الخميس  28 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

انتفاضة الشعب الفلسطيني قد تفجر المنطقة/ بقلم: نشات الأقطش

2017-07-27 11:57:16 AM
انتفاضة الشعب الفلسطيني قد تفجر المنطقة/ بقلم: نشات الأقطش
د. نشأت الأقطش

 

بدأت العمليات الفردية في الانتفاضة الحالية تأخذ شكلا جديدا، وتنشر ثقافة مختلفة، فقد جاء في توصية الشهيد الحي عمر العبد منفذ عملية الطعن في مغتصبة حلميش ما يثر الاهتمام، فقد ألقى بالعتب الشديد على السلاح الذي لا يظهر إلى في المناسبات وطلب في وصيته بأن يلف براية رسول الله (صلى الله علية وسلم)، ويلف رأسه بعَصبة القسام، ويلف على صدره عَصبه أبو عمار. وصية الشهيد الحي: دعوة للوحدة الوطنية، وفيها لوم وعتاب للقيادة والأجهزة التي تأخرت عن واجبها الوطني في الدفاع عن المسجد الأقصى، وهي رسالة تعبر عن موقف الشارع مما يجري في المسجد الأقصى. فهل تستجيب الأحزاب والسلطة لنداء الشعب؟ أم أنها ستبقى متأخرة وتحسب مواقفها بميزان الربح والخسارة؟

وصية الشهيد عمر العبد:  

 

 

يظهر التاريخ الفلسطيني الذي شهد 18 انتفاضة أن تغيير القيادات يحصل مع نهاية كل انتفاضة، فالانتفاضة تفرز جيلا جديدا، وتنتج رؤيا مختلفة للمقاومة: مفهومها وشكلها ووسائلها. فقد غيرت الانتفاضة الأولى القيادة الثورية لمنظمة التحرير إلى قيادة السلطة والتي حملت مفهوما جديد للمقاومة، فمع أن شخص أبو عمار لم يتغير، ألا أن الكثير من القيادات التاريخية قد تبدلت، من أبو جهاد وأبو إياد...، إلى قيادة مختلفة تحمل رؤيا مختلفة لمفهوم المقاومة. وبدأنا نسمع عبارات مثل: للمقاومة أشكال مختلفة، بدل ما أخذ بالقوة لا يرد إلى بالقوة. وكان من أهم معالم الانتفاضة الأولى ظهور حماس، التي تغيرات من فكر الأخوان والدعوي إلى فكر حماس الثوري. وهو تغيير كبير في فكر الأخوان.

 

وفي الانتفاضة الثانية تغير أبو عمار الثائر (الذي حاول أن يظهر بمظهر الزعيم الوطني والذي يؤمن بالتسوية السلمية)، بالرئيس أبو مازن  الذي لا يؤمن إلا بالتسوية السلمية، وفي الانتفاضة الثالثة الحالية يظهر الفكر الشبابي متمثل بالشهيد الحي عمر العبد، الذي يعبر عن غالبية الشعب: "أن التسوية السلمية في ظل الاعتداء على المقدسات لا تجدي". ما اضطر القيادة إلى إعلان وقف كل الاتصالات بكل أشكالها، وهو تغيير كبير: من تنسيق أمني مقدس إلى وقف تمام لكل أشكال الاتصال مع الاحتلال. وحماس عرضت فورا المصالحة وقالت: "يدنا ممدودة للمصالحة..."، وهي تغيرات في سلوك القيادة تماشيا مع فكر الشباب الثائر.

 

منذ اندلاع الانتفاضة الثالثة في العام 2015م بدأت العمليات الفردية والمواجهات بين الشباب وجنود الاحتلال تتصاعد، ولم تتحرك الفصائل لإعطاء شهادة ميلاد للانتفاضة، ومواقفها لم تصل لحجم الحدث، فهذه انتفاضة لها شكل مختلف، وهي بلا شهادة ميلاد حتى اليوم. شباب القدس اليوم يقودون الشعب نحو مرحلة جديدة، فإذا استمرت الأحداث الحالية ستجبر الفصائل على اتخاذ مواقف جديدة. المواقف لا يمكن توقعها. وهي تحمل سيناريوهات متعددة:

 

الأول: تجر المنطقة لمواجه مفتوحة مع الاحتلال، وهي في ظل الوضع العربي (وخاصة مواقف الدول الرئيسة المنحازة ضد الفلسطينيين)، وفي ظل الصراع على الحكم والانقسام الفلسطيني، وفي ظل الانحياز الغربي والتفهم الأمريكي لمواقف إسرائيل، قد لا تكون نتائجه محمودة. وقد يؤدي إلا إطلاق يد إسرائيل كما تريد. والشاهد لم نسمع استنكار من الكثير من الدول العربية.

 

 والسيناريو الثاني: قد تؤدي لمصالحة وطنية يجبر عليها الطرفان (فتح وحماس) استجابة لنداء الشارع، وهو ما قد يغير شكل النظام السياسية في فلسطين. فحماس التي لم تدخل المعسكر الدولي حتى ألان، قد تصبح لاعبا أساسيا في المرحلة القادمة، فالتقارب في المفاهيم بين فتح وحماس صار كبيرا جدا، فالسلطة أعلنت وقف كل الاتصالات مع الاحتلال، وحماس غيرت ميثاقها إلى وثيقة جديدة يتشابه تماما مع المنظمة.

 

والسيناريو الثالث: قد تنتهي المرحلة بخنوع وقبول بإجراءات الاحتلال، ويصبح تقسيم المسجد الأقصى أمرا واقعا تقبل به الفصائل والسلطة، فالسلطة وحماس تخشيان انفلات الأمور التي قد تفقدهما الكثير من المصالح الحزبية المكتسبة. في هذه الحال يصبح حال المسجد الأقصى كحال الحرم الإبراهيمي، أمر واقع وقبول به مخرج. وقد لا تقف الأمور عند هذا الحد، بل تذهب إلى الحسم الديمغرافي في القدس وتغيير تركيبة السكان لصالح اليهود. فبقرار من الكنيست يصبح 200 ألف مقدسي يعيشون خلف الجدار خارج المعادلة السكانية، (على الأقل 120 ألف مقدسي يعيشون في قفر عقب، و30 ألف يعيشون في مخيم شعفاط يمكن إخراجهم من معادلة سكان القدس). بهذا يصبح الوجود الفلسطيني صاحب الأغلبية السكانية في القدس أقلية. ثم تتدخل المؤسسات الدولية لتحسين وضع الأقلية الفلسطيني، وتصبح القضية إنسانية بدلا من قضية احتلال. 

 

السيناريو الرابع: حل مؤقت تفرضه القدرة الصهيونية مستغلة حالة الضعف الفلسطينية، وهو ما تلمح له بعض الأوساط. حل في غزة بتحالف حماس ومحمد دحلان ودعم النظام الرسمي العربية، لتصبح الدولة في غزة، وهو ما يمكن تسويقه على أنه حل الدولتان. والضفة إمارات (كنتونات) تتبع لها أو تتبع المملكة الأردنية أو تتبع نظام عشائري حيث تدير كل عشيرة منطقتها من خلال صلاحيات أوسع للبلديات. وهذا حلا يرضي إسرائيل التي تتحول من دولة تابعة للاقتصاد الأمريكي لدولة مصدرة للنفط والغاز، الأمر الذي يتطلب هدوء في المنقطة لضمان وصول الغاز إلى أوروبا.

 

كل هذه السيناريوهات قابلة للتطبيق، ولكن المخطط المرسوم للمنطقة لا يعرفه إلا الله.