الخميس  28 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

آباء الانتصار الكثر وميزان الردع- بقلم: عصمت منصور

2017-07-29 11:00:03 AM
آباء الانتصار الكثر وميزان الردع- بقلم: عصمت منصور
عصمت منصور

 

لم يعد يُشكك بـ،  أو يختلف على أهمية الانتصار الذي تحقق في الاقصى، وان الشارع المقدسي الذي التفت حوله كل مكونات وطاقات الشعب الفلسطيني استطاع أن يمرغ انف الحكومة الاكثر فاشية وتطرفا في تاريخ إسرائيل وان يجبرها على التراجع دون أن يعطيها سلما أو صورة تحفظ ماء وجهها أمام جمهورها الذي ثار في وجهها.

 

هذا الانتصار الذي ظهر له عشرات الآباء والذي حاول الكثيرون أن ينسبوه لأنفسهم في مشهد هزلي زاد من جمالية هذا الانتصار وأكد نسبه الاصلي للشارع الذي وضع خطا أحمر من نار بدمه ودموعه وعرقه حول المسجد الأقصى والوضع القائم فيه، وضع خطا أحمر رادعا لمن يعدون صفقات القرن معا.

 

لن ننظم قصائد الغزل في هذا الانتصار(مع أنه يستحق) بل سنحاول أن نسلط الضوء على أهم إنجاز حققه وهو لا يتمثل في تراجع حكومة اليمين عن مخططها وانكفائها المذل في الاقصى أمام وقفة الشارع المقدسي الشجاعة، بل في ميزان الرعب الذي أوجده والردع الذي حققه وهو ما سيجعل حكومة الاحتلال تفكر ألف مرة وتعيد حساباتها قبل أن تقدم على أي خطوة تجاه الاقصى.

 

حكومة الاحتلال المكسورة والخائفة والجريحة تراجعت بسرعة، وتعلمت أن للقدس قوانينها الخاصة، ادوات قياسها الفريدة، وان حسابات القرار المتعلق بها تختلف عن حسابات السرايا، وتعلمت أن للقدس سقفا عاليا لا يجرؤ أحد على تجاوزه أو المرور من تحته.

 

الردع هو كلمة السر في استراتيجيات إسرائيل الامنية، وهو يعني امتلاك القوة التي لا تضطر لاستخدامها بل التي تجبر خصمك على عدم الاقدام على خطوة عدائية تجاهك، الردع هو تسريب ذلك الشعور للخصم بالخوف والدونية والتسليم بتفوقك، انك قد تضطر إلى استخدام هذه القوة مرة واحدة فقط ولكن هذه المرة قادرة على منحك الأمن والهدوء لسنوات طويلة وربما لعقود.

 

لكن ايضا وعلى أهمية وقوة الردع الذي تحقق في معركة الاقصى الأخيرة إلا أن قوة الردع بحاجة دائمة إلى رعاية وتجديد، اي ان السلاح الأساسي الذي حقق الردع يجب أن يشحذ وان تعاد صيانته وأن يبقى مشهورا في وجه الخصم، ولأن الشارع المقدسي والمؤسسات التي التفت حوله هي سلاح هذه المعركة وأدواتها فإن علينا أن نعتني بهذا الشارع وان نوفر له الإمكانيات والأدوات كي يبقى قادرا على تشكيل حالة الردع وميزان الرعب المتجسد فيه.

 

وهذا بالضبط هو دور الآباء الكثر الذي تبنوا الانتصار، هنا تكمن أهمية مساهمتهم في حفظ والبناء على هذا النصر، لان الشارع المقدسي مهمل، ودون مؤسسات أو دعم، الشارع المقدسي يعاني من يتم القيادة وفراغ الدور الرسمي العربي والإسلامي والفلسطيني، والرهان عليه وحده في معركة طويلة النفس ومواجهة ماراثون التهويد الذي تقوم به إسرائيل بشكل ممنهج يعتبر تنصلا من المسؤولية وهروبا من استحقاقات معركة القدس وليس فقط حماية للوضع القائم في الاقصى.