في الأسابيع الأخيرة، كجزء من التفاهمات الدائرة بين الجانبين.
وقال مسؤولو حماس إن الحركة ستبقى مسؤولة عن الأمن في غزة. ومن المتوقع صرف أموال لأسر ضحايا الانقسام في غزة كجزء من التعويضات ولضمان الهدوء الذي يتماشي مع التقاليد. كما يفترض أن يعود العشرات من أنصار ومساعدي دحلان من المنفى كجزء من الترتيبات. ولكن دحلان قال أنه سيبقى في الخارج.
يذكر أن محمد دحلان يقيم حاليا في الإمارات، حيث خرج من غزة في العام 2007 قبيل أحداث الانقسام، ولم يعُد إليها منذ ذلك الحين.