ترجمة الحدث- أحمد بعلوشة
نشرت صحيفة هآرتس الإسرائيلية مادة صحفية حول الفلسطينيين.
وفيما يلي المادة الصحفية مترجمة:
السؤال الثاني الأكثر شيوعاً بعد "أين فسلطين"، هو "أين غاندي فلسطين"؟، ويريد الأمريكيون أن يعرفوا لماذا لا يستخدم الفلسطينيون تكتيكات غير عنيفة لوضع حد لعقودهم مع القمع واستعمار أراضيهم.
هناك الكثير من الافتراضات التي تزرعها وسائل الإعلام التي تتحدث عن تمثيليات "الغاضبين العرب" فضلاً عن حملات ممولة لجماعات الضغط والمرتبطة بمراكز الفكر التي تصور الشرق الأوسط برمته كمنطقة غريبة ومليئة بالكراهية ضد الغرب المسيحي، والتي بشكل أو بآخر أظهرت أن الفلسطينيين عنيفون بالوراثة.
والحقيقة هي أنه إذا أعطيت جائزة نوبل للسلام لشعب بأكمله فيجب أن تذهب هذه الجائزة للشعب الفلسطيني، لأنه ما زال يضبط نفسه ويعزم على البقاء على قيد الحياة ويثابر من أجل بناء غد أفضل على الرغم من محاولات مسح هذه الجهود.
يجب أن يحصل هذا الشعب على جائزة، بعد أن تم وضع مليوني شخص عمداً في سجن كبير بلا غذاء ولا مال ولعقد كامل من الزمان، فيما تستمر أزمة الطاقة، وتستمر إسرائيل في سرد مبرراتها الأمنية للمعاناة التي يعيشها قطاع غزة.
أين هي الدول والهيئات المكلفة بدعم القانون الدولي والشرعية التي تطالب شعباً محتلاً بتنازلات أكثر وأكثر، والتفاوض من أجل ارتكاب جرائم حرب مشروعة، وتطبيع لوجود الاحتلال؟
والحقيقة أن كل فتاة صغيرة في الضفة الغربية تعبر حاجزاً للوصول إلى المدرسة هي فتاة مكافحة، وكل سجين يضع حياته على المحك في الإضراب عن الطعام هو مانديلا، وكل شخص يعيش في غزة اليوم في كل هذه الظروف المنزوعة الإنسانية.. هو غاندي فلسطين.
ما هو عدد الآلاف من سجادات الصلاة التي يجب أن تنتشر في شوارع القدس قبل أن يتم الاعتراف فقط بالمقاومة الفلسطينية السلمية، بل دعمها وتشجيعها؟. كم عدد الاحتجاجات الأسبوعية التي يجب إجراؤها في قرية بلعين وغيرها من القرى في الضفة الغربية؟ كم عدد الخيام السلمية التي يجب إقامتها وإزالتها في القدس والنقب؟
غير أن السؤال الحقيقي لا يتعلق بالقياس الكمي للاحتجاجات، وإنما يتعلق بضمان معرفة الآخرين بها.
هل لك أن تتخيل شخصاً يقضي 20 عاماً في السجن مثلاً لتنظيمه حملة مقاطعة؟
وهنا ينبغي أن يكون واضحاً لنا جميعاً أن معاقبة حرية التعبير هي أمر خاطئ لا محالة. ولا تكمن معاقبة حرية التعبير في القمع فقط، وإنما بتجاهل عدد كبير من الشبكات العالمية لما يحدث في القدس، حيث لم تغطي الشبكات الكبرى مثل سي إن إن وفوكس نيوز مئات وآلاف الفلسطينيين الذين كانوا يصلون في شوارع القدس خلال الأسبوع الماضي، احتجاجاً على محاولات إسرائيل الملتفة لممارسة سيادتها على الحرم الشريف، وهذه المحاولات التشريعية الشديدة من قبل المدافعين عن إسرائيل لإنهاء المقاومة السلمية هي محاولة لسحب الضوء عن القضايا الأساسية.
إن النشطاء في الحركة التقدمية يدركون تماماً كيف يتم قمع حرياتهم في إطار خدمة حماية الاحتلال الإسرائيلي. فعندما تنفذ شركات الطيران الأمريكية تشريعات إسرائيلية، فإنها تمنع مثلا المدافعين عن حقوق الإنسان من السفر إلى إسرائيل (بما في ذلك الأمريكيين اليهود) وكل هذا يأتي في إطار الحفاظ على شكل الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين.
ويتعين على الفلسطينيين ومؤيديهم أن يأملوا "ويصلوا في الشوارع" من أجل أن تواصل إسرائيل الكشف عن طبيعة قمعها ضدهم في الوقت الذي يواصلون هم فيه تكتيكات سلمية لإحياء العدالة وسيادة القانون وفاهم أفضل لأسباب وحلول الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.
ومن خلال ما يجري، فلا توجد طريقة أكثر قوة لفضح الظلم وتصحيح المفاهيم الخاطئة المرتبطة بهذا الظلم من يد المضطهد نفسه. غاندي ومارثن لوثر كينغ ومانديلا.. جميعهم يعرفون ذلك، والفلسطينيون أيضا يعرفون ذلك.