استبعد محللان سياسيان حدوث "هبة جماهيرية" أو "انتفاضة شعبية" في الضفة الغربية حاليا، على خلفية الانتهاكات الإسرائيلية بحق المسجد الأقصى، ومدينة القدس، مرجعين ذلك لـ "القبضة الأمنية لأجهزة السلطة الفلسطينية"، و"الأوضاع الاقتصادية الصعبة" في الضفة الغربية.
ويشهد المسجد الأقصى اقتحامات يومية لمجموعات يهودية، وأخرى لمسئولين إسرائيليين، ويشهد خلالها مواجهات مع المصلين وتشديدات أمنية في محيطه.
وكانت القوات الإسرائيلية، قد أغلقت بوابات المسجد الأقصى بشكل كامل قبل أيام، في سابقة خطيرة لم يشهدها المسجد منذ احتلال إسرائيل للقدس عام 1967، وقد أعقب هذا القرار مواجهات عنيفة في القدس ومناطق متفرقة بالضفة الغربية.
كما منعت أجهزة الأمن الفلسطينية في الأسابيع الماضية مسيرات خرجت نصرة للمسجد الأقصى من الوصول لنقاط التماس مع القوات الإسرائيلية، في عدة مناطق بالضفة الغربية، بحسب شهود عيان.
وتعقيبا على تلك التطورات، أجمع محللان، في تصريحات لوكالة الأناضول، على أن الشارع الفلسطيني بالضفة الغربية ليس مهيئا حاليا لقيام أي انتفاضة شعبية، نظرا للضغط الأمني الذي يعيش فيه المواطن في ظل التنسيق الأمني الجاري بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل.
فمن جانبه، قال أستاذ العلوم السياسية في جامعة النجاح الوطنية والمحلل السياسي عبد الستار قاسم إنه "لا وجود لانتفاضة ثالثة في الضفة الغربية، (يقصد حاليا) فالناس لا يملكون قوة دفع، وهم يشعرون بالضعف".
وأضاف قاسم للأناضول: "عبر السنوات الطويلة صُنع للناس هموماً خاصة، لم يعودوا مشغولين بالهم الوطني، فقد ألهونا خلال 20 عاما بقضايا المال والاستهلاك، وتحولت الثقافة الوطنية لثقافة استهلاكية، وبالتالي الوضع النفسي للناس غير مهيأ لعمل انتفاضة، وأكبر دليل ما حدث من إغلاق للمسجد الأقصى، وكيف كانت ردة الفعل بالضفة الغربية لا ترقى لمستوى الحدث".
ومضى قائلا: "لا يوجد حراك شعبي بالضفة، فهو محدود وضعيف، ومجمل السياسات التي حدثت منذ قدوم السلطة أدت لمثل هذه النتائج".
وتعقيبا على ما شهدته القدس من مواجهات عنيفة وإطلاق النار على الحاخام اليهودي المتطرف ايهودا غليك قبل أيام، قال عبد الستار قاسم، إن "ما حدث في القدس لا يكفي لإشعال انتفاضة بالضفة الغربية".
وأضاف "مشكلتنا منذ الحرب بغزة أن الحراك الشعبي آني ومحلي، في وقت الحدث ومكان الحدث، وليس خارج المكان أو خارج الزمان، الحراك يبقى في منطقة الحدث ولا يمتدد في الزمان والمكان".
ورأى قاسم أن "ما يمكن أن يدفع الناس للتحرك وإشعال فتيل الانتفاضة، هو إلغاء كل ما ترتب على اتفاقية أوسلو(الموقعة بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل عام 1993)".
وقال "ما دامت هذه الاتفاقيات موجودة سيبقى الناس في حالة خوف ورعب، لأنهم ملاحقون من قبل السلطة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي، لذلك يجب إلغاء كل ما جاءت به تلك الاتفاقيات التي لم تأت لنا سوى بالمساوئ".
وأضاف "ما أصبح به حال الفلسطينيين هو بفعل التنسيق الأمني (بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل)، الذي يصر عليه الرئيس ويعتبره مقدسا، كما أن تلك الاتفاقيات التي أبرمت مع الاحتلال هي السبب الأساسي في تخريب الشارع الفلسطيني وتخريب الثقافة والأخلاق الوطنية".
واتفق أستاذ الإعلام في جامعة النجاح الوطنية فريد أبو ضهير، مع قاسم، في استبعاد انفجار انتفاضة ثالثة في الضفة حاليا، مرجعا ذلك لعدة أسباب "أهمها الضبط الأمني في الضفة، خاصة وأن أعدادا كبيرة من النشطاء والمحركين للاحتجاجات معتقلون لدى الاحتلال".
ومن تلك الأسباب، حسب أبو ضهير، "الأوضاع الاقتصادية التي شغلت الكثير من الناس عن الاهتمام بالأمور السياسية والتطورات في المنطقة".
وقال أبو ضهير إن "المزيد من الضغط على الناس، وتعطل حياتهم، هو الذي يمكن أن يدفع لاندلاع انتفاضة ثالثة"، مضيفا:"هذا الأمر باعتقادي لم يحدث لغاية الآن، فرغم سوء الأوضاع بشكل عام، إلا أن الفرد لا يشعر بتهديد كبير لواقعه وحياته".