الأربعاء  27 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

إشارة :(هَبّة أبواب الأقصى) وعلماء السلاطين . بقلم : محمد شريم

2017-07-24 10:03:50 AM
إشارة :(هَبّة أبواب الأقصى) وعلماء السلاطين .
بقلم : محمد شريم
محمد شريم

كثيراً ما يتم النقاش حول توصيف الصراع العربي الإسرائيلي إن كان صراعاً دينياً أو سياسياً ، وتعتمد الإجابة عن تساؤل بهذا المعنى على الأرضية الفكرية التي ينطلق منها المجيب ، غير أن غالبية السياسيين والمثقفين في السنوات الأخيرة يفضلون توصيف هذا الصراع على أنه صراع سياسي ، ومع هذا فإنه لا يخفى على العيان أن طرفي الصراع يرتديان رداء الدين في الكثير من الأحيان ، وليس ما هو أدل على ذلك من أن الحركة الصهيونية قد غلفت فكرتها الهادفة إلى السيطرة على فلسطين بغلاف ديني ، وفي المقابل فإن الأمة العربية أعلنت منذ بدء الصراع أن قضية فلسطين ليست قضية عربية فقط ، بل قضية إسلامية أيضاً ، لأنه لا يجوز أن يُسمح بسيطرة غير العرب والمسلمين على الأماكن الإسلامية المقدسة وأهمها المسجد الأقصى ، وكذلك الأماكن المسيحية التي يجب أن تطبّق عليها نصوص ( العهدة العمرية ) . ليس هذا فقط ، بل إن هيئة الأمم عندما أصدرت قرار التقسيم في العام 1947 لم تغفل الجانب الديني من الصراع ، فقررت وضع مدينتي القدس وبيت لحم تحت الوصاية الدولية.

 

وما دام الأمر كذلك ، وبما أن التعديات الصهيونية ـ بفعلها المادّي ـقد وصلت أبواب الأقصى، وهو الطُّعم الديني الذي تغري الحركة الصهيونية يهود العالم به لاستجلابهم إلى ساحة الصراع، وذلك للاستفادة من نفوذهم واستثمار أموالهم، فإن من الحكمة أن يعيد الجانب العربي التأكيد على أن حماية فلسطين والمسجد الأقصى هي واجب إسلامي ، كما هو عربي ، لاستنهاض أبناء الأمة الإسلامية من أجل أن يقوموا بواجبهم في تحديد نتيجة الصراع ، وليس ثمة من هو قادر على استنهاض أبناء الأمة وتوعيتهم بما يجري من علماء الدين الأجلاء ، وأنا هنا لا أعني علماء السلاطين.

 

فعلماء السلاطين ، الشياطين الخرس عن كلمة الحق ـ ولا داعي لذكر بعضهم ، فكل منا يحتفظ في خانة النفايات من ذاكرته ـ أجلكم الله ـ بأسماء الكثيرين منهم ـ هؤلاء لا يهمهم سوى نيل رضا الحكام وعطاياهم ، العابرة للحدود في الكثير من الأحيان ، فتراهم يأتمرون بأوامر هؤلاء الحكام ، وينتهون بنهيهم ، وهم مستعدون للإفتاء بالشيء وضدّه، وفق أهواء الحكام وبوصلة أوهامهم وأحلامهم ، فتراهم ـ على سبيل المثال ـ يُقِرُّون لهذا الحاكم بالطاعة ويحضون عليها باعتباره ولي الأمر المتغلب. بقوة السلاح. مع أنه ظالم غاشم ، حتى لا تنشق الأمة ، وفي الوقت نفسه يخرجون على طاعة حاكم متغلب ـ بصندوق الانتخاب ـ

 

ليس لأنهم يخالفونه فكرياً وعقدياً وإنما لأن دافع المال قد أوحى لهم بذلك ، ولأنهم يتصرفون على هذا النحو ، فإنهم لم يجدوا بأساً في تحريض أبناء الأمة بعضهم على بعض ، وأن يتفننوا بإبكاء المنابر بخطبهم العاطفية الجياشة موظفين كافة قدراتهم اللغوية والبلاغية في سبيل شق الأمة على أسس طائفية ومذهبية وإقليمية ، واضعين علمهم الوافر في خدمة الشيطان ، وعندما حانت اللحظة التي تتطلب منهم أن يكونوا في الساحة الحقيقية للصراع ، وأن يوظفوا ما آتاهم الله من العلم ، ومن موهبة الخطابة ومهارات البلاغة في سبيل نصرة الحق والمظلومين في هبّة أبواب الأقصى التي تجري حالياً والتي يخوضها أبناء بيت المقدس وأكناف بيت المقدس رأيت هؤلاء العلماء ، علماء السلاطين ، يصمتون ولا ينبسون ببنت شفة وكأن على رؤوسهم الطير لأنهم قرأوا في عيون الحكام ـ سادتهم وأرباب نعمتهم ـ

 

وفي صمت هؤلاء الحكام المطلق ما يوحي لهم بضرورة التزام الصمت ، أو لأن التعليمات قد وصلتهم من هؤلاء الحكام ، وبكل وضوح ، بضرورة تجاهل الأمر والتواري عن الأنظار بهذا الشكل المخجل.

 

إننا نذكر هؤلاء العلماءـ أما العلماء الأجلاء دعاة الحق وأنصاره فليسوا بحاجة إلى التذكير ـ أن الواجب الديني والإنساني يتطلب منهم أن يقفوا إلى جانب إخوانهم أبناء فلسطين في هذه الهبة ـ هبة أبواب الأقصى ـ أو انتفاضة أبواب الأقصى ، لأن إخوانهم يدافعون عن أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين نيابة عن العرب والمسلمين أجمعين ، وأن الوقفة الصادقة تكون بإسماع كلمة الحق ليس على مسامع الشعوب المظلومة المسحوقة التي لا تملك من أمرها شيئاً فقط ، ولكن أن تكون كلمة الحق والنصرة على مسامع الحكام أيضاً ، فذلك أولىوأجدى وأنفع ، فإذا هبّ الراعي دفاعاً عن الأقصى بصدق هبّت الرعية ، ويجب أن يتذكر هؤلاء العلماء أن أعظم الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر، ومن الجور أن يتجاهل الحاكم مصالح الأمة ، ومنها حماية المقدسات!